مينا زكري يكتب: "إحنا صغيرين قوي يا سيد".. شعارا للمرحلة

عاصفتان حربيتان تفصل بينهما ٢٥ سنة.. عاصفة الصحراء ١٩٩٠ وعاصفة الحزم ٢٠١٥.. كلاهما شهدتا مشاركة \”مصر\”، ولكن فيما بينهما وعبر السنين تغيرت مصر، فقدت مصر خلال السنين كثيرا من وزنها الإقليمي وتحولت قيادة تحالفات المنطقة من مصر إلى غيرها ممن تصفهم القيادة المصرية الحالية بـ \”أنصاف الدول\”! نعم تغير المشهد كثيرا بوجه عام وتغيرت توازنات القوى الإقليمية، بيد أن التغيير الأبرز هو ما طال وضع مصر ودورها وثقلها وحتى شكلها قدام الناس.

يتحسر المرء على مصر وحلاوة مصر وقوة مصر وتأثير مصر، وهو يشاهد على موقع يوتيوب ڤيديوهات القمة العربية عام ١٩٩٠ بعد غزو صدام للكويت واستنجاد دول الخليج – اللي عندهم فلوس زي الرز حسب تعبيرات قادتنا العسكريين- بمصر وقوتها العسكرية والدبلوماسية، وكيف كان يتعامل معهم الرئيس المخلوع مبارك بتعالٍ محمود وعجرفة بديعة باعتبارهم أنصاف دول فعلا وليس قولا و\”فنجرة بؤ\”.

كان أداء مبارك – ممثلا للدولة المصرية وقتها – أداء القوي المسيطر، يسخر من هذا ويُسكت ذاك ويحرج هؤلاء ويضغط على أولئك، بينما يجلس قادة دول الخليج وعلى رأسهم ملك السعودية غلابة محتاسين في مواجهة تهديدات الخطر العراقي الذي يهدد سلطتهم وسيادة دولهم وكل وجودهم.

كان مبارك وقتها قويا ولياقته الذهنية عالية، وكان مدركا أن الدولة المصرية بجيشها هي الوحيدة القادرة على حسم أي تحرك عسكري لتحرير الكويت وحماية السعودية. فحتى لو كان هذا التحرك تحت ظل تحالف عسكري دولي كانت مصر بالأساس من ستحسم الحرب البرية وهذا سببه بسيط وواضح، إنه إذا كانت دول الخليج عندها فلوس زي الرز فالدولة المصرية عندها أفراد زي الرز و\”مالهمش تمن\”، وهما دول اللي بتنزلهم في الحرب البرية يشيلوا الليلة ويعملوا \”الديرتي وورك\”، والدولة المصرية تاخد عرقها.. بس باحترام وتقدير وامتنان مقترن بنظرة انكسار وإحساس بالدونية في عين الممول.

تمر ٢٥ سنة ونجد أنفسنا اليوم في مشهد مختلف كثيرا.. مشهد صغرت فيه مصر كثيرا، وباتت تلهث ركضا وهرولةً في تبعيتها للشقيقة الكبرى السعودية.. السعودية التي أصبحت تتصدر قيادة المنطقة وبات نفوذها يتمدد وتقدم نفسها لأمريكا باعتبارها الحليف والشريك العربي الأقوى والأهم والأقدر.

لأسباب لا أستوعبها بوضوح يبدو أن هذا الوضع الإقليمي الذي تتصدر فيه السعودية القوية المشهد، وتتحول فيه مصر الضعيفة لتابع للسعودية أصبح وضعا مقبولا ومرحبا به أمريكيا، ومن ثم واضح أننا مكملين شوية حلوين في الوضع ده.

السعودية تعمدت تضرب اليمن قبل القمة العربية بتاعة السيسي حتى يكون واضحا أنها من يقود التحركات في المنطقة، وليس سواها، وأن زمن انتظار مباركة القاهرة قد ولى، وبالعكس القاهرة لو تحب تشارك وتاخد عرقها أهلا بيها بس كل واحد يعرف حجمه!

السعودية ضربت اليمن وحصدت دعما دوليا وإقليميا غير مسبوق، بينما ضربة القاهرة لليبيا غداة قتل داعش ليبيا لعشرات المصريين لم يجد دعما دوليا، ولا تأييدا كافيا إقليميا، واضطرت مصر للتوقف وقفل الملف!

والله ولا يوم من أيامك يا مبارك! صحيح أن في الحالتين مصر وقواتها المسلحة شغالة مقاول أنفار حروب بتعمل شغلها وتاخد عرقها، بس برضه الفرق كبير!

فين أيام ما كانت مصر دولة كبيرة محترمة تابعة للهيمنة الأمريكية وتحمي مصالحها وتحمي أمن إسرائيل وكده، والكل بيتعامل معاها باحترام حتى وهما بيشحَّتوها ويدوها معونات ويدوا رئيسها رشاوي وعمولات! بس برضه التبعية لأمريكا حاجة، والتبعية للسعودية وأنصاف الدول حاجة تانية يا جدعان!

بس الواحد برضه لازم يبقى إيجابي ويبص لنصف الكوب الممتلئ بالخراء.. لولا السيسي و\”ثورته الشعبية\” ضد الإخوان، كنّا مازلنا تابعين للشقيقة الكبرى قطر.. أهو قضا أخف من قضا يعني، ولعل التحول الإيجابي نسبيا هذا من التبعية لقطر إلى التبعية للسعودية، هو ما كان يقصده السيسي عندما وعد بأن مصر أم الدنيا هتكبر وتبقى قد الدوووووونيا! فعلا لو كده يبقى وعد فأوفى!

وبمناسبة الكلام عن قطر، هو آخر كلام دلوقتي إن قطر دولة معادية ولا صديقة؟!

خاتمة:

\”ده احنا صغيرين قوي يا سيد.

لا يا أمّه.. ماحناش صغيرين.. ده إحنا كبار قوي.. بس مش عارفين نشوف نفسنا.

ده أنا شيلت النكسة فوق دماغي سنين طويلة، ولفيت بيها البلاد لحد ما وقعت وانكسرت تحت رجليا، لكن ماكنتش عارفة إن فيه نكسة تانية مستخبية!\”

حوار من سكريبت فيلم \”اضحك الصورة تطلع حلوة\” للسيناريست وحيد حامد وأخرج الفيلم شريف عرفة.

 

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back To Top