منذر فؤاد يكتب: إلى صديقي الذي لن أراه مرة أخرى

أواب طارق شاب عشريني وقبل أن يكون زميلي في قسم الإعلام، فهو ابن قريتي الذي أعتز به كثيرًا كشاب طموح قرر خوض معركة غير متكافئة مع ميليشيات الحوثي وصالح.

سلاحه فيها كاميرته، في مقابل دبابات وقناصة وألغام وأشياء أخری من أدوات الموت المقترن بسلم الرقي نحو عالم آخر لا يعرف الظلم ولا يرضى بإزهاق الأرواح دون ذنب يذكر.
الجمعة الماضية حملت في ثنايها صدمة لي ولزملائي وللوسط الصحفي والإعلامي في تعز، باستشهاد الزميل أواب جراء تفجير مبنی ملغوم فخخته ميليشيات الحوثي وصالح خلال تواجده شرقي المدينة لتوثيق المعارك الدائرة، وتصوير حجم الدمار الذي طال كل شيء، لكن سرعان ما تحوّل أواب إلی ضحية جديدة وقصة مؤلمة توثق لحقد الميليشيات ضد حاملي الأقلام والكاميرات.
مع بداية العدوان العسكري الذي شنته قوات صالح والحوثي على تعز، كان أواب شاب يدرس في قسم الإعلام جامعة تعز، ومع توقف الدراسة جراء الحرب أخذ أواب كاميرته وقرر نقل معاناة مدينته لعالم منافق لا يؤمن إلا بلغة القوة، ولا يعترف بصيحات المستضعفين في هذه الأرض.
أوب شاب طموح كغيره من ملايين الشباب في الوطن العربي والإسلامي الذين كانوا يحلمون بوطن يسوده السلام يمنحهم حق الحياة الآمنة ليواصلوا تعليمهم الجامعي، ويخدموا أوطانهم، لكن الحرب التي فرضتها الأنظمة الديكتاتورية على الشعوب وتطلعاتها، قضت على أحلام الجميع، واتسعت لقصص المآسي التي لا تنتهي وتتجدد كل يوم في أكثر من مدينة عربية.
نجحت الميليشيات في تفخيخ منازل المواطنين وزرع الألغام في طرقاتهم وأحيائهم في أكثر من منطقة، وقبل ذلك تفخيخ عناصرها الذين ترسلهم لقتل الأبرياء والمدنيين على وقع شعار\”الموت لأمريكا وإسرائيل أيضًا\”، وذلك لا يعني سوی أن المستقبل الذي ينشده اليمنيون مفخخ ولا مجال لتأمينه إلا بإزالة الألغام التي تقف في طريقه، أو تفكيكها ما أمكن، وهي مهمة صعبة للغاية، وتحتاج وقتًا طويلًا للشروع بها وإنجازها كما ينبغي.
عمارة مفخخة كانت بداية الحياة الحقيقية للشهيد الصحفي والزميل أواب الزبيري، ومازالت هناك بنايات مفخخة تنذر بمآسٍ جديدة لا نقوى علی احتمالها.

لدي الكثير لأقوله لك يا صديقي الراحل، لأن كلمات كهذه لا تكفي لارتقائك، سأدعو الله لك سرًا وستحدثك روحي أنك لم ترحل، الرحمة لك يا صديقي في زمن الموت الذي نتمناه لنحيا سعداء، لن تهزم قضية حق بذلت في سبيلها دمك وإنا لمنتصرون.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back To Top