محمد مغاوري يكتب: لهذا يبتسم الموتى

أشعر وكأن جزءا مني قد سلب الآن -إرادتي ممكن، أو غدي الذي ظننته أجمل- محاولاتي الكثيرة في التأقلم مع الحياة تنتهي كلّها بالفشل، أظنني خلقت -هكذا- لا أصلح لشيء. لست أخا جيدا، لا أصلح أن أكون أبا، أو صديقا، أو حبيبا، أو أي شيء.
لا أصلح إلا أن أكون شاعرا، يتأمل الأشياء لكي يكتب لا ليستمتع.
الغدّ، الأحلام، الانتصارات، المتعة، هذه الأشياء لمن يقرؤون لي ليست لي. أنا.
الهرتلة التي ينطق بها مجنون، الأصوات التي تصدرها السماء حين تغضب، وأصوات القنابل، وصوت صراخ الأطفال التي يتم قصفها. كل هذا لي أنا، الضحية، أما متعة النظر إلى الموت والجنون فهي للمجرمين، فتبا لي ولكل ضحايا الكون.
شعوري بالأشياء أصبح أقلّ من السابق، لدرجة عدم الانتباه أنني أنزف لولا تحذير صديق، كم أنا كاذب، أنا لا أصدقاء لي.
في هزائمنا الكبرى نظلّ نصرخ، نعلم أنّه لا أحد يملك لنا شيئا، لكننا ننتظر أن يصفّقوا لنا لأننا نتقن الدّور، نثبت لأنفسنا أننا ممثلون أكفّاء، لكننا لا نملك شيئا.
الموت صديق جيّد حقا، رغم أنه لا يلاقينا سوى مرة واحدة، إلا أنّه لا يتركنا بعدها، هو ليس مجرما كما يقولون، ينتظر حتى يقضي علينا المرض أو تهزمنا الحروب ثم يقترب ليأخذنا بين يديه ويهمس في أذننا أن نرتاح قليلا، هو يعرف جيدا كيف يربّت على أكتافنا ويجعلنا نبتسم، لهذا يبتسم الموتى، ويرتدون الأبيض، ويترك القتلى المضطهدين ذكرياتهم علينا بلون قلوبهم، بينما يصعدون إلى السماء.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back To Top