كان من بلاء الله لنا في شهر رمضان، الإعلانات بالفواصل وسط المسلسلات، إلى حد انتشار النكتة الشهيرة:
\”مش عارف اشوف الإعلانات من كتر المسلسلات!\”
لكن وسط كل هذا الزخم الإعلاني الضخم, كانت هناك إعلانات لا شك لافتة وفارقة وجديدة في فكرتها, نذكرها بدون ترتيب عشوائيا, ومعها حيثيات اختيارها:
اول إعلان:
تيمة الحوار بين الأجيال المفتقد تماما.
\”هو بيكلمه عن حاجة, والكبير بيكلمه عن حاجة تانية خالص\”!
الفتى يحكي له عن كرنش الجديد, والعجوز يحكي له عن اسكاتشايزر القديم وزمان وأيام زمان, في حالة لامست الشباب وما يواجهونه من نقاشات صماء مع الكبار في البيوت في أي موضوع, سواء كان سياسيا أو اجتماعيا أو فكريا أو أيا كان هو!
تاني إعلان:
قوتنا في عيلتنا – فودافون
قوة الإعلان كانت في القدرة على تجميعة النجوم على طريقة الفنانين ذوي صلات القربى والنسب والصهر والذين تجمعهم عائلة واحدة, مثل مصطفى وحسين فهمي, ويسرا وهشام سليم, ودلال عبد العزيز وإيمي سمير غانم, وميس حمدان ومي سليم، وكذلك عدوية وابنه، وأيضا مجدي عبد الغني وأخوه في الرضاعة!! ما علينا!!!
المهم إن فكرة التجميعة كانت ذكية وقوية وغير مسبوقة، وأيضا الربط بين عائلات النجوم وفكرة تسويق كارت إعلان فودافون الجديد.
تالت إعلان:
قوة الإعلان في نظري ليس فقط في أنها عملت جو من النوستالجيا بجمع نجوم الزمن الجميل الرائعين سواء من الضيف أحمد وجورج سيدهم ويونس شلبي وسمير غانم وفؤاد المهندس وصباح وأحمد مظهر, وطبعا لقطة أحمد زكي المبهرة مع ابنه، لكن قوة الإعلان ونقلته الحقيقية: هي استخدامها للقطات من الأفلام وادماجها باتقان شديد وذكي داخل الإعلان بحيث إنك بقيت تجدها ضمن الإعلان بشكل حقيقي.. نقلة زي كده هتطور الإعلانات وكمان هتسهل إعلانات كتير بوضع نجوم أحياء أو موتى في الإعلانات من لقطات الأفلام دون الحاجة لاستخدام أجور عالية.
يعني تخيل مثلا: يتعمل إعلان فودافون المذكور أعلاه بالطريقة دي مع شوية تغييرات؟ بالتأكيد ستختلف كتيرا من ناحية التكلفة والطريقة.
رابع إعلان:
النقطة الجديدة ليست في الإعلان الذكي – بصوت إسعاد يونس – لكن عن النظرة الذكية للناس بشكل عميق وبدون سطحية وأن داخل كل إنسان موهبة رائعة وشخصية محترمة بعيدا عن الانطباعات السريعة, لكن كانت النقطة الجديدة – في رأيي- هي في مكان الإعلان, لأن كوكاكولا لأول مرة في مصر قررت أن تجعل الإعلان فقط على السوشيال ميديا، أي على اليوتيوب والفيسبوك ومواقع الإنترنت فقط، وقررت عدم الإعلان على أي قناة تلفزيونية أو وسط المسلسلات كما هو معتاد، وأكدت تبرعها بجزء من تكلفة الإعلانات السنوية لعمل خيري، وهو أمر جيد
ومحترم، لكن النقطة الفارقة هنا :
أن المتابعين (ومن الشباب تحديدا) لم يشعروا بغياب إعلان كوكاكولا نهائيا، لأنهم ببساطة جيل الإنترنت، وشاهدوا الإعلان في كل مكان سواء في فيديوهات اليوتيوب, أو على الفيسبوك, بل أعجبهم وتأثروا به وحتى قلدوه وحاكوه في السخرية من شخصيات سياسية أو فنية, وبحسب ما وردتني من معلومات –غير كاملة – لكنها أكدت لي أن مبيعات كوكاكولا لم تتأثر خلال شهر رمضان نتيجة غيابها عن التلفزيون على الإطلاق, وهذه نقطة ستكون فارقة في مجال الإعلانات في السنوات القادمة:
لأن تكلفة الإعلان على الانترنت أقل عشر مرات تقريبا (إن لم يكن أكثر)
من تكلفة الإعلان على القنوات العادية, وإذا كانت التكلفة أقل, والعائد مقارب, فمعنى هذا أننا سنشاهد في السنوات القادمة تركيزا كبيرا من الشركات على إعلانات السوشيال ميديا, وانسحابا تدريجيا من إعلانات التلفزيون.
