مينا إيميل يكتب: هيبة الدولة.. يوم في حب مصر

يجب أن نبني هيبة الدولة ونحافظ عليها.. متفقين، لكن كيف تكون هيبة الدولة؟! متى سيأتي اليوم الذي نحب مصر فيه؟!
سؤالان شرعيان جراء تلك الأحداث التي نمر بها يوميا، لدرجة أصبحت من عاداتنا اليومية أن نسمع هذه الاخبار صباحا، لنطمئن أن كل شئ يسير بشكل طبيعي، فالموت وحده هو الذي يؤكد لنا أننا مازلنا على قيد الحياة، ولم يصبنا الدور هذه المرة فيتسنى لنا أن نبدأ يومنا.

هل هيبة الدولة فيما نراه من أسوار حولت أقسام شرطة، بل وحتى بعض النقاط الصغيرة لقلاع محصنة يحتمي من بداخلها، وكأنه يقول لمن بالخارج: ولعوا في بعض طالما الهيبة محصنة بالداخل؟!
هل هيبة الدولة في أسلحة مشهرة في وجوه المارة، بل وأحيانا لا تتوارى أو تفكر قبل أن تطلق نيرانها صوب حاملة ورود أو حاملي كروت دخول مبارة، لم يكن يعلم أنها الفاصلة في دوري حياته؟!
ما علاقة هيبة الدولة بالتعذيب؟ أو بركان الشتائم الثائر من فم نتن بالألفاظ لضابط، لم ينجح بعد في شئ في حياته سوى في استعمال لسلطاته على كل ما تطول يداه؟!

هل ما سبق سيحقق هيبة الدولة؟! هل هو ما سيجعل كل يوم في حياتنا هو يوم في حب مصر؟! أم نزولي مرغما يوم إجازتي لأذهب إلى أكثر مكان لا أريد الذهاب إليه، واختلق الحجة تلو الأخرى لاتخلص من عبء الذهاب إليه ولو ليوم واحد، وهذا هو اليوم الوحيد الذي لا أحتاج فيه إلى حجج لاستمتع بحياتي بعيداً عنه؛ فأجبر على الذهاب للمدرسة ليكون هو يوم في حب مصر؟!
للأسف أخال غير ذلك.

إجابة السؤالين تتمحور حول أسباب مشتركة أو واحدة فقط.. هيبة الدولة وحبها من هيبة أصغر مواطن فيها وحبها له، فلا هيبة لوطن يأخذ صاحبه فيه على قفاه من كل من هب ودب في شبكة السلطة، فلا يصح إطلاقا أن يضرب الخادم مخدومه أو بمعنى أدق، أن يضرب الخادم سيده.. نعم سيدي الحاكم بأمره في كل منصب وكل مكان.. هذا المواطن البسيط هو سيدك ومخدومك، فهو الذي يعطيك من قوت يومه راتبك ومكافآتك، بل وحتى رشوتك التي تعيش بهم في رغد الحياة على جثث ابنائه.
حب الوطن لن ياتي من ذهابي لمدرسة أو الرقص على الأغاني، فارقص مع الصعيدي ونادي على البورسعيدي كما شئت، واضحك وحب الوطن، لكنك ستلعن سلسفيله فور وقوفك في إشارات وطرق تضيع لك ربع يومك؛ وستلعن جدوده مع أول مشوار لمصلحة حكومية أو حتى أن يكسر عليك أحد مواطنيه دون إشارة أو سابق إنذار، وستندم على اليوم الذي فكرت فيه أن تبحث عن حق لك في أحد أقسامه أو محاكمه التي هي في خدمتك.

نعم مصر ليست كيانا علويا منفصلا عنك وعني، ويعلو شأنه كلما داس على رقابنا ولا يقتات إلا على دمائنا. لا وألف لا.

فمصر هي أنا وأنت وأبي وأمك وأخي وجارك وكل من حولنا، حتى المواطن البسيط جداً هو مصر.. حب الوطن من حبي لنفسي وحب أهله وحب من حولي لي.

اسأل من يحب الوطن لماذا تحبه؟!
فالإجابة ستكون لأنه تربى به وفيه أهله وأصحابه ومن يحب.. إذن فالوطن هو نحن ومن نحب ومن يحبنا.

يوم تحبني مصر سيكون هو نفس اليوم الذي أحب مصر فيه.. حب الوطن حب متبادل وليس حبا من طرف واحد، فحب الطرف الواحد مصيره الفشل دائما ويخنق صاحبه بنهايته، ومصيره تحطيم القلوب لعدم احتماله للأبد.
أما حب الوطن المتبادل، فهو الذي يدوم إلى الابد.

إلى كل مسؤل..
حب المواطن.. سيحب المواطن الوطن.
احترم المواطن.. سيحترم المواطن مصر.
هاب المواطن.. سيهاب المواطن الدولة.
حينها ستكون مصر ذات هيبة في أعيننا وفي أعين كل الأمم.
عندئذ سيكون يوم الخلاص.. يوم عودة هيبة الدولة.. يوم في حب مصر.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back To Top