300 كلمة مع ماجدة خير الله:
فى كل مناقشة عن سوء أحوال السينما أو المسلسلات المصرية، ينبري البعض ويقول وكأنه \”جاب التايهة\”: المشكلة فى عدم الاستعانة بالأدب! ويستطرد: شوف أيام مجد السينما، كان فيه أفلام مأخوذة عن أدب نجيب محفوظ ويوسف السباعي، وإحسان عبد القدوس ويوسف إدريس إلخ. ولكن هذا الذى انبرى لم يلحظ أن كثيرا من الأفلام المأخوذة عن روايات لم تحقق أي نجاح على المستويين الفنى والتجارى، وخد عندك \”عصر الحب\” لنجيب محفوظ و\”المطارد\”، \”وسقطت فى بحر العسل\” وا\”لكداب\”، وعشرات غيرها لم يشفع لها كونها مأخوذة من أعمال أدبية ناجحة ومميزة.
عمر السينما المصرية مائة وعشرين عاما تقريبا، ولم نستوعب حتى الآن أن الُمنتج الأدبى \”قصة أو رواية\” شيء، والسيناريو السينمائى شيء آخر تماما، وعند عمل فيلم سينمائى أو تليفزيونى فإن مقياس الجودة يعود للسيناريو سواء كان مأخوذا عن عمل أدبي أو مكتوبا خصيصا للسينما، وقد حسمت أكاديمية علوم وفنون السينما التى تمنح جوائز الأوسكار هذا الأمر، وخصصت جائزة سيناريو للفيلم المأخوذ عن رواية، وجائزة أخرى للسيناريو المكتوب خصيصا للسينما.
طبعا معظم مشاهدى التليفزيون وأنا منهم كانوا يتلهفون لمشاهدة مسلسل \”لا تطفىء الشمس\”، المأخوذ عن قصة إحسان عبد القدوس التى كتبها فى بداية الستينيات، وتحولت إلى عمل سينمائى إخراج صلاح أبو سيف ثم تحولت إلى عمل تليفزيونى بعدها بأقل من عشرة سنوات من إخراج نور الدمرداش وحقق أيضا نجاحا كبيرا.
لست من أنصار أن العمل الفنى زي عود الكبريت مايتعملش إلا مرة واحدة، لأن هناك اجتهادات كثيرة ورؤى فنية ممكن تضاف لنفس العمل عند إعادته، ولكن المهم ما الذى يمكن أن تضيفه، فى حالة \”لا تطفىء الشمس\” قرر صاحب الرؤية الفنية تامر حبيب والمخرج شاكر محمد خضير أن ينقلا زمن الأحداث من الستينيات إلى الوقت الحالى، يعنى هناك فرق ستين عاما، اختلف فيها منطق العلاقات الأسرية والاجتماعية، وكان الأجدر بتامر حبيب وفريق العمل أن يدرس ما الذي أراده إحسان عبد القدوس من الرواية ومن الشخصيات.
إذا قرأت الرواية أو سبق وشاهدت الفيلم، فسوف تكتشف أننا أمام عائلة محافظة.. الأم أرملة مات عنها زوجها وترك لها خمسة من الأبناء يقوم الخال \”شقيق الأم\” بتدبير أمور حياتهم والسيطرة على مقدراتهم، حتى إن الأخ الأكبر أصبح مهتز الشخصية لأنه غير قادر على أن يكون بديلا عن الأب ولا منافسا لدور الخال فى قدرته على السيطرة.
واسم الرواية \”لا تطفىء الشمس\” كناية على أن الأبناء فى حاجة إلى شعاع الشمس الذى ترمز للحرية، بدلا من القيود التى تحدد مصير كل منهم وتمنع انطلاقه، ولكن بذمتك، هل تلك العائلة التى نتابعها يعانى أفرادها من أى قيود أو حرمان؟! الأم ما شاء الله ربنا بعت لها حبيب من حيث لا تدرى، كان فى انتظار موت زوجها بقى له تلاتين سنة، وما صدق الراجل مات، الشقيقة الكبرى ريهام عبد الغفور مالهاش أى مشكلة فهى جميلة ومتفوقة دراسيا، عكس نفس الشخصية فى الرواية والفيلم، فقد كانت أقل حظا من الجمال عن شقيقتيها، وهو الأمر الذى جعلها تفقد الثقة فى نفسها، ولكن ريهام مشكلتها إيه؟ ولماذا تكره شقيقتيها؟ بل إنها ترتكب فعلا يتسم بالخسة وهى تعرف أن شقيقتها الصغرى جميلة عوض على علاقة بأستاذها وتصمت إلى أن تختلف مع جميلة فتقوم بإبلاغ زوجة الأستاذ فتحى عبد الوهاب، فيه وساخة أكتر من كده؟!
طبعا فى الرواية والفيلم لم يكن الأمر كذلك، ثم إن الأخ الأكبر أيضا معندوش مشكلة، فهو لا يهتم بأشقائه ولا يمارس عليهم أي سلطة، ولا يمكن أن نتصور أن الخال زكى فطين عبد الوهاب ممكن أن يخّوف أو يرهب أي حد، ده راجل ماشى بقدرة ربنا.
أما الشقيقة الوسطى أمينة خليل فهى على علاقة بشاب أقل منها اجتماعيا وقررت أن تتخلى عنه أول ما زارت بيته واكتشفت أنه يقضى حاجته فى \”الكنيف\” البلدى، فقرفت منه وقررت تخلع! طيب إيه باقى من ملامح الرواية؟! ومافتكرش إن أى فرد فى هذه العائلة يمكن ان يطمح فى مزيد من الحرية، فالشمس عندهم مولعة ع الآخر!
كلمة أخيرة: طريقة نطق جميلة عوض فى حاجة الى تدريب، لأن معظم كلماتها غير واضحة، وكأنها تسقط من فمها رغمًا عنها!