محمد علم الهدى يكتب: ببساطة وبالمختصر المفيد.. حكاية حرب اليمن

إذا كنت في حالة \”لخبطة\” بخصوص الحاصل في اليمن، ومش فاهم \”مين مع إيه\”، و\”منين بيودي فين\”، سنحاول هنا في السطور القادمة تلخيص الوضع المعقد باختصار، نرجو ألا يكون مخلا لتبسيط الصورة للمشهد شديد التعقيد في اليمن الآن:

نبتدي نحكي الحاصل من البداية.. واحدة واحدة، وبتبسيط شديد وبالعامية كمان:

(1)

بعد الثورة في اليمن وخلع علي عبد الله صالح، مسك بعديه حد مؤقت توافقي (عبدربه منصور هادي)، وكان ماسك بشكل (انتقالي).. يعني لغاية ما أنتوا يا شعب اليمن الثائر تختاروا رئيس جديد ودستور جديد وحكومة جديدة….. وإلخ إلخ.

لكن كعادة كل الثورات, وكعادة العرب اللي مش عارفين يتفقوا، فالشعب وقواه السياسية برضه، اختلفوا ومسكوا في خناق بعض، عشان كل واحد عاوز يمشي تصوره للوطن على مزاجه.

وبرضه كان فيه ناس – خارج اليمن – بتهدي النفوس من الآخر يعني!

(2)

وبينما ده كله حاصل.. فجأة اتحركت جماعة اسمها \”أنصار الله\”، أو \”الحوثيين\”، وهي – بالمختصر- جماعة وميليشيا مسلحة منظمة زي \”حزب الله اللبناني\” بالضبط، في تسليحها وتنظيمها وعلاقتها ودعمها من إيران بنفس الطريقة ومن زمان.

فجأة اتحركوا بحجة \”مواجهة تنظيم القاعدة\”، ودخلوا العاصمة – صنعاء- واتضح بمرور الوقت أن سبب دخول العاصمة بسهولة، كان نتيجة حلف سري – غير معلن – بينهم وبين ضباط الجيش الموالين للرئيس السابق علي عبدالله صالح.

طيب علي عبد الله صالح مصلحته إيه؟

البعض قال إن فيه \”ترتيبات لتولي ابنه رئاسة الجمهورية\”، بعد ما تستقر الأحوال، وفي المقابل يكون للحوثيين \”الدولة والحكومة والسيطرة\”.

لكن في كل الأحوال.. هو كسبان إنه على الأقل، قرر يسود عيشة الشعب اليمني، لحد ما يخليه يقول: \”ولا يوم من أيامك يا.. صالح\”!.. انتقام سياسي وإنساني وطبيعي إنه يصدر من ديكتاتور شعبه ثار ضده.

(3)

يبقى كده عندنا الحوثيين وصالح.. إيد واحدة!

طبعا في الأول كانت تحركاتهم اقتحام العاصمة صنعاء – في شمال اليمن-

ولجان تفتيش شعبية للي داخل واللي خارج وسيطرة على المراكز الأمنية، وكل ده الرئيس هادي آخره يشجب ويدين ويستنكر بلا قوة!

وبعدين – تدريجيا – زاد الموضوع لغاية ما حاصروا قصر الرئاسة وحبسوا الرئيس هادي شخصيا!

وبعد كدة حصل تضارب \”هل اعتقلوه؟ هل استقال فجأة؟ هل أجبروه على الاستقالة؟.. مش دي النقطة المهمة.. النقطة الأهم إن الحوثيين وصلوا بسيطرتهم للرئاسة.. يعني قمة السلطة في الدولة، وبعدها كانت بداية الزحف على الجنوب.

(4)

طيب اشمعني الجنوب؟!

عشان في الجنوب مضيق باب المندب، واللي هو منطقة ممر ملاحي بتمر فيها نقل بترول الخليج.

طيب ليه إيران مهتمة أوي تخش الخناقة – عن طريق الحوثيين- لباب المندب؟

لأن إيران متحاصرة من أكتر من 30 سنة حصار اقتصادي، وفيه عقوبات اقتصادية مفروضة عليها، برغم أنها دولة نفط، وزادت بعد دخولها الملف النووي!

لهذا اشتغلت إيران السنوات اللي فاتت على إنها تعمل زي فك كماشة على بترول الخليج.

من فوق كده، هتلاقي فك الكماشة العلوي مثلا:

مقتدى الصدر (العراق) + حزب الله (لبنان) + حلف بشار الأسد (سوريا) وفي عقلة الكماشة مثلا معارضة البحرين + جزر محتلة من الإمارات عند مضيق هرمز، وضيف عليهم: أقلية شيعية في السعودية (عند حقول البترول الأكبر).

وبكدة يتفضل لغلق الكماشة على منطقة بترول الخليج.. اليمن!

وتحديدا: اليمن + مضيق باب المندب كاملا.

طيب هتكسب إيه إيران بكده؟ هل هتعرقل ملاحة ومرور سفن؟

لأ.. خالص.. الفكرة إن لما يبقى الموضوع تحت سيطرة إيران، بأذرعها الإقليمية، فساعتها هتعرف تلاعب الغرب سياسيا في المفاوضات كلها..

سواء في موضوع الحصار والعقوبات الاقتصادية، أو في ملف الطاقة النووية.

والدليل إن إيران محتلة فعلا جزر طنب الصغرى والكبرى وأم موسى

على مسافة كيلومترات من الإمارات، وفي مدخل الخليج العربي، وما عملتش أي تحرك لعرقلة الملاحة، والدنيا ماشية عادي خالص، وزي الفل!

