300 كلمة مع ماجدة خير الله:
ممكن أن ينجح الفنان فى أداء نوعية من الأدوار تتفق مع إمكانياته أو مهاراته واستعداده الشخصى ويظل مُخلصًا لهذا النوع، ومع ذلك لا يتهم بالتكرار، لأن داخل كل نوعية من الفنون مساحات عريضة لتلوين الأداء والموضوعات، فالممثل الأمريكى الراحل \”جون واين\” -مثلا- ظل مخلصًا لأفلام الويستيرن أو \”رعاة البقر\”، حتى أطلقوا عليه لقب الدوق، كما كان فريد أستير وجين كيلى من أشد المخلصين للأفلام الإستعراضية، وتحت لافتة الاستعراض شاهدنا عشرات الأفلام الناجحة التى أصبحت علامات فى تاريخ السينما العالمية، دون إتهام صناعها بالتكرار، نظرا لتلون الأداء وتطوير فن الاستعراض بما يتناسب مع مهارات وموهبة من يقدمونه، وعندنا فى السينما المصرية عشرات الأمثلة، لنجوم أخلصوا لنوع واحد من السينما \”كوميديا – أكشن – استعراض\”، ولكن هذا لم يمنع قدرتهم على الابتكار والتجديد داخل نفس النوعية، ويبدو أن \”أمير كرارة\” استقر عند الأدوار التى يمكن تصنيفها بالحركة والأكشن والتشويق، ويرى فيها نجاحه، ويستعرض فيها قدراته ومهاراته، ورغم أن ما قدمه من مسلسلات لم يكن على نفس الدرجة من الجودة والنجاح، إلا أنه كان من المرونة التى جعلته يدرك أن هناك حتمية لتغيير بعض العناصر التى سبق له النجاح من خلالها.
هذا العام يقدم أمير كرارة واحدًا من أنجح مسلسلات الحركة والتشويق \”كلابش\”، كتب له السيناريو \”باهر دويدار\” وأخرجه \”بيتر ميمى\” الذى يبدو فى أفضل حالاته، وكأنه شخص آخر غير من قدم لنا \”الأب الروحى\”، و\”القرد بيتكلم\”.. هنا نحن أمام نص محكم، يبدأ بنقطة تشويق ولا يتوقف عن المفاجآت مع كل حلقة، وربما كل مشهد.
يبدو المسلسل وكأنه محاولة لتبرئة ساحة ضباط الشرطة من تهمة العُنف وإلصاقها بأمناء الشرطة، الذين يعملون وكأنهم دولة داخل الدولة، تحركهم مجموعة من أصحاب السلطة والنفوذ لتصفية خصومهم.
الشخصية المحورية \”سليم الأنصارى\” أمير كرارة، وهو ضابط شرطة شديد المهارة والذكاء واللياقة أيضا، ولكنه اشتهر بالعنف والصرامة والشك فى كل من حوله، ورغم حرصه الشديد إلا أنه يقع ضحية مؤامرة خسيسة يدبرها له رجل أعمال شهير \”أحمد صيام\” ومحامٍ منحرف \”طارق النهرى\” وعضو مجلس شعب فاسد \”محمد مرزبان\”، حيث يتهم بتعذيب شاب حتى الموت، رغم أن الفاعل هو أمين شرطة \”زناتى\” أو دياب، وهو ممثل جيد له حضور، وسوف يكون له مستقبل فى أدوار الشر بأنواعها.
قبل نقله إلى السجن، يتمكن الضابط سليم الأنصاري من الهرب مع متهم آخر \”محمد لطفى\”، بعد وضع أصفاد أو كلابش فى أيديهما، مما يحتم هربهما معا وربط مصير كل منهما بالآخر، كى يثبت براءته، من خلال أحداث متصاعدة ومتشابكة تم تقديمها بعناية وحنكة، ولعبت الإضاءة دورًا واضحا فى تصعيد الحدث، خاصة فى الغرف المغلقة فى قسم الشرطة، مع حركة الكاميرا فى الممرات الضيقة الخانقة، حيث تجرى عمليات التعذيب حتى الموت بدون استخدام كليشيهات تقليدية، من الشخصيات المؤثرة فى الحدث.. محمود البزاوى فى دور ضابط المباحث \”صلاح الطوخى\” المنوط به البحث عن الضابط الهارب سليم الأنصاري، دون الاهتمام بقضية كونه بريئا أم مذنباُ، وهو ما يذكرنا بشخصية \”تومى لى جونز\” فى فيلم \”الهارب\” بطولة هاريسون فورد، ويقدم مراد مكرم شخصية نائب بمجلس الشعب يستخدم نفوذه لقلب الرأي العام على سليم الأنصارى، وقد لعب الدور بسلاسة ونعومة ماكرة، بعيدا عن الشكل النمطى للشرير.
أما ريم مصطفى، فهى صاحبة حضور وموهبة قابله للنضج، محمد لطفى لديه قدرة هائلة على التلون والانتقال بحرفة بين شخصية وأخرى، وهو هنا تمرجى فى مستشفى يتهم ظلما بالاتجار فى المواد المُخدرة التى بعهدته، ويفشل فى إثبات براءته ويستسلم لقدره، حتى يلتقى بسليم الأنصارى الذى يكون وسيلته للهرب.
تصميم تترات المسلسل لمحمود رخا، يدخلنا لعالم الغموض والإثارة دون أن يقدم لقطات تحرق أحداث المسلسل، وتساعده موسيقى محمد مدحت لتمنح التتر تميزه.
يكاد المسلسل أن يخلو من المط والتطويل إلا فيما ندر، ولكن مونتاج أحمد حمدى يحافظ على الإيقاع العام ويرفع من درجة التشويق والإثارة المناسبة لتلك النوعية من الأعمال الدرامية.