تغيرت مفاهيم السوق والدراسات الاقتصادية بشكل كبير في الآونة الأخيرة، فقد أصبح هدف واضح لكُل أصحاب الأعمال الاستمرار في السوق وتحقيق هامش ربح مُلائم، ولكنه مُستمر ولفترة طويلة هدف يبدو صعبا ومُعقدا أن تستمر في ذلك الصراع الدامي أملاً في الربح, حقاً كُلنا نبحثُ عن الربح، ولكن كيف تستمر؟
هُناك دائما إدارة مُختصة بما يُطلق عليه تقييم المخاطر، ولا يوجد عمل بدون مخاطر، وكُلما زادت المُخاطرة كُلما تطلب الأمر المزيد والمزيد من العمل لجعل تلك المُخاطرة مقبولة، فأي مُخاطرة قد تحدُث تستطيع أن تؤتي على الأخضر واليابس في المُؤسسة الهادفة للربح.
أستيقظنا ذات يوم لنُتابع على الفيسبوك \”تريند\” جديد يتحدث عن حادثة اغتصاب بشعة لمجموعة من الأطفال الصغار لم يتجاوز أصغرهم الثالثة إلا بقليل, المُثير للدهشة أن هذا الأمر حدث في مُؤسسة كبيرة لتعليم الأطفال.. مُخاطرة كهذه قد تُدمر سُمعة المؤسسة، وتقضي على وجودها في السوق من الأصل، ولكن لأننا في مصر فالأمور تختلف شيئا, فبينما من الطبيعي أن تقع الحوادث إلا أنه من غير الطبيعي أن تمر الحادثة دون تحقيق وتدقيق للوصول إلى السبب الجذري لتلك الحادثة والتخلُص منه والتخفيف من العواقب الناتجة عن تلك الحادثة, حسناً لقد علِمنا بالأمر من والدة أحد الضحايا، والأدهى ولأنكى والأمر، هو تصرُف تلك المؤسسة الكبيرة التي من المُفترض أن إدراتها مُحترفة إلى حد بعيد.
وعكساً لكُل ما هو سائر في الشركات والكيانات العالمية، فقد استخدمت إدارة المدرسة الأسلوب المُتخلف والمُتعجرف للتعامل مع الحادثة، فبداية كان الإنكار وانتقل إلى مُحاولات \”الطرمخة\” والتهديد للضحايا، لينتقل بعد ذلك الأمر لتعليق سخيف على الفيسبوك مفاداه أنه من غير الطبيعي أن ننتقل إلى النتائج دون إجراء تحقيق طويل ومُمل وغير موضوعي في الأمر، سينتُج عنه مجموعة من الأكاذيب التي لا يقبلها عقل أو منطق، ولكنكم ستقبلونها كما أعتاد أغلبكم على قُبول الأمر بشكل غير منطقي.
أول سؤال تبادر إلى ذهني كيف تحمي المؤسسة مُتعددة الجنسيات -كما يُقال- مُجرماً صغير الشأن بهذا الحماس والحمية؟ يا إلهي لو كُنت مكانهم لتعاونت على الفور مع السُلطات المُختصة، بل وقُمت بإجراءات صارمة لمنع وقوع مثل هذا الحادث، ولأن السياسة هي فن المُمكن, فتفكير بسيط في الأمر يجعل تلك المؤسسة تخرُج فائزة في هذا الصراع، بل وتضع اسماً مُنيراً لها في عالم سوق التعليم الدُولي, كيف أن الأمر أبسط مما تتخيل، فقط كُن أنت رئيس مجلس الإدارة واسأل نفسك ماذا يُمكن فعله.
تحقيق صارم يشمل جميع الأطراف بما فيهم الأطفال والمُدرسين والعاملين والسائقين وكُل الأشخاص المتواجدين في المؤسسة، والكشف عليهم طبياً ونفسياً لاكتشاف مدى توغل ذلك المُجرم، وهل هُناك حالات أُخرى أو ضحايا آخرين, التعاون بشفافية مع السُلطات المُختصة وتحديد مسئول إعلامي لمُخاطبة الإعلام بصورة رسمية للقضاء على الشائعات التي قد تُدمر سُمعة المؤسسة \”دعونا نتذكر أن سُمعة المدرسة هي الخط الأحمر لاستمرار وجودها\”.. عقاب المُجرم إذا ثبت إجرامه وضمان عدم وجود أو تكرار وجود مثل تلك النوعية من البشر مرة أُخرى، والأهم هو أنني سأقوم بتركيب كاميرات مُراقبة في كُل أرجاء المدرسة، وسأضع بث تلك الكاميرات على موقع المدرسة الإلكتروني، حيثُ يستطيع كُل ولي أمر أن يلج إلى الموقع مُستخدماً الحساب المؤمن الخاص به، ومُراقبة أطفاله بصورة دائمة، والاطمئنان عليهم وقتما شاء.
أن تقع الحادثة فهو أمر يحدُث، ولكن أن تقع دون إجراء تحقيق جذري والتعامُل بصرامة مع أسباب الحادث، وضمان عدم تكرار هذا الحادث، فهو أمر كارثي، أو كما قال الألمان: \”يخدعك مرة عارُ عليه.. يخدعك مرتين فعار عليك أنت\”.