حسنا كان مشهدا مهيبا، جميع من ينتمي لثورة يناير شعر بالأمل ثانية.. كان يوما عظيما، جاءت الجمعية العمومية الطارئة للأطباء بمشاهد تنتمي لثورة يناير وهتافات من أجل الكرامة، تلك التي ظن النظام أننا توقفنا عن الهتاف من أجلها. مشهد يُعلم الجميع الكثير، يعلمنا نحن – من ننتمي لثورة يناير- كيف نصنع انتصاراتنا.. نتعلم أن الثورة لا توجد في الميادين فقط، وأننا من الممكن أن نخوض معارك الثورة في كل مكان.. لا يجب أن نهتف بسقوط النظام في مسيرة ضخمة حتى نصف ما نفعل بالثورية.. نتعلم منه أننا يمكننا الانتصار لو اتفقنا على المطالب الأساسية التي لا خلاف عليها من الجميع.. هذه المطالب هي التي ستجعل الجميع يؤيدنا.. أما أن يحاول كل فريق أن يفرض أجندته الخاصة فلن ينتصر أبدا.
ربما حان الوقت لنجعل مطالب مثل الإفراج عن المعتقلين مثلا – أو غيره من المطالب التي نتفق عليها جميعا – هو شعار حركتنا القادمة.
أعداؤنا أيضا سيتعلمون من هذا المشهد، سيدركون أن المسيرات التي انفضت لن تعود لبيوتها، فقط ستنتشر في النقابات في المصانع والجامعات، لكنها لن تختفي، فالمشكلة لم تحل بعد، والثورة فقط كانت عرضا للمشكلة وليست غاية في حد ذاتها.
العملاق الذي ظنوا أنه تبخر سيتحول لمجموعات صغيرة تخوض معاركها الصغيرة وستنتصر فيها.. لن يهاجر الجميع، الزنازين لن تكفينا كلنا مهما بنوا المزيد منها.. الرصاص سيرعبنا قليلا لكنه سينتهي يوما ما بالتأكيد. سيفقد أحدهم الأمل ليحل محله عشرة آخرون يأملون في غد أفضل، حتى لو طغيانهم أعماهم عن تلك الدروس سيدركون لحظة انتصارنا أن كل ما نجحوا في فعله هو زيادة فاتورة انتصارنا فقط لا غير.
نتعلم ويتعلمون معانا أن المعركة لا تتوقف على رموز.. أحرقوا صباحي وأبوالفتوح أو خذلنا هؤلاء لا فرق، سيظهر د/ حسين خيري و د/مني مينا، وسنتجاوزهم أيضا إن خذلونا، فثورتنا لها أساس منطقي.. ليست ثورة رموز، والثورة دوما كاشفة.
أما هؤلاء المتشككون دوما في أي حراك، الذين لا يرون الدنيا إلا أسود وأبيض، وطالما لم ترفع النقابة شعار يسقط السيسي، فهي جزء من النظام، فهؤلاء لن يتعلمون أبدا، وبالطبع لن ينتصروا.
ثورتنا ستنتصر هكذا،أعرف أن مشهد الجماهير التي تملأ الميادين أكثر ملحمية، لكن الانتصار سيكون بتلك الكيفية، مئات المعارك الصغيرة، ومطالب تتحقق هنا وهناك، هزائم وإعادة ترتيب للصفوف والأوراق ومزيد من الخبرة المكتسبة في كيفية تحقيق مطالبنا.
العملاق الذي كان بالميادين هد السد المنيع، وأتاح لنا أن نخوض تلك المعارك الصغيرة، ربما تعود الجماهير ثانية لتشكل العملاق، لكن سيكون هذا لإعادة هدم حوائط الخوف التي يحاولون بناءها ثانية، أما انتصارنا النهائي سيكون بانتصارنا في كل المعارك الصغيرة.. ببطء سننتصر.
أحب أن أتصور أن هناك رمزية في أن يكون هذا المشهد في اليوم الذي تلا ذكرى إسقاط مبارك.. تتمثل تلك الرمزية في أن هذا الطريق هو الذي يجب أن نخوض لكي ننتصر.
في النهاية لا أعرف هل سينتصر الأطباء أم لا.. ربما سيهزموا، لكننا سنجرب ثانية وثالثة حتى ننتصر، وحتي يحين هذا الانتصار.. #ادعم_نقابة_الأطباء.