منى يسري تكتب: ملحمة الحرية "شاوشانك".. أكثر من مجرد فيلم

(ما إن يدخل السجنَ إنسانُ فتسألُه ما بال سجنك؟ إلا قال: مظلوم!
وتذكر أن الأمل شئ طيب، بل هو أطيب الأشياء على الإطلاق.
والأشياء الطيبة أبدًا لا تموت)

هكذا زرع \”آندي دوفرين\” الذي دفع من عمره عشرين عامًا خلف قضبان سجن\”شاوشانك\” على جريمة اعتقد سهوًا أنه من ارتكبها، في نفس صديقه \”ريد\” العجوز الذي خرج من سجنه بعد 40 عامًا من حكم سجن مؤبد.
في استطراد بديع لقصه إنسانية تنسج خيوطها خلف قضبان السجن ولا تجد النور، أمتعنا Morgan Freeman بقراءة إنسانية عن نفوس مسلوبة الحرية خلف القضبان الحديدية.
The Shawshank Redemption أو \”وداعًا شاوشانك\”، يستعرض ما يمكن أن يحدثه السجن في النفس البشرية التى جبلت على حب الحرية.

أي دمار يمكن أن يفعله السجن بنفس إنسانية ارتكبت خطأً ما، أو لم ترتكب.. إنه دمار لن تفعله الحروب.

عندما تشعر بالعزلة ولا تفكر في شئ، فلا مستقبل، ولا حاضر، ولا خطط مستقبلية، لا عمل ولا عائله ولا أفكار تجول برأسك، فأنت إذًا على قيد الموت تحياه.
\”آندي دوفرين\”، الطير الذي لا يمكن أن يعيش بالقفص.
هكذا امتعنا \”مورجان فريمان\” باسترسال قصة صديقه الذي حفر للحرية عشرين عامًا.
دخل \”آندى\” السجن بحكم مؤبد على جريمة قتل لم يرتكبها، وبعد اكتشافه الخطأ الواقع، لا زال شعوره بالندم قائما.
الخيانة الزوجية أبشع جريمة أخلاقية يمكن أن يرتكبها أحدهم، ولكن في الشريعة الإنسانية لا جريمة بلا دوافع، لقد حمل \”آندي\” نفسه الحرة تلك الدوافع التى ألقت بزوجته في براثن الخيانة.

الجمود العاطفي وكبت المشاعر، أو العجز عن التعبير عنها.
تلك الكارثة التى تهدم النفوس وتقتل العواطف، جريمة أخلاقية أخرى تودي بقلوبنا إلى واد سحيق وتزرع فينا الكآبة التى لا تنتهي إلا بوقع جريمة إنسانية نفيق عليها، فنشعر أننا صرنا أشخاصًا آخرين، ونعجز عن التعرف على أنفسنا.
The Shawshank Redemption الذي احتل المرتبة الأولى في قائمة أفضل الأفلام العالمية على موقع IMDB
برغم تصويره داخل موقع واحد تقريبًا، وبرغم محدودية الأماكن والأشخاص والأحداث إلا أن إنسيابية القصة الإنسانية في سردها وتوق النفوس إلى الحرية، وبذل كل ما هو متاح، أحاط الفيلم ببريق لم يكن لغيره في أفلام السينا العالمية.

\”آندي دوفرين\”، الطير الذي لا يحبس، حفر الجدار على مدار 20 عامًا ليرى ضوء القمر ذات مساء على شاطئ البحر.

إنها التفاصيل الصغيرة التى تجسد حريتنا، والأفكار التى تتجول بعقولنا جيئة وذهابًا وحدها يقدر عليها الأحرار.
لم يهب \”آندي\” لنفسه فقط حياة جديدة، بل لصديقه \”ريد\” الذي تراجع عن الانتحار حين عجز عن الاندماج في الحياة خارج القضبان، التى يمكن أن تقيم انكسار نفوسنا وتلم شتات أرواحنا من جديد.

وفي عناق امتزجت به كل المشاعر معًا لتنتج عاطفة جديدة لا تشبه عواطف البشر العاديين، يتعانق \”آندي\” و\”ريد\” على شاطئ البحر، ونسمات الهواء تمنحهما أملًا جديدًا لم يكن لأحدهما أن يحياه دون الآخر، ليهمسا في صمت وأرواحهما تتنفس حرية \”وداعًا شاوشانك\”

ولعلنا ندرك أن: أقسى السجون وأمرها، تلك التي لا جدران لها.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back To Top