محمد شحم يكتب: خطاوينا على الدرب الغريب

 

‎فخورين ومش ندمانين على أي خطوة قطعناها في مسيرة على مدار خمس سنين من عمرنا، فخورين بكل خطوة خطيناها وكأننا حققنا بيها حلم كنا بنتمناه، خطاوينا في مسيرة الثورة ما كانتش منة ولا فضل.. ﻷ.. دي كانت فرض عين وواجب زي الصلاة والصيام في كل دين، ما هي الوطنية مش مجرد شعار أجوف من غير عمل، والعمل اللي للوطن، عبادة، زيه زي نوم الظالمين وغفوتهم.
‎يمكن الخطاوي كانت عمل معنوي رغم فيزيقيته المجهدة المتعبة، لكن تعبنا ليها راحة، ما إحنا بنخلص من اللي علينا للي لحم كتافنا من خيرها رغم عدم ظهور بشاير الخير ده بشكل واضح، بنرد دين جدودنا دفعوه زي القروض اللي بياخدها حكامها على مر الزمان ويوحلونا فيها أبد الدهر، وزي المعاهدات اللي مضطرين نصغر لها ونطاطي لها ﻹنها كانت قرار سابق ميلادنا من حكامنا سواء كانت نيتهم خير أو مش لمصلحتنا، كل صوت إتنبح ولسان تدلى وريق نشف في هتاف ما، بيرسم خط في لوحة الوطن لا يمكن إزالته وبيكتب مازورة في نوتة لحن بليغ بيدوي، صوته مسموع على الدوام مهما كان الخفوت حاصل، أقوى من الجرافيتي اللي السلطة أصرت بدأب على مسحه علشان ننسى، لكن الخطاوي والهتافات في المسيرات المناهضة كانت ومازالت بتتردد وهايفضل صداها طاقة لكل جيل جي، يمكن توازي في قوتها نداء: الله أكبر الخاص بحرب أكتوبر، وكل شهيد مشي وبروحه انتشى قاعد مع شهيد تاني في جنة الخالدين سواء اتقتل برصاص الغدر أو رصاص الصديق المزعوم حامينا وراعينا ومولانا المزيف.
‎كل خطوة قطعناها بتأكد حدودنا اللي مش للبيع أو التنازل وكل هتاف وكلمة بتأكد مطالبنا اللي مفيش حد حققها وواضح إن مفيش نية لغاية النهاردة، لكن مفيش حاجة بتروح سدى وكله بيتعد ويعد.
‎كل خطوة قدم ضربت على الأرض في اتجاه الرفض والتغيير خطت علامة في قلب مصر ما تتمسحش زي الوشم، خلفت ذكرى ما تتنسيش ولا يمكن تجاهلها في لحظة أو في سنين، الخطوة الواحدة عمل، والعمل بيولد الأمل والأمل باقي وساري ومالهوش لحد ولا كفن مهما كان صوت اليأس منيع وشنيع وعالي، الأرض بتمتص الخطوة وتخزنها ليوم معلوم تشوط فيه مؤخرة ظالم ما وتهرس بيها أفكاره اللي بتنشر البؤس، وتدوس بيها على خططه اللي بتقوض الحرية والعدل والسلام، بتحصل دايما وحصلت كتير ولسه هاتحصل كمان مفيش شك، مهما كان صوت الخطوة خافت بسبب عوامل الزمن أو السيطرة والقمع لا محال من حدوث ده‫.‬
‎مش محتاج أثبت لك بدليل، يكفي إن راجل من قلب النظام ويدين بدينه اضطر يوم ٢٨ يناير يخلع نجومه ويطير نسوره ويدفن أغصان الزيتون من فوق كتافه وجري بملابسه الداخلية يستخبى وسط ناس كان من دقايق بيحاول يقتلهم، ورغم ده كله إحتووه، مش لسبب غير لإنه غافل مسكين العقل مشوه النفس غير مدرك لأبعاد القضية، هم كانوا مدركين إنه مريض محتاج علاج، رغم زعمه إن عقولهم على قدهم ومش مستوعبين اللحظة، لكن الإنسانية دايما بتكسب في كل الظروف، والعدل له يوم ينور عقول الخلق، والحرية هاترفرف في نهار ما فوق رؤوس الأشهاد، والمريض مسيره يتعالج أو يموت ‫.
‎الثورة مرت بأطوار ومكملة بشكل تاني ولو خفي وسلمي ولو نايم في القلوب ولو غافي في العقول فهي مستمرة وماخمدتش لحظة ومش هايحصل إنها تخمد‫، هي مش بركان ولا فوران، الثورة مبدأ ومفهوم وحلم التغيير للي داق طعمه تمنتاشر يوم لا يمكن يسلاه ولو مرت دهور .
‎‫خطاوينا صداها لساه برجع الصدى ساري في النفوس والهتاف الأصلي لسه بيتردد جوه القلوب والعدل مطلب رئيسي مهما طغى الظلم والحرية بترفرف في قفص صدر الوطن ومسيرها تنطلق حمامة وليدة مهما كانوا فاكرينها وئيدة، الحلم الوحيد الباقي إننا ما نفقدش روح إنسانيتنا بتلويث توب بهية بدم جديد، وإن خطاوينا تعيد بنا الحلم من غير ما تدوس على الفطرة السليمة، وإننا ما نفقدش الأمل في الدرب الغريب.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back To Top