بحسب ما قريت فى بعض كتب علم النفس بتلاقيها إجمالي قولنا إن فيه تسلسل معين لحياتك وبيمر بيها كل إنسان وأى إنسان فى تحولاته وتغيراته، واللى هتتصدم لو عرفت إنها رغم اختلاف الأشخاص بتحصل، وبشكل منتظم جدا. وعلى شكل مراحل نفسية ومستويات متتابعة، وفقط بيكون الاختلاف بين الاشخاص فى تفصيلة:
امتى وعند انهي موقف وإزاي وفين! لكن الانتقال بيحصل بيحصل من مرحلة للتانية. ومن حالة للتانية
أيا كان الشخص. وأيا كان الإنسان.
الكلام اللى جاي مش علمي وأكاديمي. بنتكلم بالبلدي وبالتبسيط يعني.
فلو فيه أي أخطاء تصدم المتخصصين فبنعتذر مقدما:
١- أول مرحلة:
المثالية: idealism
فيها بتكون حاطط شوية مباديء غالبا بتكون مثالية جدا. أبيض وأسود.. مفيش رمادي غالبا. بتقول فيها حاجات ومباديء رائعة جدا. بتوصل لحدود السماء وأحيانا للمستحيل.. بتكون فيها متفائل جدا. برغم عدم وجود خطة أو دراسة للواقع. أو وجود خطة مهلهلة خالية من أي تفاصيل. مباشرة جدا ويمكن ساذجة جدا.
شعورك فى المرحلة دي هيكون:
متفائل – كله هيحصل وبسرعة – هنقدر ونكسب – بلا بلا
*كمثال عملي نطبقه:
– واحد ثورى عاوز يغير البلد وتبقى زي أوروبا والدول المتقدمة كده.
والخطة: مظاهرات واحتجاجات لغاية ما يسقط النظام.. شكرا!
٢- تاني مرحلة:
الإصطدام بالواقع: smash
وفيها بتكتشف إن المباديء تحقيقها مش سهل.. المثاليات بتصطدم بحاجات فى الواقع، وتلاقي حاجات. قاسية جدا.. صعبة جدا. والواقع بقى بيمسكك كده يهرسك يطلع منك بني آدمين صغيرين.. ده يمكن مش بس بيفشخك. لا ده بيجيب ناس تفشخك!
مش بس يخليك تقع. ده يدوس عليك وأنت واقع كمان. بلا رحمة، والحكاية دي بتطول بالذات لو قعدت بترفض الواقع فترة طويلة.
بعض الناس المساكين بتقعد عالقة فى المرحلة دي ممكن سنوات وممكن شهور. بيختلف حسب نسبة ذكائهم فى فهمهم للواقع أصلا ودرجة إنكارهم ليها.. شعورك فى المرحلة دي بيكون:
ما بوراااحة – ليه يا دنيا كده؟ – هو فيه إيه؟ – هو كله ضرب
مش ممكن -إلحقونا- دنيا قاسية بنت ستين كلب – بلا بلا.
* كمثال عملي:
– الثورى اكتشف إن بعد احتجاجه، الموضوع سهل ومعقد وفيه مقاومة عنيفة من قوى مصالح ورا النظام السابق ويحصل قمع وقسوة رهيبة ويكتئب.. شكرا!
٣- تالت مرحلة:
رفض التشكيك: deviant
رفض التشكيك بيكون زي آخر محاولة كلامية أو معلنة منه للدفاع عن مبادئه قصاد الواقع الشرس.
