محمد صالح يكتب: مسرحية سياسية في ثلاثة فصول

مقدمة:
وكل ما أقول اللهم اخزيك يا شيطان، وكفاية يا واد كتابة ببلاش.. شوف لك شغلانة شريفة اعملها.. ما باقدرش يا منعم.. اللي فيه داء ما بيعرفش يبطله.. الرغي ده بعيد عنك أصله مرض مستعصي.
الفصل الأول:
صندوق النقد الدولي مش جمعية خيرية، صندوق النقد الدولي عايز يسلف وياخد فلوسه وعليها بوسة.. متفقين؟ بس صندوق النقد الدولي برضك مش عدو عايز يطربقها على دماغ مصر والشعب المصري وخلاص علشان مصر بتهدد العالم مثلًا! الهدف مفروض إنه نبيل، إصلاحات اقتصادية، وبنى تحتية، شوارع، مجاري، مواصلات. هياخد فلوسه من إن الزباين اللي عند الحكومة كتير، والحكومة هتطلع منهم المصلحة وتدي حبة منها للصندوق، وحبة منها لخدمة ديون تانية وبلاوي متلتلة.
بس المشكلة في مصر، واللي بيخلي خواجات كتير يقعوا في غرامها إنها قربة مخرومة أو مقطوعة على حسب الزاوية اللي بتبص منها (نص الكباية المليان ولا الفاضي).. يعني مصر دولة فقيرة وفي نفس الوقت غنية جدًا. يعني مديونين لطوب الأرض، والاحتياطي الاستراتيچي ١٥ مليار دولار أول عن آخر، إنما بنجيب طيارات بتلتميت مليون يورو، ونطرقع تلاتة مليار دولار في تفريعة كان ممكن هي نفسها تتحفر في تلات سنين ونوفر التلاتة مليار.
يعني الأكل يبقى في المطعم وعلى موائد الرحمن في رمضان كتير جدًا، بس نص الطماطم والخيار والبقدونس والرز والعيش على الأقل بيترمي في الزبالة. مش علشان الحاجة رخيصة كفى الله الشر، إنما علشان الحكومة (اللي هي فاسدة أساسًا) علاوة على إن فلوسها بتروح في فساد، بتدعم الدقيق. قوم لما الجهابذة يحاولوا يحلّوا المشكلة يشيلوا الدعم مش يحاربوا الفساد.. شفت المنطق يا منعم؟
الدقيق مدعوم، والسماد مدعوم، والطبيعة مساعدة، والدنيا ما بتمطرش تلج، والنيل بيروي ببلاش، والجو حلو طول السنة.. محتاج إيه تاني؟
بس الطماطماية اللي إحنا بنرميها في الزبالة، ممكن تتباع في مطعم في ستوكهولم في السويد أو ڤولجوجراد في روسيا بعشر أضعاف ثمنها، وتجيب لك قد اللي بتجيبه في مطعم فلفلة عشرين مرة، والعيش اللي حضرتك بترمي نصّه، أو بتأكله للفراخ، الحكومة بتستورده بالعملة الصعبة، والباشاوات ياخدوا عمولاتهم، وبعدين الحكومة تقطع من جلدك وتحط دعم، علشان يوصلك الرغيف بخمسة وخمسة وعشرين وخمسين قرش. الطبق في مطعم ستوكهولم تمنه أضعاف الطبق في مطعم مصر، وبيتاكل لحد آخر رزاية، علشان هناك الكرون ليه قيمته. والمواطن السويدي بياكل بكل قرش دفعه، والمطعم بياخد حقه تالت ومتلت، لا حد بيبلطج على حد، ولا حد بيبقشش على حد.
السداح مداح اللي عندنا جاي من إننا عايشين عالة، عالة على المعونات، عالة على العالم وبنتبغدد بالفلوس اللي شاحتينها، قوم نستورد قمح ونرميه في الزبالة، ونستورد بنزين ونبيعه بنص تمنه، علشان كل اللي مالوش شغلانة يتفسح بالعربية الهامر اللي مامي جايباها له. الخواجة لما بييجي ويشوف الميغة دي، بيقول بينه وبين نفسه: \”وأنا مالي يا عم، اللي بيشيل قربة مخرومة بتخر على دماغه مش عليا\”، وبيشوف مصلحته، وبيلاقي اللي يسهلوا له مصلحته، ويسلكوا له البيزنس والمسائل. هو يحمل همنا ليه إذا كنا إحنا ذات نفسنا مش حاملين هم نفسنا؟
تتقفل الدايرة الجهنمية لما الصندوق اللي المفروض هييجي يسلفنا يشوف مظاهر البذخ والهبل والسفه في المصروفات. قوم يقول لك لازم تعمل وتعمل وتعمل. قوم الباشاوات طبعًا ييجوا على الغلابة مش ييجوا على نفسهم. قدرة بقى، ولا يقدر على القدرة إلا ربنا.
الفصل الثاني:
قوم ييجي يقول لك كده بالصدفة، بالصدفة الحتة، ولا سحر ولا شعوذة. إن سعر تذكرة المترو بيكلف الدولة ٢٥ جنيه. وعارف يا منعم. أنا مصدقهم. ما هو ما ينفعش الدولة تخسر ملايين الجنيهات يوميًا بسبب إنها بتنقل حوكشة المواطن الكادح اللي في حلوان ونازل يشتغل في المرج بنفس سعر نقل المواطنة مديحة اللي نازلة من كلية البنات تجيب بقدونس من الكوربة، مش بس كده، ده حوكشة المواطن الشغيل الكادح بتاع حلوان بيتنقل في قطورات وخدمات الخط الأول المتهالك الضايع اللي مش بس مافيهوش تكييف، إنما أحيانًا مافيهوش نور، والشبابيك جايبة طراوة صيف شتا، والمواطنة مديحة بتاعة البقدونس عاملين لها خط ألاجة هاي لايف يليق بسكان مصر الجديدة والزمالك المحترمين (اللي كمان مش عاجبهم المترو يعدي من تحت الحي الراقي بتاعهم علشان الرعاع ما يوسخوش المكان!)
بس العدل يقول إنك ما ينفعش تغلّي تذكرة المترو، وتدعم البنزين لعربيات الهاي لايف والكومباوندات، وأنا كمواطن مش عارف فلوس المعاشات بتاعة العسكريين والسياديين على كافة أشكالهم بتيجي منين وبتروح فين.
عايز تعرف مصر بتعمل إيه في الموارد؟ اتفرج على المترو. تعالى أما أحكي لك:
فيه مكن موجود على يمين مداخل ومخارج المترو بيشتغل بالكروت. وإدارة المترو بعد ما عملت سايت على الفيس بوك، والواتسآب، وخطوط ساخنة للتواصل مع المواطنين عملت حاجة مهمة جدًا هي \”حافظة تذاكر\”، وده كارت ذكي ممكن تشحنه بعدد تذاكر (بسعر التذكرة العادية) وثمن الكارت نفسه عشرة جنيه. وتدخل بيه وهو يسحب من رصيدك. المكن ده معمول علشان يتعمم على جميع المحطات، ومعنى تعميمه إنه ممكن يقرا مكان الدخول ومكان الخروج، وبالتالي ممكن برمجته على سعر عدد المحطات والوقت وممكن كمان برمجته على يوم الأسبوع والوقت من اليوم، بمعنى إن حوكشة (بتاع المرج – حلوان) وهو نازل يوم الجمعة الصبح رايح حلوان يلعب طاولة، هيدفع أقل من حوكشة وهو نازل في عز يوم العمل، ومديحة لو نازلة تجيب بقدونس بالليل يكلفها أرخص من لو نزلت تجيب بقدونس في عز الضهر في يوم عمل. وبكده إدارة المترو هتعظم المداخيل بتاعتها على حسب وقت الذروة مقابل وقت الفضاء، وهتعلّم المواطنين عمليًا إنه لو مافيش ضرورة لاستخدام المرفق ما يستخدموش لإنه له سعر وله تمن وبياخد من حق مواطنين تانيين عايزين ينتقلوا في نفس اللحظة لأغراض تانية. (المترو مش سنكحة وفسحة، المترو وسيلة مواصلات).
قبل ما شركة المترو تعمم موضوع التذاكر لازم يكون فيه خرايط واضحة للفئات المستهدفة بالدعم، بحيث يتم وضع خطط محددة لدعمهم من خلال كروت إما مجانية أو مخفضة، أو كروت يتم توصيلها بحسابات الشركات (من خلال البنك المركزي وكروت الائتمان وكروت المرتبات التابعة لشركة ڤيزا واللي الحكومة المفروض بتعممها) وبكده اللي عنده دعم مش هيحس باختلاف في ثمن التذاكر، بينما اللي نازل سنكحة على الحكومة والبلد ودافعي الضرائب هو اللي هيبطل ياخد حبيبته ويقعدوا يتفسحوا في المترو على خط مصر الجديدة رايح جاي بجنيه.
قرض صندوق النقد الدولي وكافة المؤسسات الدولية اللي عايزة تساعد مصر، عايزة مصر تبقى رشيدة في إدارة مواردها.
الفصل الثالث والأخير:
اللي بيحصل في المترو، وفي المطعم، وفي القمح، وفي الطماطم بيحصل على كل مستويات الدولة. عندك كل حاجة، ومش عارف تعمل حاجة.
تقوم تستلف فلوس علشان تعمل حاجة، قوم ياخدها حاجة باشا، علشان يطرقعها في أربع طيارات باتنين مليار جنيه.
مصر غنية، وقادرة، وعفية، وعبقرية، وتقدر تقوم بكل سهولة.
بس لما حاجة باشا يقول لنا على الرقم/الأرقام/المصاريف/المرتبات/الميزانيات بتاعة المؤسسة الوحيدة الخارجة عن طوع الدولة، ويدخلها داخل الدولة، قوم تبقى دولة.
حاليًا ده جيش طالع له دولة، مش دولة طالع لها جيش.
الجيش ما ينفعش يبقى جيش ديمقراطي حديث له دولة تابعة بتنفذ أوامره.
إنما الدولة ينفع تبقى دولة ديمقراطية حديثة ليها جيش وطني يدافع عن أراضيها.

حمى الله مصر وأرضها وشعبها وجيشها من كل مكروه.
ستار

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back To Top