لكن الفكرة إن مجرد توافر \”القدرة والاحتمالية\” بيشكل عامل قوة إضافي ليهم في مفاوضاتهم مع قوى عالمية، لأن البترول هو عصب الحياة بالنسبة للغرب.. اقتصاديا وصناعيا.

يعني الفكرة في توازن الرعب.. دي تحت إيديا!

أو على رأي الأغنية الشعبية: \”هتولع؟ والله لنولعها\”.

(5)

طيب.. نرجع للحوثيين.. بعد ما سيطروا على صنعاء.. إيه اللي حصل؟

هما بدأوا من صنعاء، وزحفوا على الجنوب.. بس الموضوع كان تحت السيطرة.. ليه؟

عشان القبائل الجنوبية وقفت مع الرئيس هادي عصبية قبلية \”لأنه جنوبي برضه\”، والسعودية كانت بتسلح القبائل اليمنية في الجنوب كمان للتوازن، وبتدعم الرئيس الحالي هادي، اللي هرب على منطقة الجنوب \”عدن\” بأعجوبة، وأعلن من هناك إنه لسه الرئيس، وما استقالش ولا حاجة!

(6)

ولغاية اليومين اللي فاتوا، الدنيا انفجرت في اليمن لما الحوثيين زحفوا لمسافة قريبة جدا من مضيق باب المندب.. وصلوا إزاي؟

تناقلت الأخبار أن إيران زودت الدعم ليهم في السلاح بشكل معلن وفج \”سفن وشحنات سلاح ثقيلة ودبابات كمان\”، إضافة إلى انكشاف خيانات في الظهر لضباط \”علي عبد الله صالح\”.

كل ده خلى الحوثيين يقتربوا بزحفهم بشدة، ويضغطوا على الجنوب وعنق الرئيس هادي.

(7)

وهنا.. الرئيس هادي، لقى إن الحل إنه يطلب رسميا تدخل مجلس الأمن عالميا، وتدخل دول الخليج عسكريا لمواجهة الحوثيين وزحفهم وضرباتهم.

وهنا.. طبعا السعودية ما صدقت، واتحركت مع دول الخليج لضربة جوية مشتركة لمواقع الحوثيين في صنعاء، لتخفف الضغط عليهم وتكون بداية لعملية عسكرية.

ومتوقع – طبعا – إن لازم الدول اللي الخلي ساعدها قبل كده، زي مصر، إنها تساعدها وتشترك معاها، خصوصا إن دي مسافة السكة.

وده يوصلك للمشهد اللي حضرتك شايفه حاليا ده!

(8)

طيب إحنا كـ مصر.. هل لازم نتدخل عشان مضيق باب المندب؟

عمليا وبالعقل:

أولا: إيران أصلا مسيطرة فعلا بالاحتلال المباشر بكل فجاجة على جزر إماراتية وفى مضيق هرمز \”مدخل الخليج العربي نفسه!\”، والملاحة شغالة هناك، والسفن بتعدي من غير إغلاق أو تعطيل أو قفل ممر ملاحي،

لأن هدفها فقط، ورقة تلعب عليها في المفاوضات، لأن المفاوضات العالمية بتكون بحجم قوتك وسيطرتك على الأرض، وكمان حماية ليها بالردع لأى حد يفكر يوجه ضربة جوية ليها، وساعتها هتشعل المنطقة.

ثانيا: مضيق باب المندب هو منطقة ملاحة عالمية.. يعني منطقة مرور سفن بتنقل سلعة \”البترول\” بين بائع، اللي هو \”الخليج\”، ومشتري، اللي هو أوروبا + الولايات المتحدة، وإحنا فقط بنحصل رسوم انتقال ومرور السفن من قناة السويس!

لهذا.. ففي أسوأ الأحوال، لو حصلت سيطرة إيرانية حوثية على مضيق باب المندب، ثق إن إحنا هنكون الأقل تضررا بالورقة والقلم من البائع \”الخليج\” والمشترى \”الغرب\”!

ولهذا – فعليا- أنت مش محتاج تتدخل عسكريا خااالص لمصلحتك الخاصة كدولة، ومش محتاج تستنزف نفسك أصلا في أي صراعات في منطقة جبلية وقبلية معقدة، زي جغرافية اليمن.. بنتكلم عن طبيعة جبلية ومتنوعة ومتداخلة، وأنت جربت تتدخل في الستينيات في اليمن وكانت النتائج مش حلوة أبدا.

(9)

طيب احنا متدخلين مع الخليج ليه؟

لأن الخليج ما يقدرش يستحمل يبقى ورقة تفاوضية.. ده إضعاف ورعب له.. (بقى أنا ابقى ورقة على طاولة مفاوضات بين إيران وأمريكا.. إيه المذلة دي؟)

ولهذا بيستعين بالدول اللى ساعدها عشان تنقذه، زي ما وعدت.. (زي ما قلنا.. مسافة السكة).

(10)

في الطريق للحكاية دي.. هتلاقي فيه لعب على وتر تشويش للرأى العام.. إن دول سنة ودول شيعة، وتحويل الموضوع لإنه يبقى طائفي أو صراعات مذهبية أو خير وشر. لكن الحقيقة إن الموضوع كله.. مصالح وبترول وصراعات سيطرة ونفوذ متبادلة، وصراعات قوة كبرى في المنطقة وعالميا.. لا أكثر ولا أقل.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back To Top