قرأت خبرا حول خرائط جوجل وكيف قد محت الـ pin التابع لدولة فلسطين من وجهتها، ولكنها أبقت الـ pin التابع لإسرائيل المحتلة.
دخلت على google maps لأتأكد من صحة الكلام بنفسي. وتاكدت.. لم أجد كلمة فلسطين على الخريطة.
كنت أظن فيما سبق أن مثل تلك الخطوات غير مجدية وغير مؤثرة على القضية، ولكن أصبحت الآن على يقين تام أن تلك الكناية الملموسة عن محو دولة فلسطين من على خارطة العالم ما هي إلا إنعكاس لواقع يتحقق تدريجيا.
أتصور أننا آخر الأجيال متابعة أو تأثرا بالقضية الفلسطينية.. للحظة تخيلت أجيالا قادمة لا علم لها إلا ما تراه من خرائط العصر الحديث؟ وقضايا العصر الحديث.
تذكرت الخلاف البائت حول تيران وصنافير وكيف كانت تلك الخرائط هي مصدر استنادنا الأول وقبل كل شئ.
خرائط العالم الغربي تقولها بوضوح: تيران وصنافير مصرية.
ماذا عن فلسطين؟ تلك الدولة التي يكبر عمر الجدة والجد فيها عمر دويلة كاملة قامت باحتلالها والسطو عليها.
هل حقا سيجئ اليوم الذي نعجز فيه عن إثبات نسب الأرض لأصحابها؟ كم هي غير منصفة، تلك الحرب الناعمة.. حرب العصر الحديث، التي لا تحسم بالشجاعة، والحق، والمثابرة، والكفاح والتحمل والتضحية بالروح والضنا.
حرب اليوم، التي تحسمها ضغطة زر وشاشات صغيرة وأجيال مشتتة.
لا أعرف إن كان هذا هو الحديث عن المؤامرة التي سأمناه من قبل، ولا أعرف إن كان هذا الأمر يعني الخسارة الحتمية، أم أنني جاهلة بتاريخ صمود تلك الدولة المعافرة التي أصرت على الوجود برغم أدنى وأشرس الحروب على مدار التاريخ.
أشعر بغصة في حلقي وصدري مصحوبة بانكسار وعجز تام، وأنا جالسة خلف شاشة الـ iphone لدي، أنشر مخاوفي على فيس بوك، واستند بكلامي على جوجل، كدمية تحركها بضعة خيوط ملموسة، تماما كتلك المرارة التي شعرت بها وأنا أرو حقائق ثورة ٢٥ يناير تُزيف أمام عيني، حقيقة تلو الأخرى.
ثم تذكرت، أنني لم أتعلم عن الصراع الفلسطيني من الخرائط، بل من القصص التي قصها عليّ والدي وأنا طفلة، ومن الأغاني والأوبريتات التي تغنيت بها في صغري، وانتقدت ركاكتها في شبابي، ومن تلك المشاهد في الأفلام التي وصفتها بالابتذال من قبل.. هكذا تعلمت عن القضية في طفولتي.
دعونا نغني للأرض، ونكتب لها وعنها، دعونا نرسمها ونحكي عنها قصصا، دعونا ننشر لها صورا ونرقص بين أترابها رقصة تلو الأخرى.
دعونا نتحدث بلغة الفنون عن مصر وفلسطين وسوريا والعراق وليبيا واليمن و….
لعل الفن هو السلاح ذو النفس الأطول، والأرقى، والوحيد الذي سيبقى بعد أن تمحونا الخرائط.