محمد غنيمي يكتب: النجوم التي هوت

– في مارس 2011 سألني صديق: \”لو عاطف الطيب وأحمد زكي عايشين، تفتكر كان هيكون إيه رأيهم في الثورة؟\”

قلت له: \”لا اعتقد أن من صنعوا البريء والهروب وضد الحكومه، كانوا سينافقون النظام الحاكم\”

لو سألني هذا الصديق السؤال الآن، بعد 4 سنوات، لقلت له: \”لا أدري، لكن من رحمة ربنا أنهم رحلوا قبل الثورة، حتى يظل حبهم في قلب الجميع على اختلاف توجهاتهم\”

– في صيف 96، كنا نلتف أنا وأطفال العائله حول شاشة التلفزيون المصري لنشاهد المسلسل الذي بدأ قبل عامين على شاشه الـ art  المشفرة، ولم نستطع مشاهدته \”عائلة ونيس\”، لنجد أبناء ونيس يقفون أمامه في طابور كل يوم صباحا، ليحدثهم عن العزة والكرامة.

وبعد 15 عاما، يتهم ونيس هؤلاء الشباب الذين التفوا حول الشاشة الصغيرة لأربعة أعوام متتالية ليتابعوا \”يوميات عائلة ونيس\” بعدة اتهامات.. تارة بالعمالة للخارج، وتارة بالتمويل، وتارة بأنه تم التغرير بهم، لمجرد مطالبتهم برحيل حسني مبارك.

لكن بعد رحيل مبارك، يشيد صبحي بهؤلاء الشباب، ويطالب باعتبار 25 يناير عيدا قوميا، ثم بعد غضب الشباب من ممارسات المجلس العسكري، يعود ونيس ليهاجم 25 يناير، ويطالب باعتباره يوما للحداد!

الكوميديان الذي كان باستطاعته أن يصبح أسطورة من أساطير المسرح في مصر، لكنه هرول وراء أحلام البطولة السينمائية في الثمانينيات بأفلام أقل ما يقال عنها أنها ضعيفة، ثم التفت إلى الشاشة الصغيرة، ومازال يصر على أن يعرض \”يوميات عائلة ونيس\”، بالرغم من أن عدد من يشاهدونها الآن أقل ممن عملوا فيها! نجده يهاجم أشهر من قدمتهم الثورة في صناعة الكوميديا \”باسم يوسف\” لأنه يسخر من الأشخاص، مع أنه اكتسب مكانته المزعومة في صفوف المعارضة من مقطع سخريته من حسني مبارك في مسرحية \”ماما أمريكا\”

هذا العام يعود لنا محمد صبحي بتصريح قال فيه إنه مستاء كثيرا من أعمال رمضان، لأنها مليئة بالمخدرات، وهو نفس التصريح الذي تم تسريبه على لسان الرئيس عبد الفتاح السيسي! ثم يعود صبحي في نفس الحوار ليشيد بمسلسل \”تحت السيطرة\”!

المواقف والتصريحات المتناقضه ليست غريبه على محمد صبحي، فأنت عندما تحاوره، تحاور عم أيوب وسنبل شحاته مرزوق، وآدم عبد ربه، والأب القادم من مدينة الأخلاق الحميدة ونيس أبو الفضل جاد الله.

– في عام 1986، أصدرت المؤسسة العربية الحديثة، سلسلة \”رجل المستحيل\” للكاتب الشاب – آنذاك- د. نبيل فاروق, الاصدار الذي اكتسح مع مرور الأعوام قوائم المبيعات على أرفف المكتبات من المحيط إلى الخليج، ليصبح أدهم صبري بطل السلسلة هو قدوة الكثير من الشباب، وفتى أحلام الكثير من المراهقات في تلك الفترة.

ولعدة أجيال يظل \”رجل المستحيل\” متربعا على عرش روايات الجيب الناطقة بالعربية، وليصنع قرائها الشباب من نبيل فاروق، الكاتب الأكثر شهرة في عالم الروايات البوليسية في الوطن العربي.

وعندما يثور هؤلاء الشباب على النظام، يسارع نبيل فاروق باتهامهم بالعمالة والخيانة والتمويل، وترديد الاتهامات التي يكيلها لهم النظام! بل إن نبيل فاروق كان يردد روايات توفيق عكاشة والشيخة ماجدة حول كون الثورة مؤامرة صهيو أمريكية إيرانية حمساوية إخوانية، لاقتحام السجون وتدمير مصر من الداخل!

