مع ماجدة خير الله: في رمضان.. الحر من ورائكم والإعلانات أمامكم

 

300 كلمة مع ماجدة خير الله:

المشقة فى رمضان لها أوجه كثيرة، ليس أقساها الجوع والعطش وحرارة الجو ومحاولة ضبط النفس حتى لا يتورط الصائم فى الشتائم والسخائم ردًا على سخافات وغلظة الآخرين، أما الصبر على الإعلانات فهو الجهاد الاعظم، فقد تحول الشهر الكريم إلى طوفان من الإعلانات تحاصرك فى الشارع، وفى الإذاعة والتليفزيون وتقطع عليك متعة متابعة أي مسلسل حتى إنك تنسى ما كنت تتابعه.

وفى العالم أجمع تعتبر الإعلانات وسيلة أساسية فى اقتصاد أي قناة تليفزيونية، ولكن فى البلاد المتقدمة تتم مراعاة نسبة الفقرات الإعلانية بحيث لا تزيد عن عشرة دقائق متفرقة ويتم وضعها بذكاء بحيث لا تقطع تدفق الدراما ومتعة المشاهدة، بالإضافة للاهتمام الشديد بالمستوى الفنى والإبداعى للإعلان، ليتحول إلى عامل جذب وليس عامل نفور كما يحدث عندنا.

ورغم أن واضع فكرة الإعلان أو the creative يتقاضى أجرا ضخما، لأن فكرة الإعلان هى العمود الفقرى الذى يحدد مدى نجاحه، ولكن بنظرة متفحصة على الإعلانات التى تقتحم علينا حياتنا وتفسد كثيرا من المتع، سوف تجد أفكارها مكررة بليدة تفتقر للخيال أو التجديد، فقد استراحت أكبر شركات شبكات المحمول إلى فكرة جمع أكبر عدد من نجوم الغناء والكرة وأحيانا التمثيل فى إعلان واحد، ويا حبذا لو صاحب جمعهم أغنية لها ذكرى لدى الجماهير مثل الليلة الكبيرة العام الماضى، أو ربما لحن جديد، وتبقى كده قُضيت.

طبعا ممكن أن نلاحظ أن هناك حالة تحرش وأحيانا إغتصاب واضح لموسيقى السبعينيات والثمانينيات، عندك إعلان محمد هنيدى، وإعلان ليلى علوى \”حبيبى يا رقة\”

والأكثر دهشة بقى من فقر الإبداع هو تعمد القرف فى بعض الإعلانات زى إعلان اختارى اللى يعيش معاكى \”جهاز تكييف\” حيث نتابع رجلا ينام بجوار زوجته واضح من حالة القرف التى بدت على ملامحها أن رائحته لا تطاق نظرا لشدة الحرارة والعرق، ناهيك عن إعلانات التبرعات والتسول التى تستغل الدين، ومش فاهمة إيه علاقة شيخ الأزهر بتلك السلسلة من الإعلانات التى يقوم بها بعض النجوم مثل إعلان الست عفاف اللى بتزورها دلال عبد العزيز، وتجد عندها جيشا من الفتيات الصغيرات ومشكلتها أنها لا تجد مياه صالحة للشرب، وقد وعدتها دلال خيرا، وفى الحقيقة أن تكرار عرض الإعلان لابد وأن يدفعك للتفكير: أين الرجل فى حياة تلك القبيلة من النساء وبينهن أطفال فى الثالثة؟ ثم هل مشاكل تلك الأسرة وغيرها سوف تنتهى بمجرد توصيل المياه النظيفة؟ أين الطعام والمأوى ومصاريف تعليم الفتيات وعلاجهن؟

آلاف الأسر بلا أى عائد مادى تعيش على الصدقات التى تدعونا إليها إعلانات لا تعرف الجهة المسؤولة عنها، ولكن بلا شك أن وسيلة التسول هذه ترفع عن الدولة مسؤوليتها فى رعاية هؤلاء وتلقيها على أكتاف المواطنين الذين تهاوت وانكسرت أكتافهم وظهورهم من كثرة الأحمال!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back To Top