إلى لفافة التبغ التي لم تكتمل وما تبقى من أكواب الشاي والاجتماعات التي تم الغاؤها وإشارة المرور التي خلقت الازدحام كلما أتيت.
إلى الطفلة التي أحبتني واشارت لي كلما رأتني.
إلى قلة الانبهار والروتين الصباحي وفتور كل مساء.
إلو الأشياء التي تمنيت امتلاكها والأخرى التي أفقدها.
إلى الصمت الطويل وصفحات القرآن التي تلوتها مرارا ثم نسيتها.
إلى خط النهاية في سباق لم أخضه. والمباراة التي سئمت مشاهدتها. وصديقي الذي رحل.
إلى تاريخ لم أشهده واحتفالات لم اشارك بها.
إلى العجز الذي أصاب كل من اعرف والوهن الذي استقر في كل جسد والكراهية التي ملأت كل تجويف فارغ.
إلى خسارة دائمة وفوز لم يأت بعد.
إلى أطراف المعادلة الغائبة وسكنات الليل الأسود في جحور لم يصلها الضوء أبدا.
إلى ما افتقدت وإلى ما فقدت.
إلى النقصان والنسيان وأنصاف الأشياء التي لم تكتمل.
إلى الأرواح التي مكثت هنا بين نصف القلق ونصف الاطمئنان.
أنا هنا منذ أزل مضى بين الاعتياد والرتابة أُفضل أن ألوذ بقلقي خوفا من أن أتعلق بأنصاف أشياء فقدتها وأخرى خسرتها.
إلى ما سأفقد وإلى ما سأفتقد.
إلى النسيان السرمدي والنقصان الذي سيأتي. أنا طرف المعادلة الغائبة وصاحب الخسارة الدائمة بين جحور لم تعرف الضوء أبدا. إلى العيون التى رأتنا ونحن فاسدون. والأيام التى اختلسناها حينما كنا أهل البراءة وأبناء الفطرة وأصحاب التلقائية ومحبى الالتزام. ربما لم نكن كما نبتغي ومضينا أحقابا من الزمان نرثي حالنا ونسب الأخطاء بينما نحن من نصنعها. ولم نر إلا الجانب الأسود فى كل صفحة بيضاء ثم مزقنا الصفحات بأكملها ولم يتبق لنا إلا النسخة السوداء التى ترانا بها كل عين. لقد رآنا الناس بأعينهم بعدما هلكنا ولم نعد قادرين حتى على إرضاء أنفسنا وأهملنا أرواحنا التى فسدت وتطلب الرحيل. لماذا لم يأت هؤلاء مبكرا قبل أن ينزل بنا المنحنى؟
نأسف لكم يا من تمنيتم رؤيتنا على خير حال ثم خيبنا ظنونكم. لقد فقدنا أفضل ما بنا بينما كنتم تنتظروننا. نحن لسنا بهذا السوء الذي رأيتموه ولم نعد أهلا للبراءة ولا أبناء للفطرة. نحن مثلكم تماما ننتظر أنفسنا التى لم نعد نلقاها.