معتز حجاج يكتب: شوفوا بقى يا مصريين.. جدل الشعب الأمريكي

قد تستطيع إحصاء النجوم في وضح النهار، ورمال الشواطئ، وأمواج البحار، لكن بشأن القوانين التي أصدرها السيسي في عامه الأول من الحكم لن تفلح، ولا أنصحك بخوض المغامرة.. قلت ذلك لنفسي عندما راودتني عن خوض هذه التجربة، لكن سرعان ما عدلت عنها عندما أدركت مدى صعوبتها، وأعتقدت أنه من المستحيل على أي أحد فعل ذلك.
الأمر لا يخلو من معجزات، يبدو أن بعض الباحثين في المركز الوطني للإستشارات البرلمانية، الذين أشتهر عنهم الصبر، وممارسة تدريبات التأمل قد فعلوها، منذ أشهر أصدروا دراسة تحصي عدد تلك القوانين خلال الأشهر الست الأولى فقط من الحكم، 263 قانون بمعدل ثلاث قوانين كل 48 ساعة، في غياب البرلمان، وبدون أي مشاركة حقيقية للمجتمع في مناقشتها فضلا عن اختيارها، وأغلبها مصيرية مع الأسف.
رأي الشعب معروف طالما سيتصدر الحديث له وعنه إعلام كإعلامنا، عنوان المهنية.. مذيع متحيز، ومؤيد متحفز يلقي إتهامات العمالة جزافا، ومعارض في وضع لا يحسد عليه، يتلمس طريقه بين اتهامات التخوين والأخونة، إذا إعتبرنا الأخيرة جريمة، وسريعا تعقد المقارنات.

أوروبا لديها قوانين تظاهر، المواطن الأمريكي لا يحصل على طاقة مدعومة من الحكومة، ولن تجد من بينهم من يوضح كيفية إصدار هذه الدول لقوانينها وإتخاذها لقراراتها، وهم لن يغضبوا أيضا إذا ما حدثناهم ها هنا عن إحداها.
ليكن النموذج الأمريكي، هي عدوتنا اللدودة صحيح، تقف عقبة أمام قيادتنا الرشيدة، ونقف نحن أيضا لمطامعها في المنطقة بالمرصاد، حتى إننا قمنا بأسر قائد أسطولها السادس، في عملية مخابراتية مُحكمة! لكن هذا لا يمنع التعلم منها، فالعدو خير معلم.
وكالة \”بلومبرغ\”.. أوباما يضع الخوف قبل الحقائق
بينما جاءت ردود وكالة \”بلومبرغ\” معارضة لخطاب أوباما أول أمس، والذي فند فيه حجج المعارضين للاتفاق النووي الإيراني والدول الست، كانت \”النيويورك تايمز\” مؤيدة لما جاء في خطاب أوباما.. منذ ذلك الاتفاق والشارع منقسم، ويسعى كل حزب إلى حشد الشعب الأمريكي لتأييد وجهة نظره، وحشد أعضاء الكونجرس للتصويت ضده أو له.

الجمهوريون لديهم أسباب وجيهة للحشد، نقطة ضعفهم ذلك التصويت المشؤوم لصالح الحرب على العراق في 2002، غالبية الشعب الأمريكي الآن يرى أن قرار الحرب أضر بمصلحته سياسيا وإقتصاديا.. الرئيس أوباما المرشح عن الحزب الديموقراطي، لم يدع فرصة كهذه في حربه الكلامية مع الجمهوريين، لكن الجمهوريون محترفون أيضا في تسديد الضربات الكلامية القاضية، أورد منها هنا تصريح ريتشارد هاس، مسؤول سابق في الإدارة الأمريكية وعضو في الحزب الجمهوري: \”هناك من أخطأوا في التصويت على حرب العراق، كما أن هناك أيضا من أخطأ في ليبيا وسوريا\”
لن ينتهي الجدل إلى حين موعد تصويت الكونجرس في سبتمبر المقبل، وربما لن ينتهي إذا استغل أوباما الفيتو الرئاسي، الأمر الوحيد المُتيقن منه، أن ساسة أمريكا لا تستطيع تجاهل الشعب، لا ترى رأيه تحصيل حاصل، ولا تقوى على خداعه جل الوقت، فالإعلام لا يعرف الصوت الواحد، والأحزاب تبلور رغبات فئاته في برامجها، والبرلمان لم تحتله بعد الجملة البرلمانية المصرية الأصيلة \”موافقون بالإجماع\”، وجمعيات واتحادات ونقابات وحركات تتحدث باسم القطاعات المعبرة عن مصالحها.. هناك شعب يجادل، يناقش، يكون رأيه بحرية، شعب يعرف الفرح حقا، ولا يعرف حكم الفرد.
مصر بتفرح بأمر القائد الأعلى للقوات المسلحة
لأنه لا يعرف إلا المشاريع العملاقة، والأفعال الناجزة، والإسراع في كل شيء، أمر الرئيس عبد الفتاح السيسي بتقليص موعد إنجاز مشروع \”تفريعة قناة السويس الجديدة\”، التي أصر إعلامه طوال الفترة السابقة -وإلى الآن- على حذف كلمة \”تفريعة\” منها، من ثلاثة أعوام إلى عام واحد، كما بأمره أيضا أًعلن عن مشروعات عملاقة أخرى، وأمر بطرح سندات وشهادات استثمار لمشروع التفريعة على المواطنين، جمعت 64 مليار جنيه، ثم أقدم على قرض بـ850 مليون دولار من بنوك محلية، ثم مصر بتفرح، وتولى هو إصدار صوت الجماهير، بالضبط مثلما تولى محمد صبحي إصدار أصوات شعب \”ديكتاتورية أنتيكا الشعبية المهلبية\” في مسرحية \”تخاريف\”.
هكذا؛ لا دراسة جدوى معروضة على المجتمع ومطروحة للنقاش، ولا أرقام دقيقة ومعقولة، ولا ردود رسمية تخرس ألسنة المشككين في جدوى المشروع، ولا حتى مشروعات تنمية محور قناة السويس -المشروعات الحقيقية المعول عليها في دفع اقتصادنا المختنق- معلنة بشفافية أمام الرأي العام.. نحن معشر النشطاء نلح على تفاصيل فارغة، ونُصر على الكسر بخاطر مصر وهي في غاية السعادة، ولا نريد مشاركتها فرحتها، لمجرد أن الزعيم الملهم قد سحب من السوق المحلية رقما مرعبا من الأموال دون أخذ رأي الشعب واعتقل وقتل الآلاف منه، وأنتم تسمحون لأنفسكم بمساءلته؟!
\”شوفوا بقى يا مصريين.. نحن لسنا في أمريكا\”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back To Top