محمد علم الهدى يكتب: قناة العاصمة.. والنمل الأبيض!

\” المشرحة مش ناقصة قتلى\”.. هكذا تتذكر المثل المصري الشهير

عندما تشاهد تلك الصورة التي يظهر فيها \”كوكبة\” من أغرب الرموز التي ظهرت في ساحة الإعلام المصري خلال السنوات الماضية.. عبد الرحيم علي.. طلعت زكريا.. سيد علي.. ممتاز القط.. عزمي مجاهد.. سعيد حساسين .. محمود معروف.. منى الحسيني، على قناة تسمى (العاصمة)!

(1)

الاسم:

\”قناة العاصمة\”.. هكذا يظهر لك الاسم مشابها لاسم قناة \”القاهرة والناس\”، ويمكن الجزم أنه من اختيار\”عبد الرحيم علي\”، طريد قناة القاهرة والناس (بعد تغريدة نجيب ساويرس ضده) ، بعد شهرته بتسريباته الصوتية، والتي هدفت لتشويه كل من ارتبط اسمه بثورة 25 يناير, وهي التسريبات التي جعلت الكاتبة \”نوارة نجم\” تلقبه بلقب فريد من نوعه وهو: \”آكل الجيف\”!

(2)

التوجه والسياسة الإعلامية للقناة:

من المعلومات المتوافرة، ترى أنها تهدف لدعم وتلميع نظام مبارك ورموزه (لأسباب تمويلية محتملة)، مع تشويه ثورة 25 يناير، والذي لا يعد هدفا لـ\”آكل الجيف\” وحده! فثورة يناير تعد بالنسبة لكل من ذكر اسمهم في المقدمة بمثابة \”نكسة\”! بحسب تعبيرهم, وهي بالفعل كانت نكسة عليهم.. إنها دمرت مصالحهم الخاصة وارتباطاتهم السابقة بنظام مبارك السابق ورموزه من قادة الحزب الوطني المنحل، وهو ما سنسرده تفصيلا عند الحديث عن الرموز كل على حدى.

(3)

انفراد:

نظام مبارك يبدو أن له ارتباطا وثيقا وجوهريا بتوجه القناة، فالمصالح تتحالف دائما، والقناة – فلولية الرموز مباركية التوجه – تنوي تفجير مفاجأة مع بدء انطلاقها بإذاعة أول لقاء حصري مع الرئيس المخلوع مبارك!

(4)

مصادر التمويل:

بحسب تقرير نشرته مجلة \”روز اليوسف\” أن مصدر التمويل من مجموعة من رجال الأعمال، يمولون القناة دون الإفصاح عن أسمائهم، ويغلب عليهم أيضا ارتباط مصالحهم بنظام مبارك القديم.

إلا أن المعلومات المتوافرة لدينا تؤكد ارتباط اسم مروج الاعشاب الطبية الشهير \”سعيد حساسين \” بتمويل وأوراق القناة رسميا!

(5)

أبرز رموز القناة:

سيد علي.. أستاذ التحول الإعلامي

أحد ملوك اللعب بأستاذية على كل الأحبال في كل العصور بلا شك, فهو الإعلامي الذي كان في عصر مبارك يتحدث عنه بأنه: \”رئيس الجمهورية، وتحديدا الرئيس مبارك هو خط أحمر لأي شيء\”، لأنه رب العائلة وهذا الرجل يتحمل الكثير جدا جدا\”

وفي عصر مرسي, ظهرعلى شاشة القنوات الدينية (مثل قناة الحافظ) ليؤكد قائلا: \”ربنا يعينك يا سيادة الرئيس وما أصابك أصاب الأنبياء والرسل\” ! , وكان يؤكد وقتها – في أكثر من مرة – أنه \”ابن المشروع الإسلامى\”!

لهذا.. هل نستغرب أن يظهر في القناة ليتحدث عن السيسي بكونه

\”حامي حمى المصريين، وأنه هو الذي حماها من المتأسلمين\”! كل شيء متوقع وجائز فى مصر!

طلعت زكريا: الكوميديان الذي كان!

