يذكرني الفيسبوك بأحداث تبدو وكأنها حدثت لشخص آخر في زمن عتيق، وكأنها طلاسم مرسومة على جدران معبد مهجور لم يستدل على صاحبه!
منذ فترة ذكرني الفيسبوك بأحداث مصادرة رواية الطبيب الفنان مجدي الشافعي! هل تتذكرون أول رواية مصورة؟ كان اسمها \”مترو\”، وكان ناشرها محمد الشرقاوي صاحب دار \”ملامح\”! ألم أقل لكم إنها أحداث لها رائحة وملمس الزمن العتيق؟!
ذكرني الفيسبوك بغارة الأمن على دار \”ملامح\” ومصادرة جميع النسخ المتبقية من \”مترو\”، ثم استدعاء مجدي الشافعي ومحمد الشرقاوي للنيابة ودعوة الحسبة والمحكمة وتأجيل النظر في القضية عدة مرات، ثم المحاكمة وتهم خدش الحياء وانتفاضة الكتاب والأدباء والمدافعين عن حرية الفكر والتعبير.. ذكرني الفيسبوك أنني كنت واحدة منهم!
رأيت روابط لمقالاتي المدافعة عن حقوق الإنسان وعن الكرامة وعن حرية التعبير ولم أتعرف على أي منها! ماذا حدث؟ أين موقفي من القتل والتعذيب والسجن والاختفاء القسري اليوم؟ أين موقفي من محاكمة المؤلفين والمخرجين والكتاب والصحفيين؟ أين موقفي من القبض على الحقوقيين وإغلاق مراكز فضح التعذيب وتأهيل الضحايا؟ أين موقفي من سجن كل من ينادي بحياة كريمة لأطفال الشوارع؟ أين موقفي من قمع الإعلاميين وتكميم الأفواه؟ أين موقفي من أي شيء؟
واسترجعت أحداث كثيرة منذ 2009 حتى عامنا هذا لأعرف أين ذهب موقفي، ووجدت إجابة واحدة.. لقد اغتالته الثورة وما بعدها! لقد فقدت الأمل! لقد أصابتني لعنة البلادة والتبلد والبرود! اخترت أن أربط نفسي في ساقية الأمومة ومهامها، وأن أعيش في فقاعة تضمني أنا وآدم وقلة قليلة من المقربين، وفضلت العزلة عن الاحتكاك والمواجهة وقول الحق!
كنت أظن أن الفقاعة تحميني وتحمي طفلي من بطش فرعون ومعاونيه، وكنت أظن أني لن أرى وجه أحد من داخل فقاعتي الجميلة مصلوبا على أشجار مدينتي.
في البداية كان المصلوبون حفنة من الأغراب، ثم قتلت مجموعة جديدة باسم الوطن، ومجموعة أخرى باسم الإرهاب، ومجموعة باسم \”الاحتياط واجب\” ومجموعة باسم مكافحة الشغب، ومجموعات عديدة دفاعا عن الفضيلة والاستقرار والأمن – كانوا كلهم أغراب عني!
ثم بدأت أرى وجوها مألوفة، وزادت عليها وجوه.. تقاطعت طرقنا، ثم افترقت المسيرات، واليوم أرى وجوها حبيبة.. صديقة.. مقربة! يذكرني الفيسبوك بسنوات ماضية من رفض القهر والمهانة والقمع؛ ثم يتركني الفيسبوك اليوم مع أحداث جديدة.. صورة طبق الأصل من القديمة، ولكنها أكثر ألما وأكثر وحشية من ذي قبل!
أذكر نفسي في صمت وبصوت خفيض مرتعش بمبادئ الحرية وحلم الكرامة وذكريات الثورة!
#مالك_عدلي_حر
#تيران_وصنافير_مصرية
#مصر_مش_للبيع