مصطفى إسماعيل يكتب: رحلتي من اليقين.. إلى اليقين

 

منذ بضع سنوات كنت سلفيا, قلبا وقالبا وموضوعا, تقريبا في الفترة بين 2009 وحتى 2012.

في فترة ما قبل الثورة، كنت من \”أشبال المسجد\” وكنت ذلك الطفل اللطيف الحافظ للقرآن الذي يشهد له الجميع بالتقوى والورع بالرغم من صغر سنه, وبالطبع كطفل لن اهتم بأي موضوع سياسي أيا كان.

ثم جاءت الثورة وحدثت المعجزة, سقط النظام الذي كنا قد تربينا على أنه من ثوابت الحياة.. لم يتخيل أحد مصر بدون مبارك وأعوانه أبدا, لقد كان الموضوع رائعا حقا.

لكن, لم ادر حينها أي موقف يجب علي أن اتخذ, هل استمع لشيخي الذي يقول إن الخروج عن الحاكم حرام, أم استمع إلى صوت الثورة وتلك القشعريرة التي تنتابني عند الاستماع إلى أي من الهتافات التي لم تكن معهودة وقتها.. كان الأمر محيرا, وأصبحت مقسوما نصفين.

عندما ظننا أن الثورة قد انتهت وأن النظام قد سقط, وجاء وقت الصناديق -التي قالت للدين نعم فيما بعد- كان هناك غصة في حلقي من القرارات السياسية لشيوخ السلفيين وقتها, لكنني كنت ادافع عنها باستماتة أمام أي شخص يعارضها.

في هذا الوقت كنت موقنا تمام اليقين أنني على حق, السلفيون فقط سيدخلون الجنة وأي شخص آخر سوف يلقى في النار بلا هوادة, وكل ما يقوله الشيوخ كلام منزل من السماء, فكريا وسياسيا, يمكن تعديله لكن لا يمكن معارضته على الإطلاق.

ثم جاءت أحداث العباسية ومحمد محمود, وكان هذا فراق بيني وبينهم, لم استطع الفهم تلك المرة.. أنى لهم هذا الغباء والتلون, حينا أنتم مع المجلس العسكري وحينا تعارضونه عندما لا يأتي على هواكم, حينا أنتم مع الثوار وحينا \”هي إيه اللي وداها هناك!\”

قررت الانفصال عنهم فكريا وسياسيا, وقررت أنني من تلك اللحظة حر في قراراتي وفي حياتي وفي مواقفى, ولن اترك أي شخص أيا كان ليتحكم بها.

عندما انظر إلى النسخة السابقة مني، ثم إلى النسخة الحالية, أجد تضادا شديدا في كل شئ بلا استثناء, إلا في أمر واحد.. أنني دائما على صواب!

وقتها كنت موقنا بأنني على صواب بأفكاري السلفية المتشددة, والآن أنا موقن أنني على صواب بأفكاري اليسارية المتحررة, وقد أكون غدا على صواب في عدم اهتمامي بالموقف على الإطلاق.

وعرفت أنه لا يوجد شخص يعتنق مذهبا ما أو فكرا ما، ويظن أنه مخطئ أبدا, وهذا يجعلنا نشك ونطرح سؤالا لابد منه, من هو المخطئ إن كان الكل على صواب؟!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back To Top