كفنان له موهبة لا تنكر في الإضحاك والكوميديا, بدأ كسنيد كوميدي له طلته وبصمته المميزة,غير أنه بدأ مسار فشله، عندما ارتبط اسمه بمواقف سياسية حادة مع نظام مبارك.. بداية من فيلمه \”طباخ الرئيس) والذي كان يروج لصورة مبارك بأنه رئيس ملائكي، لكنه (يتحمل عنا الكثير والكثير جدا جدا)، وسبب فساد أحوال البلاد، يعود فقط، إلى أنه محاط بحاشية (فاسدة مضللة) تضحك عليه وتصور له الأمور بغير الحقيقة، لكنه يحب الشعب حبا جما!

صورة مضللة كاذبة كهذه، استحقت أن يحتفي به مبارك نفسه ويستضيفه، استضافة جعلته عند قيام ثورة يناير يندفع ويتحدث عن ميدان التحرير وقتها بكذبته الأشهر على قناة مودرن سبورت: \”أكيد وصلك ما يدور في ميدان التحرير.. طبل وزمر ورقص، وبنات وشباب ومخدرات وعلاقات جنسية كاملة!\”

وهي التصريحات التي تسببت في كراهية ونفور عام، وإسقاط له من حسابات جيل الشباب الذي خاض في عرضهم في أشد لحظات الثورة بأكاذيب السلطة التي صدقها، وكانت نتيجة ذلك المنطقية فشل كل أعماله تقريبا سواء فيلمه \”الفيل في المنديل\” يونيو2011.. (لم تزد إيراداته عن نصف مليون جنيه فقط)، ليصبح آخر افلامه السينمائية كنجم كوميدي، ويسجل نهايته في السينما ويعيده لدور السنيد ليس في الأفلام، بل أحد المشاركين بأدوار ثانوية عادية بالمسلسلات مثل مسلسل \”العراف\” مع عادل إمام، وصولا إلى مسرحيته الأخيرة الفاشلة \”بابا جاب موز\”!

لاشك أن هذا الرفض جعل كراهيته لثورة يناير تصبح يقينية! بعد أن رأى فيها تدميرا لأحلامه وصعوده السينمائي الذي كان قد بدأ قبل الثورة منذ فيلم \”حاحا وتفاحة\” 2005 حتى فيلم \”طباخ الريس\” 2008، دون أن يعلم أنه يجني فقط عاقبة الكذب بحق شباب قام بتشويه صورتهم وقتها ومعاداتهم دون ذنب لهم سوى أنهم خرجوا ليطالبوا بحقهم في الحرية والكرامة وأكل العيش الذي سرقه الفاسدين من نظام مبارك الذي يعتبره ملاكا بريئا!

عبد الرحيم علي.. وألقابه المقززة!

اشتهر \”عبد الرحيم علي\” في بعض الأوساط بلقب \”آكل الجيف\” بعد توصيف بعض الصحفيين والكتاب له بهذا الوصف الغريب! فيما اشتهر في كواليس الوسط الإعلامي بلقب المخبر – بحسب توصيف نجيب ساويرس له في تغريدته الأشهر التي وصف فيها عبد الرحيم علي بالمخبر، وأن ما يفعله لا يصب سوى في مصلحة \”الإخوان\”، وهي التغريدة التي أدت إلى إنهاء طارق نور صاحب قناة \”القاهرة والناس\” لبرنامج عبد الرحيم علي فورا.

غير أن مصدر شهرة \”عبد الرحيم علي\” هي التسريبات التي سلمتها له مصادره داخل أحد أجهزة الأمن – التي لها وحدها القدرة على تسجيل المكالمات دون إذن قانوني بالضرورة – وتسريباته المشوهة – والتي يعتقد كونها مفبركة صوتيا أو مجتزأة – كانت تستهدف ضد كل من يعتبره معارضا له أو لنظام مبارك/السيسي وقتها, فيما لم يكن يعلم النظام, أو من يسانده داخل النظام أن هذه التسريبات كانت واحدة من الكوارث الإعلامية، التي حطمت الجبهة الداخلية السياسية المساندة للنظام السياسي فيما بعد 30 يونيو بشكل تام, كما سهلت وأعطت غطاءا شرعيا لدى الرأي العام، لتصديق ذات الأسلوب والسلاح القذر بتسريبات الإخوان (المضادة) والشهيرة بإسم\” تسريبات مكتب السيسي\”، والتي كانت تذيعها قنوات الإخوان الممولة من التنظيم الدولي في تركيا وقطر!

