300 كلمة مع ماجدة خير الله:
إذا كانت مائدة رمضان الدرامية تحوى عددا ضخما من الأعمال الفنية متباينة المستوى، فإن مسلسل \”رمضان كريم\” هو الكنافة والقطايف والجوز واللوز والكاجو كمان، فهو يمنحك فائضا من الطاقة الإيجابية المبهجة التى تستمر معك حتى موعد الحلقة القادمة.
المسلسل عن سيناريو لأحمد عبدالله وإخراج سامح عبد العزيز، وبطولة حشد من النجوم المخضرمين والشباب، مما يطمئنك على أن مصر لازالت بخير -على الأقل- فيما يخص قوتها الناعمة من مبدعين فى مجالات مختلفة.
المسلسل لا يقدم دراما بشكلها التقليدى، فلا توجد نقطة هجوم ولا أزمة تنتظر بعدها الحل، ولا غموض ولا أسئله بدون إجابات، ولكن أحداثه أقرب ليوميات فى حارة شعبية مصرية خلال شهر رمضان، حيث نتابع حركة دؤوبة لا تهدأ ليلا ولا نهارا.
ونتعرف على الشخصيات الأساسية وهى مجموعة من العائلات تعيش فى نفس الحارة وتربطها علاقة قربى أو علاقة جيران.
سيد رجب وهو موظف محترم وقور ضميره يقظ دائما، لا يقبل الرشوة ولا يتغاضى عن أى انحراف، حتى لو أتى ضد مصلحته، وهو لا يزال يصر على أن يلعب دور المسحراتى، رغم سخرية ابنته المتمردة روبى.
وفى مشهد جميل قدمه المخرج سامح عبد العزيز بحرفة مستخدما حركة دائرية للكاميرا، يتساءل المسحراتى إذا كان الناس مستيقظين حتى بعد الفجر، أومال أنا باسحر مين؟
وكأنه أدرك دوره الذى خُلق من أجله فى الحياة، فأردف قائلا: \”إن الناس فى غفلة ويمكن صوت الطبلة يصحيهم\”.
محمود الجندى هو الشقيق الأكبر لسيد رجب، وهو رجل متدين ولكن إصراره على أن يقوم بالآذان رغم رداءة صوته يخلق مشاكل ويضعه فى حرج خصوصا بعد أن قام \”محمد لطفى\” بقطع سلك الميكروفون أثناء الآذان حتى يتخلص من الإزعاج الذى يسببه صوت محمود الجندى المتحشرج.
مشكله نساء الحارة تكمن فى ستر البنات بالزواج. حالة من الترابط رغم الخلافات والاختلافات والشجار اليومى الذى لا يستغرق إلا دقائق، تعود بعدها الأمور لسابق عهدها. مواقف تخلع القلب تنتهى بالتسليم بإراده الله، مثل مشهد احتراق طقم الأنتريه الجديد، الذى كان من أول القطع فى جهاز ريهام عبد الغفور، ثم تحول إلى قطعة رماد نتيجة رقص شباب الحارة بالشماريخ تحية للأنتريه وأصحابه.
المسلسل لا يحاكم شخصياته على عدم التزامهم الدينى أو حتى على نفاقهم وادعائهم الصيام أمام الآخرين، إنه يقدمهم فقط باعتبار أنهم يشكلون نسبة غير قليلة، وأن النفاق الاجتماعي أصبح سمة فى المجتمع باختلاف طبقاته.
وفى تلك الأجواء الرمضانية حيث ينشغل الناس بما سوف يأكلونه على الإفطار، نتابع تفاصيل موائد الرحمن التى يشارك فيها أهل الحارة، أو سهرات رمضان التى تقام فى الخيام، وتصبح الفرصة سانحة لسماع بعض الأغانى الشعبية لأحمد عدوية ومحمود الليثى. وتبدو هنا حرفة المؤلف فى نسج حكايات طريفة ومواقف لا تنتهى من أمور تبدو عادية كاستقبال عريس يتقدم لروبى، أو عريس آخر يتقدم لسهر الصايغ فى موقف معقد ومتشابك، حيث تكتشف الفتاة أن الشاب الذى كانت تعتبره عريس الأحلام، يعانى من عرج فى إحدى قدميه، مما يُصيبها بصدمة لم تستطع أن تخفيها.
المشهد مؤثر وقد قدمته سهر الصايغ بمشاعر صادقة تعبر ليس فقط عن الصدمة، ولكن عن الإحساس بالذنب أيضا خوفًا من أن تكون قد جرحت الشاب برد فعلها.
أما محمد مهران الذى لعب دور العريس، فلم أتوقع أن يكون قد تطور فنيًا إلى هذه الدرجة، فقد استطاع أن يعبر بصمته عن الشعور بالمهانة والإنكسار، وطبعا كانت نظرات أم العروس سلوى محمد علي تعبر عن صدمة مكتومة أعجزتها عن النطق.
نجوم المسلسل جميعا وبدون استثناء -ولكن بدرجات متفاوتة- فى حالة ألق يندر أن تجتمع فى عمل واحد.