بيرفض. بينكر. مش عاوز يسمع. مش عاوز يصدق أصلا. مش قادر يفهم أو يستوعب وحزن ومرارة صعبة
* كمثال عملي:
– الثورى بيهاجم أي حد ينتقد أفعاله أو الاعتراف بالفشل ويعتبرها موجهة ضد مبادئه. وغالبا بتكون ردة فعله صعبة وشتيمة ورفض تشكيك
٤- رابع مرحلة:
الإذعان الظاهرى: resign
الإذعان بيكون فى الظاهر فقط. لكن بيكون داخله ما زال رافضا للواقع، لكنه ما زال مش عارف طريق يرسمه من مبادئه اللى مؤمن بيها إلى الواقع المنيل بستين نيلة.. بيكون عنده، شعور بالعجز يمتزج مع سخرية حادة مريرة جدا جدا
وتوقف شبه تام عن أبسط الأفعال اللى قد تؤدي للتغيير. هو مؤمن بالمباديء أيوة.. لكن فى الظاهر ساخر ومذعن وتمام يا باشا. أو سكون عن ردة الفعل. مزيج كوكتيل يا فندم!
* كمثال عملي:
– الثورى يكتفي بالصمت أو السخرية المريرة مثلا وبيعمل إذعان بتوقفه تقريبا عن أي تحرك (عملي) ضد النظام نتيجة فشل وعجز تام أمام الواقع الشرس. حتى أبسط الأشياء وأقلها على فكرة.. شكرا!
٥- خامس مرحلة:
السخط التام أو الإستسلام الزؤام!
ودي هنا الناس بينقسموا إلى مجموعتين:
المجموعة (أ): سخط تام.. ناقم جدا جدا، وغالبا من هنا بتنشأ عقليات الإرهابيين والقتلة المحترفين والسيكوباثيين بأنواعهم.. هنا، بتتشكل وتتبلور بشكل مذهل ومرعب وخطير، لأنهم بيكونوا قرروا يواجهوا الواقع ده بسخط تام حاقد للغاية وناقم جدا. وتغيير الغلط بالعنف والقتل وكل الكوارث اللى كان لا يمكن يتخيل إنه يعملها
وده شيء غريب لأن نفس الشخص ده (خد بالك هنا) كان مبتدي فى المرحلة الأولى بمباديء جميلة جدا. رقيقة رومانسية تطلب الخير لكل الناس. حق. عدل. حرية. جمال. فضيلة. طب إيه؟!
لما تواجهه. بتكون ردة فعله على كلام زي الجوكر غالبا:
حق وعدل وخير؟ أنت مش فى الدنيا دي؟
طب أنت عارف اللى فى وشي ده من إيه؟ Why so serious؟!
البعض بيسميه هنا:
ساخط عن حق Righteously indignant، هو مش زي أي مجرم بيرتكب جريمة عشان نفسه. هو عنده داخليا شعور مختلف عنهم. هو بيرتكب جريمة عشان الظلم. بيشعر بإنه بيرتكب جريمة بس عشان صح مش عشان طمع أو فساد، وكمثال ليها مثلا شخصية ناصر الدسوقي وسبب شعبيتها فى رمضان اللى فات، جاية من كده على فكرة! ناس كتير عاوزة تبقى زيه بس مستنية فرصة! مؤشر خطر طبعا فى مصر!
المجموعة (ب): استسلام تام زؤام surrender
دي بقى غير الأولى. بتكون شايفة إن نهاية السخط التام أو العنف برضه مش هتحقق مباديء ولا نيلة. (وده صحيح) لكن بس تنفيس غضب، لكن لا تغير واقع ولا هتحقق المباديء أكيد ولا أى بتنجان.
دعك طبعا من الخسارة الفادحة وإنك هتخلي الواقع أسوأ وأزفت وأطين، يبقى خلاص بقى.. بووووووووووف (بيعملها بلسانه)
طنش بقى بلا وجع قلب. قطيعة تقطع اليوم اللى عملنا فيه وسوينا، وتبقى ذكريات مريرة. برغم إنك وقتها كنت بتعمل أجمل فعل فى حياتك، حتى لو فيه غباء وغياب رؤية. حتى لو ما جابش نتيجة. لكن يظل جميل برضه. لكن بيبقى مرير أوي فى عقلك
استسلام تام. تام. تام.
