لو حد كان قاللى من سنتين إنه بيتنبأ إن فى المستقبل هيبقى فى الكم ده كله من الاستثمار فى المسرح، وكم المشاريع المنتجة لصالح الفضائيات، استحاله كنت هصدقه، وكنت هتعامل معاه إن اليأس والإكتئاب سيطروا على مشاعره، وابتدى يهزى، وكنت هطبطب على كتفه واقوله: عيط لو حسيت إن الدموع محبوسة فى عينيك، علشان تتخلص من الطاقة السلبية اللى جواك، وكنت هانصحه يروح المركز الثقافى الهندى يتعلم اليوجا علشان تساعده فى تنظيم طاقته.
طبعا أنا كمسرحى سعيد جدا بالكم العظيم ده من الإنتاج القائم بشكل كبير على طاقات شبابية موهوبة بشكل كبير وعندهم طاقات جبارة بنشوف نصها بالكتير، وإحنا بنتفرج عليهم فى التليفزيون بسبب عدم توافر الحالة الحميمية اللى بنحسها وإحنا بنتفرج جوة المسرح بشكل مباشر، وشايفين الممثلين من دم ولحم بيتحركوا قدام عنينا، وسامعين نفسهم وشايفين كل تفصيله إيجابية أو سلبية، دون وسيط كالتليفزيون بيتم من خلاله عدم التركيز على السلبيات والتركيز فقط على كل ما هو مبهج للجمهور، ودى رسالة عظيمة لإن مهمة الفن الرئيسية هى المتعه والتسلية أولا ويليهم المحتوى والأهداف وكل الكلام الكبير إللى بنسمعه.
طب هل للمتعه والتسلية أشكال مختلفة، ولا هو شكل ومنهج واحد من حاد عنه خاب؟
الحقيقة إني اعتقد إن فى الستينيات تقريبا قام الفنان الشامل الراحل السيد بدير -على ما اعتقد- بعمل تجربة مسرح التليفزيون، والتى نتج عنها مجموعة كبيرة من الفرق والممثلين اللى بقوا نجوم، وانتج التليفزيون عروض كتير جدا، أرجو إن أى قناة تحاول تعرضها لنا، أو توفر لينا نسخ جيدة على الإنترنت، ولو فيه دراسات نقدية لتقييم تلك التجربة متاحة، ارجو برضه إنها تتوفر أو يعاد نشرها لدراسة نتايجها، لإن ده مهم للفنانين وللمستثمرين اللى قرروا يخوضوا التجربة دى بعد نجاح تجربة الفنان أشرف عبد الباقى، وباقى التجارب اللى بتتم دلوقت، واللى لسه هيتم تنفيذها فى الفترة الجاية.
طبعا بعد التعبير عن سعادتى وسعادة زملائى بالتجارب الموجودة وللرواج الهايل لفن المسرح، احب أنوه لشوية حاجات احتمال حد بالصدفة يشوفها ويتفق أو يختلف معايا فى أهميتها وجدواها.
أولاً: هناك أشكال ومناهج وطرق كثيرة مختلفة من تناول المسرح، بداية من طريقة كتابة النصوص وطرق التمثيل والإخراج والدعاية، ووصولا للتلقى.
ثانيا: هناك أنواع أخرى من المسرحيات غير المشروطه بالكوميديا وغير المشروطة باللهجة العامية، وهى ما ستخلق فكرة التنوع والمنافسة الحقيقية، وستؤدى دورا هاما فى الحراك الثقافى، والذى سيؤثر فى بناء المجتمع، اللى هيأثر فى تخفيف المعاناة والعنصرية والتطرف، اللى هيتحولو فى وقت قليل لموروث عندنا وعند الأجيال اللى بتكبر، وهيتم تشكيل وعيهم من خلال المنتج الثقافى الوحيد والمتشابه المتوفر فى الأسواق، وبالتالى هيصعب ساعتها التفكير فى حلول غير متطرفة.
ثالثاً: هناك أهمية كبيرة للتفكير فى أشكال أخرى للإنتاجات المسرحية، من الممكن أن توجه لتقديمها داخل التجمعات الكبيرة اللى زى الجامعات والمدارس والنوادى ومراكز الشباب والساحات الشعبية، سواء كانت تلك العروض فى العاصمة أو فى قرى مصرى ونجوعها شمالا وجنوبا، واعتقد إن ده مهم جداً لو كنا بنفكر بشكل محترف، سواء فى النتايج اللى هتساهم فى تكوين مجتمعات أكثر هدوءا بيحميها تكوين ثقافى غير مهترئ، أو حتى نعتبره استثمار فى بناء جمهور يتعود يدخل مسرح ويقطع تذكرة ويربى ولاده بشكل غير متطرف ويعودهم على تعاطى الفنون والثقافة.
رابعاً: على ما اذكر واعتقد إنى عاصرت ده، كان من وقت قليل فيه مسرح عظيم فى الجامعه ماعرفتش قيمته غير فى الفترة الأخيرة، وكان فيه نجوم فى كل كلية، وكان فيه فرق مسرح عندها جمهور فى المصانع والشركات والنوادى والمدارس ومراكز الشباب والثقافة الجماهيرية، وكانت مسارح القطاع الخاص منتشرة فى كل حتة، وكان فيه انتاجات كبيرة لوزارة الثقافة، وكان فيه سيرك عظيم وفرق فنون شعبية ليس لها مثيل، وكل دول كان عندهم جماهير بغض النظر عن تنوع وتفاوت المنتجات، فأكيد من المهم إن المستثمرين المتنورين يفكروا فى مشاريع مختلفة للإنتاج المسرحى، وفى طرق تانية مختلفة، وأكيد هيلاقوا لإن مش معقول إن كل ما حد يفتح سنترال فى شارع، يقوم كل الناس فاتحين سنترالات.
وأخيراً: اتمنى ان يتم التفكير فى أشكال مختلفة للاستثمار، وتطوير المنتج الحالى، وفتح الأبواب للرؤى والطرق المختلفة، والتفكير بتأنى أثناء التحضير لتلك المشاريع، ودراسة عمل برامج تدريبية فى التجارب المتواجدة حاليا لتطوير العناصر الفنية المستخدمة، بداية من الكتابة ومرورا بالتمثيل والديكور والإضاءة والملابس والماكياج والإخراج والإدارة المسرحية والإنتاج وورش للمخرجين اللى بيصوروا الأعمال المسرحية.
وطبعاً ده مايتعارضش مع أهمية التجارب الموجودة حاليا، واحترامى لبعضها.