300 كلمة مع ماجدة خير الله:
كانت بداية مسلسل \”30 يوم\” تُبشر بالخير، وخاصة أن السيناريو الذى كتبه مصطفى جمال هاشم، عن فكرة أو تصور درامى لأحمد شوقى، قفز إلى قلب الصراع دون أن يستهلك زمنا فى تقديم الشخصيات والتعريف بها. إننا أمام تحدٍ سافر، من رجل غامض\”توفيق المصرى\” أو باسل الخياط، الذى يعرض على دكتور الأمراض النفسية الشهير طارق \”آسر ياسين\” تجربة تستغرق ثلاثين يوما، يواجه فى كل يوم منها أزمة أو مصيبة قد يخرج منها بأمان وقد يخسر فيها أحد المقربين منه، أو يخسر نفسه. المهم أن تلك التجربة سوف تجعله يخلع رغم أنفه كل الأقنعة التى كان يُخفى بها وجهه الحقيقى، عن نفسه وعن الآخرين.
اهتم السيناريو برسم شخصية الزائر الغامض، بحيث يثير خيال وفضول المشاهد، فقد تعتقد أنه شيطان مثل \”ونوس\”، أو ضمير دكتور طارق وقد تمثل له فى صورة توفيق \”باسل خياط\” الذى استيقظ ليعاقبه على كل ما اقترفه فى حق الآخرين دون عقاب، وقد تعتقد أن ما يحدث مجرد هلوسة لشخص كان يعالج فى يوم من تأثير المخدرات، وقد يكون توفيق هو قريب لأحد ضحايا الطبيب طارق وعاد لينتقم، وقد يكون منفذا لخطة مع الضابط \”وليد فواز\” صديق آسر ياسين الذى يعرف عنه الكثير ويريد أن يكشفه، وقد وقد… كل الاحتمالات واردة وممكنة، وقد تكون الحكاية بعيدة عن كل هذا. المهم أننا فى الحلقات الأولى عشنا فى أجواء إثارة وترقب وإعجاب شديد بأسلوب سيطرة توفيق على حياة طارق، ولكن مع استمرار تقدم الحلقات بدا الأمر وكأن باسل الخياط لاعب كرة يجرى فى الملعب بمفرده ويسدد أهدافا بدون أى مقاومة، لأن كل لاعبي الفريق المنافس أصبحوا مثل مشاهدى المسلسل مُجرد متفرجين! فآسر ياسين يتلقى الصفعات الواحدة تلو الأخرى ويكتفى بالصراخ والولولة أو صمت العاجز، دون أن يحاول تخمين السبب أو الأسباب التى دعت إلى ظهور توفيق فى حياته، إنه مجرد رد فعل لما يفعله توفيق، ولم يحدث ولو مرة واحدة أن استطاع أن ينقذ نفسه أو يمنع كارثة قبل حدوثها، وكأنه فى مواجهة قدر لا مفر منه، ولذلك بدأ الصراع يخفت ويقل توهجًا، لأن أى صراع درامى أو غير درامى لابد له من قوتين متكافئتين أو أقرب للتكافؤ! ولهذا أصبح الأمر مضحكًا كما يحدث فى إعلانات الحديد عندما يتوعد الملاكم خصمه، ويدعى أنه سوف يقضى عليه، ولكنه مع أول لكمة يتلقاها من الخصم يسقط فى حلبة الملاكمة دون أى مقاومة!
كثرة الحوار وتوضيح ما هو واضح من أكثر سوءات المسلسل، فشخصية توفيق المصرى تضطر لتوضيح ما يحدث مع دكتور طارق فى جمل طويلة جدا، بمعنى أنه يخبره أنه فى اليوم الأول رفض أن يحقن المرأة التى أرسلها له توفيق بالسم، حتى يسترد طفلته، لكن رد فعله بعد ذلك تغير فى التجارب التالية وأصبح أكثر ميلا واستعدادًا للتضحية بأى شخص ليقلل خسائره.
باسل خياط حاول منح الشخصية بعض السمات الخاصة ليبعد بها عن مواصفات الشرير التقليدى، مع ملاحظة أنه يرتدى اللون الأسود بشكل دائم، ويعيش مع موسيقى لويس آرمسترونج أشهر عازفى الجاز فى سنوات الخمسينيات، ويتصرف أحيانا كرجل جنتلمان وأحيانا تبدو عليه القسوة.
أما آسر ياسين فرغم اجتهاده، إلا أن طبيعة الدور لم تمنحه فرصة لتلوين أسلوب أدائه، فهو ينفعل بشدة أو يستكين نهائيا.
ربما تكون نجلاء بدر أكثر حظا وهى تلعب شخصية مليئة بالمتغيرات والإنقلابات الدرامية وقد قدمتها بحرفة وتمكن واضح.
كلما اقتربنا من نقطة النهاية يزداد الإحساس بالقلق والارتباك من أن تأتى النهاية محبطة لتفسد تماما متعة ما تابعناه فى الحلقات الأولى.