ما تأثيرات هذا؟ يحتاج هذا الأمر لمقال منفصل!
خامس إعلان:
إعلانات اتصالات والمارد الأخضر
النقطة الملفتة في الإعلان أنه تقريبا يعد أول إعلان يتحدث بشكل ساخر عن إعلان منافس.. هم لم يأتوا بنفس مارد فودافون, وإنما أتوا بشبيه له, لكن النقطة الفارقة، هي فكرة السخرية اللاذعة من إعلان شركة منافسة لشركة أخرى!
لم تكن تلك أول مرة تفعلها اتصالات في إعلاناتها، فقد سبق أن فعلتها في إعلانات (الانفصال عن شبكتك صعب) منذ سنوات, ولاقت جدلا واعجابا،
يضاف إلى ذلك أن اتصالات حذت حذو كوكاكولا في التركيز على السوشيال ميديا، وقامت برعاية برنامج يوتيوب رائع بحق بعنوان \”البريك\”.
لم يكن له أي صلة بمحتوى اتصالات الدعائي, وإنما فقط البرنامج برعاية اتصالات, وحظى بمشاهدة كبيرة تقارب مشاهدة بعض المسلسلات التلفزيونية، وبالتأكيد يعد هذا نقلة في السوشيال ميديا ومجال انتاج البرامج على الإنترنت في مصر.
سادس إعلان:
فكرة الإعلان الذكية في فارق لغة الحوار بين الرجل والمرأة, وهو أمر حقيقي تماما.
لفتت الإعلانات الانتباه، لأنها ركزت على مناطق اختلافات حقيقية بين الرجل والمرأة في نطق العبارات, وفهمها من الناحية الأخرى, وهو أمر تطرقت إليه كتب علم نفس بالفعل، وأعطى الإعلان عمقا بعرض الفكرة بطريقة ذكية وسهلة وخفيفة للغاية.
سابع إعلان:
كعادة موبينيل، تنتج أغنية جميلة بأصوات جميلة ومن إبداع الثنائي الرائع
نصر الدين ناجي شعرا, وأحمد فرحات لحنا، اللذين صار لهما مشروع فني مبدع من خلال إعلانات موبينيل، منذ أغنية (عشان لازم نكون مع بعض) 2012، وأغنية (وبحتاجلك وتحتاجلي) 2013، ثم هذه الأغنية الثالثة (فاعل خير)، والتي ركزت على نقطة فعل الخير داخل كل مصري بشكل فطري وعفوي وتلقائي، وهو أمر حقيقي, بدليل كل هذه الإعلانات التي شاهدناها خلال شهر رمضان تدعو المصريين للتبرع لكل شيء تقريبا:
بناء المستشفيات, علاج السرطان, تنمية الصعيد, توصيل المياه, إنارة القرى, مشاريع للفقراء, كفالة الغارمين, رعاية الطلاب, دعم التعليم، وهو ما جعل البعض يتساءل: وماذا عن دور الدولة الغائب في غيبوبة؟
ختاما:
كانت هذه أكثر الإعلانات الجميلة خلال شهر رمضان.. سردتها على غير ترتيب محدد, واخترت لكل إعلان حيثيات اختياره، وأنت أيضا يمكنك أن تختار إعلاناتك المفضلة.
اكتب إعلانك المفضل منهم أو من غيرهم في التعليقات, لأن الإعلان أصبح عملا فنيا في السنوات الأخيرة، وأنت مجبر على مشاهدته, شئت أم أبيت!