محمد عبد الفتاح يكتب: معزة غاندي

البيت بتاعنا كان دور أرضي بس، وكان نصه هو اللي مبنى، والنص التاني كان فيه طرومبة وشجرة وفرن طين وصفايح جبنة متعلقة، عشان الحمام يعيش فيها، وأرانب وفراخ.. ده كان طول السنة، وفي شويه مش كتير من السنة، يمكن قبل رمضان بشهرين.. كنا بنربي معيز عشان العيد، وأنا صغير كان عندي ييجي خمس سنين، وكنت واقف قدام الباب بالعب كازوز أنا وأصحابي، ودخل الشارع راجل معاه سرب معيز، وقعد ينده عشان الناس تشتري منه.. أنا فرحت قوي، ووقفت أتفرج على المعيز.. معزة صغيرة لونها أبيض، وفيها رقع بني أو سودة.. مش فاكر.. بس فاكر أنها عجبتني أوي.. قعدت ألاعبها.. الراجل قالي حرام ماتضيقهاش.. قلت له: مالكش دعوة دي بتضحك.. هو كمان قعد يضحك.. قلت له أسمها أيه؟ قالي أسمها معزة غاندى.. قعدت أضحك وجريت على أبويا، وكان معاه ناس من الشارع، وقلت له: بابا هات لي معزة غاندى.. كلهم قعدوا يضحكوا.. عيطت.. جم يتفرجوا على المعيز، وفي نيتهم مايشتروش.. عيطت أكتر.. أبويا سأل الراجل على سعرها.. قاله أربعين جنيه.. أبويا ضحك وقاله بتلاتين هي وأختها.. الراجل قاله لأ.. أبويا سابه وأنا قعدت أعيط.. واحد اسمه عم حموءة الله يرحمه قاله: أنت نيتك تشتري يا حاج.. قاله عشان حمادة بس.. راح للراجل وقاله: الأتنين بخمسه وتلاتين يا هادبح لك دين أبوهم.. الراجل قاله أربعين.. أبويا اشترى.. ماكنش فيه مكان نحطهم فيه.. نص البيت كان زحمة، وكان فيه خروف كبير قالوا إنه خطر عليهم.

أول يوم حطيناهم على السطوح بتاع الناس اللي جنبنا.. قعدت طول اليوم ألعب معاهم.. جيبتلهم إزازة كاكولا بخمستاشر قرش تقريباً، وشربتها معاهم.. نزلوني بالعافية من على السطوح.. أنا كنت مهري من العياط، ومعزة غاندي كانت بتمأمأ بصريخ.

تاني يوم صحيت بدري وحاولت أطلع السطوح اللي جنبنا.. بس الباب كان مقفول بالجنزير.. الشمس كانت حامية.. أمي دخلتني عشان أفطر.. كنت سامع صوت غاندي بتمأمأ على آخرها.. قلت لأمي غاندي جعانة.. لازم نفطرها.. قالتلي أفطر وبعدين نطلع لها.. فطرت، وقعدت أتفرج على فيلم \”إسماعيل ياسين في الطيران\”.. قلت لها: عايز أطلع ألعب مع معزتى.. قالت لي نام شوية من الحرعشان ماتعياش.. مارضيتش.. ضربتني ونيمتنى.. نمت كتير.. بابا صحاني عشان أتغدى.. كانوا عاملين لحمه.. كلتها.. كانت طعمها حلو قوى.. قلت لبابا عاوز أطلع أشوف غاندي.. قعد يضحك.. خرجت قعدت جنب الطرومبة.. شفت حاجة غريبة.. أبويا خرج على صوتي وأنا باصرخ.. أصلي شفت الفروة بتاعة غاندى.. قعدت أصرخ وقلت لهم ليه؟! بابا قالي إنها زهقت وأنتحرت من فوق السطوح وعمك حموءة لحقها بالسكينة، وأنا باعيط وقفت فجأة وسألته: هي اللحمة اللي كلتها بتاعتها؟ قال لي: أه.. قعدت أرجع وأنا باعيط.. جاتلي قرفة من اللحمة.. قعدت زعلان من عمي حموؤة أنه دبحها، وفضلت زعلان من ماما إنها ماسبتنيش ألعب مع غاندي.. أكيد لو أنا معاها ماكنتش هاتنتحر.. ماحبتش أختها اللي فضلت عايشة.. ماهديتش غير لما بابا جاب معزة جديدة.. بس ماكانتش زي غاندي.. بس بعد فترة شيلنا الشجرة اللي في وسط البيت، وهدينا الفرن والطرمبة ودبحنا كل الحمام.. بس فضلنا نربي أرانب كتير قوي.

 

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back To Top