ولاشك أن \”عبد الرحيم علي\” يأمل أن يعود بتسريباته إلى الواجهة الإعلامية مرة أخرى بعد غياب وطرد، لينتقم وليواصل مسيرة \”صندوقه\” السوداء, خصوصا مع اقتراب موسم الإنتخابات البرلمانية.

ممتاز القط: مدرسة طشة الملوخية الإعلامية

جاء ممتاز القط قبل الثورة رئيسا لتحرير أخبار اليوم من المجهول للكافة بالوسط الإعلامي، وهو ما جعله يشعر بالامتنان لنظام مبارك، وكان يتضح في مقالاته، التي تفوقت على موالسة مقالات إبراهيم نافع وسمير رجب، وأرادت أن تجّود وتحط التاتش بتاعتها، فكانت أولى روائعه \”يوم ولد مبارك.. ولدت مصر\”، وذلك قبل أن يدخل التاريخ الصحفي برائعته \”طشة الملوخية\” الشهيرة، وهو مقال بعنوان \”حمال الهموم\”، وكان ينافق فيه مبارك رئيسا قائلا إنه \”المصري الوحيد الذي لا يأكل محشي الكرنب والباذنجان والفلفل، وربما يكون المصري الوحيد الذي لا يشم طشة الملوخية أو البامية!\”

غير أن عواصف الثورة اقتلعته وأقالته، ليجد ممتاز القط نفسه بقناة \”العاصمة\” ملاذا أخيرا له لإظهار مواهبه \”اللوذعية\”.. لعل وعسى!

منى الحسيني: ليت الزمان يعود يوما

تألقت ببرنامجها الأبرز \”حوار صريح جدا\” في التسعينيات، لكن في فترة لم يكن هناك منافس لها في مجال الحوار الإعلامي الساخن سوى \”مفيد فوزى\”! كان ذلك وقت أن كان الإعلام لا يزيد عن عدة قنوات، أبرزها هي القنوات المصرية الحكومية (الأولي والثانية والفضائية)، وقنوات MBC والجزيرة، وهو ما يفسر لماذا تراجع دور ومساحة وظهور \”منى الحسيني\” مع كل قناة جديدة, وكل برنامج حواري يدخل للمنافسة معها, حتى وصلت إلى عام 2009 ببرنامج \”نأسف للإزعاج\” محدود المشاهدة، الذى طرحت في إحدى حلقاته ملف اغتيال مبارك القديم، واستضافت منتصر الزيات لتجلده بأسئلة قاسية، مما جعل مبارك نفسه يتصل -وقتها- ويثني عليها ويشكرها على حلقتها (الممتازة)، ويضفي عليها التكريم الرئاسي على دفاعها، وهو ما جعلها تتحدث عن مبارك لاحقا مصرحة بأن \”مبارك هو كبير العيلة المصرية.. والكبير هو اللي بيدافع عن عيلته، وعلى رأي المثل اللي مالوش كبير بيشتري له كبير\”، وهونفس ما كانت تؤكد عليه لاحقا في كل حلقاتها مع ضيوفها، ومنها حلقتها الصدامية الشهيرة مع الشاعر الكبير أحمد فؤاد نجم، الذي كان يؤكد أنه معارض لمبارك بشكل كامل، فيما كانت تؤكد هي أنها مؤيدة \”جدا جدا جدا\” لمبارك!

وأما بعد الثورة, فمن محاولة فاشلة لها بعد الثورة بالعودة عبر برنامجها \”اللقاء الحاسم\”، والذي لم يشعر به أحد تقريبا، نرى الآن المحاولة الأخيرة في قناة \”العاصمة\” للمنافسة وسط حيتان برامج التوك شو، مؤملة إستعادة أمجادها السابقة، وقت أن كان الإعلام.. قنوات محلية.. ولا شيء آخر!

