قد تظن للوهلة الأولى أن العنوان يشير إلى اسم لعبة في الملاهي أو فيديو جيم مثيرة ومليئة بالمغامرات الخطرة أو على الأقل اسم مسلسل تركي أو هندي، ولكنه للأسف الشديد ليس اسما لأعمال ترفيهية أو أدبية ولكنه سباق حقيقي للفوز بالجنة إذا كنت تدين بالديانة الإسلامية أو الفوز بالسما والتنعم بأحضان القديسين إذا كنت تدين بالديانة المسيحية.
كان الحديث دائما عن الإرهابي الكافر الذي يفجر نفسه في وسط الأبرياء من بني جنسه سعيا إلى الشهادة والفوز بالجنة ونعيمها من الخمر والحور العين، وكانت الآراء دائما تنقسم بعد كل عمل إرهابي إلى مؤيد ومعارض. نعم فهناك من يؤيد القتل باسم الدين ويدافع بكل قوة عن العمليات الاستشهادية الباسلة التي من شأنها إعلاء كلمة الحق ودحض الكافرين. هناك من يستميت للبحث عن نصوص دينية ووقائع تاريخية إسلامية تثبت وجوب الجهاد في سبيل الله ومحاربة الكافرين وقتلهم. هناك من يؤمن أن إلهه أمره بالقتل بل وسيكافئه عليه وهناك من يؤيد الاستشهاد في سبيل \”الله\” من جميع فئات المجتمع المتعلمة والمثقفة بل وحتى الأطفال.
ولكن هذا ليس كل شيء. فهناك جانب آخر للعملة. هناك جانب آخر للحقيقة المظلمة. فكما يفخر القاتل يفخر القتيل.
فبعد أحداث التفجيرات الإرهابية الأخيرة في طنطا والإسكندرية كثرت صور الضحايا والأشلاء على صفحات التواصل الاجتماعي. كثر الحديث عن الشهداء والمصابين. وفي خضم هذه الأحداث نشرت صورة بالخطأ لطفل زعما أنه أصغر ضحايا التفجيرات ثم ما لبثت مصادر متعددة بنفي الخبر والتعليق بأن الطفل مازال حيا يرزق. تنفسنا الصعداء شكرا لله على إنقاذ هذا الملاك الصغير. فمثل هذا الطفل لا يستحق سوى الحياة. ولكن يبدو أن أمه كان لها رأي آخر، فقد ذكرت في تعليق أسفها أن الوقت لم يحن بعد للشهادة في سبيل المسيح! الرأي الذي وإن كان صادما خاصة عندما يصدر من أم مستعدة أن تضحي بفلذة كبدها في سبيل عقيدتها الدينية. ولكنه لم يعد رأيا صادما بعد أن سبقتها أم الشهيدة ماجي في أحداث البطرسية قائلة: \”إحنا بنربي عشان نوديهم السما\” في فلسفة غريبة أن الهدف من الحياة هو الموت!
فهل أصبح الموت هو أغلى ما يطمح إليه المتدينين من المسلمين والمسيحيين على حد سواء؟ هل أصبحت العقيدة أغلى من الحياة؟ هل هناك سباق غير معلن بين المسلمين والمسيحيين على تقديم أكبر عدد من الشهداء في سبيل الدين؟ هل الدين حياة أم موت؟ وهل يصبح الدين في بعض الأحيان أغلى من الحياة نفسها؟ لماذا ظهرت فكرة الدين في المقام الأول؟ أليس لتنظيم حياة الإنسان على الأرض وتحسينها، أم لتقديمها بفخر وزهو ورضى لنيل \”بادج\” الشهادة؟
أعلم جيدا حجم الألم الذي تعيش فيه كنائس مصر ولكني أعلم أيضا إصرار الكنيسة المصرية على إخفاء مظاهر هذا الألم وتصدير صورة الأب السعيد بتقديم ابنه شهيدا باسم المسيح، فهل هذا إنساني؟
كفاكم فرحا بالموت. كفاكم تفاخرا بعدد الشهداء الذين سيدخلون الجنة أو سيشفعون أمام عرش النعمة. كفاكم نشرا لثقافة الاستشهاد في سبيل الله أو في المسيح. كفاكم استعدادا لتقديم حياتكم فداءا لمعتقداتكم وايمانكم وكفاكم تسابقا لتقديم المزيد من الأموات، فالله خلق لنا الأديان لنحيا لا لنموت من أجلها.