وغالبا من بعضهم هنا بيطلع المخبرين والمجندين وولاد الكلب الوسخين برضه.
وأتباع الشر والوساخة. وتغيير الاتجاه وارد جدا هنا، فيا ريت المرحلة دي لازم تكون فاهمها كويس وإلا هتبقى منيل بستين نيلة وهتغير حياتك تماما.. أنا بقولك أهوه ده لمصلحتك والله.
٦- سادس مرحلة:
الإدراك والوعى: awareness
كنت أعمي والآن ستبصر!
ودي أهم مرحلة.. فيها بتكتشف بالمحاسبة الداخلية الذاتية، إن الواقع سيء أكيد وابن كلب.. لكن:
أنت برضه عملت أخطاء وأنت رايح تحقق المباديء وتسعى ليها!
الملعب كان سيء صحيح، لكن أنت لعبك كان سيء برضه!
والواقع كان ضدك، أكيد! الواقع أسود؟ طبعا. أومال رايح تغير إيه،
لو ما كانش سيء؟! كنت رايح تعمل إيه حضرتك؟ فنجان قهوة؟
الواقع سيء ده أساسي. لكن:
أنت إستراتيجيتك وطريقتك كان فيها أخطاء
أيا كانت بقى.. سواء ما كنتش دارس الواقع صح. ما كنتش بتسمع. ما كنتش بتفهم التعقيدات بشكل كامل. كنت متهور أوي وسريع أوي. ومستعجل أوي.
وهنا تبتدي تراجع أخطاءك.. وتحاول بشكل دقيق، ثم تكون مجموعة أفكار جديدة. ثم تفكر وتدرس. وتنزل وتشوف. وتناقش وتسمع وتسجل وتجمع وتلخص. وتقرا. وتدور. وتشوف تجارب مختلفة.
أيا كان اللى بتعمله، فهو بيكون خروج صحيح من مرحلة الاستسلام والسخط اللى كنت متنيل فيها دي. شكرا.
٧- سابع مرحلة:
الحسم: decisive
هنا بتكون استقريت على مجموعة أفكار جديدة.. أيوة ممكن. تكون شغال بأغلب المباديء اللى كنت ماشي بيها فى أول مرحلة. جايز هتغير واحد أو اتنين، لكن أغلبهم ثابتين أيوة.
لكنك بتاخدهم بتحطهم فى شنطة ورا ظهرك كده، وبتشيلها بعزم وبتنطلق على الطريق اللى دلوقتي بقيت:
عارف هو إيه وهتعمل إيه ومدرك رايح فين وجاي منين إلى حد ما.
وهنا ترجع للمرحلة الأولى: المثالية.
برضه؟ أيوة!
بس الاختلاف إنك فيها تدافع عن المباديء (دي) والأفكار (دي)
وشايف إن الطريق الجديد (ده) هو الطريق ومفيش طريق غيره
وتتقدم شوية، لغاية ما تصطدم بواقع (جديد).. أومال أنت فاكر إيه؟
فهمت بقى ليه لما بتكون فى مرحلة بتسمع من حد خبير كلمة مشهورة أوي بتاعة:
هي الدنيا كدة؟
وتقول: كده اللى هو إزاي يعني؟
أيون! هي الدنيا كده.. دوائر وراها دوائر.. ومع كل لفة بتعمل تقدم صغير، ثم تسلم للجيل التالي.. مهمتك إنك تعمل اللى عليك، لكن الموضوع مش سهل.. أومال إنت فاهم إيه؟ أيوة هتروح وتييجي وتخبط فى الواقع ثم تقع وتقوم.
\”وتقوم وتقع!
في الفرح دموع ودموع يا وجع.. مين قال مقسوم! كداب يا ودع!
ده أنت اللى في إيدك طرف الخيط!\” – مسار إجباري، دعاء عبد الوهاب
إنت اللى إيدك طرف الخيط!
أي والله يا بني!
اقرا الكلام اللى فات من أول وجديد تاني بقى.