(1)
إحنا الجيل اللى اتربى على أنغام أن السعادة مش في المال، وأن الرضا أهم حاجة، حواديت أبلة فضيلة دايماً كانت بتقول إن \”الطحان الفقير كان سعيدا أكتر من السلطان بكتير\”، وكبرنا وعرفنا إننا اتربينا غلط، وإن كل دى كانت أقوالا مأثورة.
طلعت السعادة مرتبطة ارتباطا عاطفيا بالمال، وأن الطحان مش سعيد، ولا حاجة.. ده بيضحك من غلبه، وأن السلطان راجل أهبل علشان مش عارف يسعد نفسه وهو معاه مال.
(2)
مش عارفه ليه دايما الناس رابطة طلب المال بزوال نعمة تانية، أول ما تنطق بكلمة المال، تلاقى حنفية اتفتحت: \”قول الحمد لله.. صحتك وأولادك وجوازك والميكروويف اللي جبته من شهرين\”.. مش لازم على فكرة كل واحد معاه فلوس يبقى عنده شلل رباعى أو عقيم أو هيجيله تبول لا إرادى، عادى يعنى، نطلب كل النعم من صاحب النعم.
\”المال والبنون زينه الحياه الدنيا\”، الناس بتجرب كل الحلول بداية من الأعمال السفلية وزيارة المدافن إلى الحقن المجهرى واستئجار الأرحام، علشان تدوق نعمة البنون، ومحدش بيقولهم ﻷ، أو بيتعرض على سؤالهم نعمة تانية.
الناس بتجرى هنا وهناك علشان تحافظ على شعرها من التساقط، وتعمل عملية علشان تصحح نظرها.. محدش بيخوفهم ليه من حصرهم على المطالبة بنعمة اتحرموا منها، اشمعنى بقى في موضوع الفلوس!
تلاكيك يا افندم.
(3)
المال وجوده لا هيمنع مرض ولا هيأجل موت، ولا هيقف حائل ضد القدر، زيه زى الفقر بالظبط، لكن أكيد بيحل مشاكل.. تقدر تتعالج بدون طوابير انتظار في أماكن آدمية وتاخد رعايه بفلوسك، أهلك هيعرفوا يترحموا عليك بهدوء بدل ما يكونوا شايلين هم المصاريف بعدك.
تقدر تساعد ابنك إنه يتعلم تعليم كويس لو قدراته الذهنية كويسة، مش هتجيلك حسرة إن ابنك ناقص له ربع درجة على كلية طب، وإنت مش معاك تدخله تعليم خاص، وتراقب حلم ابنك وهو بيضيع قدام عينك.
ممكن تسيب خطيبتك علشان شخصيتها، أو عندك مشكلة مع أهلها، مش علشان مش قادر تجيب شقة أوضتين وصالة، وتفرشها، وفشلت تتعاقد مع رقاصة تحيي الفرح.
هتعرف تتفسح وتشوف الدنيا من غير ما تبقى عامل جمعية ومستنى واحد صاحبك يجيب أوفر بتاع شرم فى شهر أغسطس وتتسلق هناك على نار هادية.
الفلوس هتخليك هادى وأمّور، وتبان أصغر من سنك، ولو ماخلتكش، يبقى العيب فيك أنت يا برنس.
(4)
من الناحية الاقتصادية بقى، الدول الغنية هى اللي لها سيطرة ونفوذ على كل البلاد الشحاتة، هى اللي قادرة تحمى أرضها ومواطنيها، وتعمل أسلحة تصونها وتدمر كل اللي يفكر يهوب منها، وتحط صوابعها في عين التخين، واللي معاه فلوس بيجيب فلوس، واللي معاهوش بياخد قرض يذل بيه أجيال ورا أجيال.
الفلوس هى اللي هتخليك تستغل كل مواردك الطبيعه صح، وتطور منها بدل ما تصدر مواردك الخام وترجع تستوردها بأضعاف تمنها.
النوادى الرياضية الغنية، أو اللي عندها رعاة مبسوطين، هى اللي بتعرف تجيب لاعبية كويسين، وتتعاقد مع مدربين متميزين، ويبقى عندها إمكانيات تنمى رياضة ورياضيين، والدول الفقيرة بتمّوت إمكانيات أجيال كاملة.
كل العربيات هتوصلك لسكتك في النهاية، لكن إزاى وفي وقت أد إيه وحالتك دى تفرق حسب إمكانيات العربيه اللى هي برضه فلوس.
(5)
الناس بقى بتوع (حرام).. نبص بقى للمسلمين الأوائل، هنلاقى إن اللي اترحموا من التعذيب، كانوا الأغنياء، والفقراء كانوا بيتلسوعوا على الرمل شايلين الحجارة، وصاحوا وجالوا \”أحد أحد\”.
إمكانيات سيدنا أبو بكر هى اللي عتقت كتير من العبيد وحررتهم، فلوس سيدنا عثمان هى اللي اشترت بئر رومه، ورحمت ناس كتير من العطش، فلوس سيدنا عثمان برضه هى اللي جهزت جيش العسرة في غزوة اليرموك.. شعب أبى طالب استحمل 3 سنوات، كل الإمدادات اللي كانت بتدخله كانت من أغنياء المسلمين.
غزوة بدر ذات نفسها كانت علشان المال، مش علشان أي دافع دينى خالص.
(6)
معاكم تماماً إن الفلوس مش بتشترى الحب ولا الأمان ولا الحنية، لكن لازم أنتوا كمان تقتنعوا إن الفقر برضه مش بيشترى الحاجات دى.. الحاجات دى قدر بلا أسباب منطقية.
الفلوس مهمة يا جماعة، ومش عيب نطلبها من الله، ربنا مش محدد رقم معين من النعم لو إدانا واحدة لازم ياخد واحدة تانية.
لنا في رسول الله عليه الصلاة والسلام أسوة حسنة، وكان يتعوذ من الفقر.