مروة أحمد تكتب: محمود المصري.. صانع السعادة

خُلع قلبي حقا برحيل محمود عبد العزيز، انتابني مع هذا الخبر المؤلم إحساس قريب من إحساسى برحيل \”يوسف شاهين\” رحمه الله، بأن شيئا جميلا رحل عن هذا العالم.

كلاهما بلدياتى من الإسكندرية التى تحتفظ بنصيب الأسد من عدد المبدعين المصريين، وإن كانت بدأت تحدف حاجات غريبة فى السنين الأخيرة، تناقض ما إعتدناه من رقي وجمال الإسكندرية.
لنعد لمحمود عبد العزيز.. السعادة بالنسبة لى هى رجل جميل دمه خفيف، وكان محمود عبد العزيز هو هذا الرجل وهذه السعادة، رجل وسيم بروح طفل.. ما أروعها من تركيبة، فهو أول من حطم قاعدة أن فتى الأحلام يجب أن يكون تمثالا جميلا من الجبس الخالي من الروح، بل وسخر منها.

لا أعتقد أن أحدا غير محمود عبد العزيز يستطيع أن يضفي كل هذا المرح والحيوية لدور رجل بلغ به البؤس بيع أحد أعضائه مقابل المال أو يمنح تلك الشعبية والرواج لزعيم عصابة فى فيلم دموى.

ربما لو لم يفعلها محمود عبد العزيز لما صدق أحد أنه من الممكن أن يغنى الجان الأشقر للقفا!
هو أحد أولئك الذين لا يسعك تذكرهم إلا بابتسامة، رغم أنه لم يكن كوميديانا.
لو سألك شخص عن معنى الكاريزما، لا تتعب نفسك فى الشرح وشاور على هذا الراجل، حيث إمتلك قدرة إستثنائية على جذبك لمتابعته والإعجاب به حتى وإن لم تعجب كثيرا بالفيلم أو المسلسل الذى يشارك فيه.
محمود عبد العزيز كان يشبه زمنه، إبن بلد وراق فى الوقت نفسه لدرجة أن أناقته الشديدة كانت أحد الأسباب العديدة لإعجابي به.
فوجئت ببساطته الشديدة عندما رأيته مرة واحدة فى الساحل الشمالى بأحد الشواطئ غير المعروفة، التى تسمح بدخول المحجبات، حيث كان يجلس فى هدوء مع أبنائه، كنا نبحث عن أماكن للجلوس، بادر بإخبارنا أنه سينصرف إن أردنا الحصول على كرسيه، وهو سلوك ليس مفاجئا إن نظرنا لحياته، حيث لم يكن لحوحا فى الظهور الإعلامى.. لم يشارك حتى بإعلانات، ورغم إعجابي الشديد بأصحاب المواقف الوطنية من الفنانين إلا أنى أحببت أيضا هذا الرجل لأنه لم يفت ولم يزايد ولم يدع البطولة.. عاش حياة هادئة حقيقية غير مصطنعة وادخر طاقته للشاشة، حيث يفترض أن يكون.
عادة ما نتذكر الفنانين الراحلين بذكر أدوارهم، ولكن محمود عبد العزيز كان حالة إستثنائية من الحيوية والبهجة لدرجة تطغى على الدور نفسه وتضيف لمسة سحرية للعمل الذى يشارك به.
اليوم هو يوم حزين بحق، حيث ودعنا صانع سعادة حقيقي، سنجاهد كثيرا لنستطيع الاحتفاظ بابتسامتنا عند متابعتنا لأفلامه كما اعتدنا، ولكن تلك الإبتسامة هى أروع طريقة لتكريمه.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back To Top