سعيد حساسين:

يرتبط اسمه بالقناة، ليس فقط في برنامج سيقدمه بها، ولكن أيضا بشراء التردد وبملكية ستوديوهات القناة, فالرجل الشهير بأعشابه في مساحاته الإعلامية – مدفوعة الأجر إعلانيا – بقنوات الدرجة الثانية من تلك التى تذيع افلاما أو مسلسلات أو حلقات المصارعة الحرة- يعرض فيها أعشابه التي تعالج – تقريبا – كل الأمراض.. كلها تقريبا!

لكن المتابع المدقق، سيكتشف أنه مؤخرا، لم يعد يذكر اسم \”سعيد حساسين\” إلا في صفحات الحوادث، سواء فى أزمة احتجاج ضحاياه أمام عيادته المزيفة بمدينة طنطا، وتوالي البلاغات أمام مباحث التموين في الغربية (أبريل 2013), والتي كشفت أنه أنشأ عيادة غير مرخصة بطنطا لاستقبال المواطنين المرضى، وصولا إلى تجمع مرضاه أمام عيادته المزيفة (بمنطقة الوراق) – فبراير 2014، وإنتهاء بما نشر إعلاميا مؤخرا (15 مارس 2015) أمام نيابة كرداسة، التي أمرت بضبط وإحضار \”سعيد حساسين\” بتهمة الغش التجاري، وتداول عقاقير طبية غير مصرح بها!

وكلما ظهرت نغمة (بلاغات) الضحايا إعلاميا, يختفي حساسين فجأة، وينوي أن يقيم عمرة بالسعودية! تستمر في المعتاد شهر أو شهرين أو أكثر, حتى تهدأ الأحوال! ويقوم خلالها بمتابعة نشاطاته التجارية لبيع الأعشاب الخام وزيوت حبة البركة وعسل النحل بالسعودية، والتي يمارس بها نفس تجارة الأعشاب الخام فقط بدون استعمال أسلوب الأدوية الوهمية(التى يقوم بها فى مصر)، داعما لها برأس مال المرضى المصريين الذين يصدقون تسويقه لأدويته – غير المرخصة – التي يزعم أنها تعالج كل الأمراض تقريبا.. كلها!

الكابتن عزمي مجاهد والكابتن محمود معروف

رموز القناة من الناحية الرياضية بميولهم السياسية، فالكابتن عزمي مجاهد بجانب انحيازاته المعروفة لمبارك وقت الثورة إلى حد دعوته لرموز الرياضة المصرية للتظاهر في ميدان مصطفي محمود \”فيما قبل يوم واحد من موقعة الجمل الشهيرة\”, وهو أيضا يصلح بحد ذاته مثالا ونموذجا للغرائبية و التناقضات في مصر، فهو يعد أحد أعضاء مجلس اتحاد كرة القدم, بينما كان في الأصل لاعبا للكرة الطائرة! و اذن كيف وصل ليصبح في مجلس اتحاد كرة القدم المصري؟

لا تعجب! إنها التناقضات المصرية المعتادة !

أما الكابتن محمود معروف.. نائب مجلس الشعب السابق عن دائرة طوخ وعضو الحزب الوطني السابق، فمحبته في أوساط الشباب وخصوصا الأولتراس، وآخرها عن أولتراس الزمالك، والذي تداولت المواقع وصفه لهم بالـشواذ \”لأنهم بيدوا ضهرهم للملعب\”، أما أولتراس الأهلي، فوصفهم بأنهم \”سوابق\”، ولا تعليق!

(6)

كما قلنا في البداية: \”المشرحة مش ناقصة قتلى\”، هكذا تتذكر المثل المصري الشهير، لكن من الواضح أن البعض يرى الساحة الإعلامية ينقصها المزيد من التدهور والانحطاط إعلاميا والانقسام سياسيا في وطن, يتدهور الحال فيه يوما بعد يوم، وتؤدي فيه هذه النماذج وغيرها من النمل الأبيض الإعلامي، في نشر الكراهية والتناحر والاستقطاب والصراع الذي ينخر خشب بيت الوطن, فيما تنشر روح الإحباط واليأس بين الشباب، وطمس أي أمل أن تقوم لهذا البلد قائمة, فيما تفرد الساحة لهؤلاء، وتمنع رموز إعلامية محترمة حوربت بالمنع وحجبت بالضغط، فاستسلموا للقمع، كي تكون الساحة خالية لهؤلاء!

ليس لها من دون الله كاشفة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back To Top