لكن، لو كانت 25 يناير هكذا، فلماذا لم يتصد لها ويكشف عنها الحقيقة \”أدهم صبري رجل المستحيل الذي صنعه نبيل فاروق\”؟ والذي كان يستخدمه للترويج لبطولات وهميه لجهاز المخابرات، وكيف استطاعت هذه المؤامرة أن تمر من تحت أنف هذا الجهاز القوي، كما روج له كاتب الشباب الأول في الوطن العربي؟!

لكن هذا ليس غريبا على كاتب تدور معظم رواياته في أجواء مخابراتية، من الطبيعي أن تسيطر عليه نظرية المؤامرة، وترصد أعداء الوطن به، وطبيعي أن يصبح ملكيا أكثر من الملك نفسه.

– \”إزاي ترضيلي حبيبتي.. اتمعشق اسمك وانتي\”.. حب الشباب للكينج، جعلهم يتغاضون عن كلمة ليس لها معنى في الأغنية، التي اصبحت النشيد الرسمي للثورة في أيامها الأولى \”اتمعشق\”!

الكينج محمد منير الذي بنى أسطورته على لون فني مختلف عما هو سائد، وكان يتم الترويج  له دائما على أنه مطرب الشباب المعارض للنظام وللحكم.. منير الذي كانت له كلمة ثابته دائما يوجهها للشباب في كل حفل له في الأوبرا، خصوصا ليلة رأس السنة: \”أنتوا الأمل في بكرة.. أنتوا التغيير\”، يعقبها دائما بأغنية \”حدوتة مصرية\”، الأغنيه التي تحذف وسائل الإعلام الحكومية كلمة \”مكبوتة\” ضمن جزء \”يا ناس يا ناس يا مكبوتة هي دي الحدوتة\”، والذي تم منع حفل راس السنه 2011 له في الأوبرا، حدادا على أراوح ضحايا غزة -كما أشيع وقتها- لكن الحقيقه كانت، لإجراء منير عملية جراحية.

لكن هل كان الكينج من المعارضين فعليا للنظام؟

في عام 2005، تم إجراء أول انتخابات في مصر، وعندما أرادت حملة الرئيس المخلوع محمد حسني مبارك مطربا ليغني لهم أغنية الحملة: \”قدامنا لسه عبور تاني\” للترويج لحسني مبارك، لم تجد غير منير، والذي قبل غناءها بكل سرور! بل وفي 2010 غنى منير أمام الرئيس مبارك في حفل القوات الجوية، وقام بتقبيله واحتضانه على الهواء مباشرة، وتمنى لو كان مع الرئيس في كل احتفال!

فهل الكينج فعلا من معارضي النظام، أم أنه لم تتح له الفرصة ليغني في كنف هذا النظام؟ وبمجرد أن اتيحت له اغتنمها؟

– \”ويهين المعنى الظابط

ويدوس بالجزمه على الحلم

ربنا رازقه بجهل غانيه عن كل العلم\”

تلك كانت كلمات الخال عبد الرحمن الأبنودي عن حكم العسكر قبل الثورة، وتلك كانت كلماته عن 25 يناير:

\”عواجيز شداد مسعورين أكلوا بلدنا أكل

ويشبهوا بعضهم نهم وخسة وشكل

طلع الشباب البديع قلبوا خريفها ربيع

وحققوا المعجزة صحوا القتيل من القتل\”

الخال المعارض الدائم للنظام، وأول من كتب القصائد في 25 يناير الذي استطاع أن يحفر مكانا في قلب كل من يعشق هذا الوطن، فاجأنا قبل وفاته بشهور قليلة بتغير موقفه وتأييده الكامل للسيسي، بل وبقصيدة يهاجم فيها 25 يناير، وهذا \”الشباب البديع\”، متهما إياه بالخسة والعمالة والتآمر ضد مصر! لتكون تلك آخر كلماته قبل الرحيل:

\”الطَّبْخَة تمت هناك في مطبخ الأعداء

عُملا وجواسيس وقبِّيضَة وشباب خاينين.

أخدوا الأوامر يخلُّوا مصر دي أشلاء

من بياعين النضال.. لبياعين الدين

كلُّه صناعة أمريكاني والتيكيت مغلوط

مزوّرينه بِقِلِّةْ صنعة.. يا فاشلين

سحروك يا ثورى؟ خَلاص إفضل كده مربوط

تنكر ودانك هدير الشعب بالملايين

ماذا حدث للخال ما بين  2011 و 2014 جعله يهدم  ما بناه طوال العقود السابقة؟ وما الذي دعاه لأن تكون تلك كلماته الأخيرة؟!

لا أحد يعرف، ربما السن.. ربما الخوف من الإخوان، لكن كل هذا لا يمنع أنه استطاع أن ينضم إلى قائمة النجوم التي هوت، والقائمة مازال بها الكثيرين.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back To Top