محمد شحم يكتب: نبش التركة

لا والله لا يمكن أن يكون هذا كلام نبي أو أوامر إله لبشر. إنه محض تأليف بضعة أشخاص تنقصهم الحكمة والرؤية، لم يطلعوا على المستقبل ولم يدركوا أن اﻹختلاف النفسي والعلمي والعملي قادم لا محالة. فقط إنخرطوا في ماديات أزمانهم على عكس أصحاب الرسالات السامية.
بلا شك، أحترم كل الديانات اﻹبراهيمية الحنيفة مثل اليهودية والمسيحية واﻹسلام، وكل ما هو مشتق منهم من مذاهب سواء سنة، شيعة، كاثوليك، أرثوذوكس. إلخ. وكذلك أحترم الفلسفات اﻹنسانية التي يعتنق أصحابها مبادئها وكأنها دين، والتي هي الديانات اﻷرضية كما يُطلق عليها مثل الكونفوشية والبوذية وغيرها.

ولا أشكك أبدا في صدق نوايا عبدة البقر والحجر والنار والنبات والتراب أنهم بالتأكيد توصلوا لقناعة معينة مغزاها التواصل مع الخالق من خلال هذه الأشياء بشكل ما لم نتفهمه ولا نعلم عنه شيئا.
لكن يؤرقني دائما إعتقادات البشر، وخاصة المسلمين الذين هم على ديني أنه أكثر دين عرفت عنه بحكم الوراثة والدراسة في مراحل العمر المختلفة.
على سبيل الأمثلة:
– الكلب نجس وتربيته حرام إلا لو كان لصيد أو حراسة، والملايكة بتعد عليك كل يوم ذنوب قد جبل عرفات -بالذات- أو بينقص من حسناتك بنفس القدر. لمجرد إنك بتقتني كلب! زي أهل الكهف اللي هم كانوا مؤمنين جدا وهربوا من الكفار زمان! والموضع الوحيد لذكر الكلب في الدين الحنيف، كان إنه مرافق لهم ونام معاهم وصحي معاهم.. فكيف يكون مُحّرما ولعابه نجسا؟!
– كلمة \”لا إله إلا الله\” هي الكلمة الوحيدة التي لا تحرك فيها شفتاك، علشان لما تحتضر يبقى قدامك فرصة ترددها، حتى لو كنت مشلولا، لتكون بوابتك للجنة.

بأي منطق يكون تحريك اللسان أسهل من تحريك الشفتين؟!
– الزوجة التي تغضب زوجها تبات ليلتها محاطة بلعنات الملائكة حتى الصباح.

الملائكة، تلك الكائنات النورانية التي لا تنشغل بغير ذكر الله والتسبيح ليل نهار، سوف تتحول إلى لعٌانة سبّابة لامرأة ضايقت زوجها!

– عذاب القبر والشجاع اﻷقرع والثعبان المخيف وضمة القبر وحريق في مدفن الميت.

فولكلور غريب يحول حياة البرزخ إلى فيلم رعب!

– حد الردة وقتل من يسلم ثم يغير دينه إلى دين آخر.
أشياء لم تذكر في القرآن ولم تطبق في حياة أي نبي يدعو لدين يتسم بالسماحة والغفران، ولا في أي فلسفة أرضية ولا حتى عند عبدة التنين!

وهناك مئات من اﻷمثلة البغيضة التي تجعلك تخاف أن تقترب من هذا الدين، وكأنها مؤامرة من أصحاب الدين نفسه ضد الدين، رغم نواياهم غير المشكوك في صدقها.

كذلك في باقي اﻷديان، فإن المتطرفين أو الجهلاء أو من لم يكلفوا أنفسهم ليفكروا لحظة، يصّدرون فولكلور الدواعش هذا لنا على هيئة أحاديث نبوية أو سنة عن سلوك الصحابة والتابعين اﻷولين، وعن المسيح وموسى وحتى نوح.

اﻷديان كلها مثل كتالوج إنساني بيحاول يمهد لك طريق قيم تسير على نهجه لتصبح أفضل نسخة من نفسك، لتستطيع التعايش بسلمية مع باقي البني آدميين، وأيضا مع الحيوانات والنباتات، واﻷديان بريئة من فلكلور مشايخ الجهل والعنف واﻷغراض الشخصية وتمكين ولي اﻷمر من رعيته وتعبيد المرأة وإخضاعها وإذلال الرجال لحكامهم وعبودية الشعوب لملكها.

مجرد أن تفند حديثا مغلوطا وتفكر فيه، سوف تكتشف أنه من قول شيخ فشل مسعاه في أن يصبح فيلسوفا أو حكيما أو كاتبا، فبث وصدّر لنا تلك السموم على أنها من علوم الدين القيمة ومن مقتضيات اﻹيمان به، التسليم دون جدال أو مناقشة.

كل منا تعرض لتصديق مئات التخاريف في الصغر، ولم يفكر فيها أو يفندها بعد أن نضج، ﻷنه حفظها عن ظهر قلب منقوشة على حجر.

أدعوك للتفكير مرة أخرى في كل مقولة تصادفك، حتى وإن كانت مذّيلة بتوقيع نبي، وحتى لو من الكتب السماوية التي جمعها بشر مثلك وأضافوا لها النقاط والتشكيل، لكي لا تدع الفرصة ﻷحد أن يتندر عليك وعلى دينك، أو يفر منك كالمجزوم.

إنبش في هذه التركة وخذ منها النافع والمنطقي، وإلق بالضار وغير ذي لازمة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back To Top