هناك قائمة هائلة من المضطهدين في مصر. تبدأ عند مشجعي نادي الزمالك وتنتهي عند الماشيين يكلمون أنفسهم في الشوارع.
الزمالكوية مضطهدون لأنهم ينهزمون دائما، لا أذكر آخر مرة كسبوا مباراة، كذلك لأنهم ينفعلون سريعا عند تذكيرهم بهذا، ولا يضيف رد الفعل هذا على الرغبة في اضطهادهم سوى القليل من الأسى، وهو ما يجعلهم من أكثر المضطهدين في مصر غرابة!
هناك بالطبع اضطهاد للمسيحيين، وربما كان أبلغ موقف رأيته يوم انفعل النجار المسيحي الذي يعمل معي على عامل هندوسي.. كان قد افترش الأرض ممسكا بيده صورة لجانيشا، وهو يطنطن ويهز جذعه، فقاطعه الأرثوذكسي وقال بعربية فصيحة بليغة: \”ما هازا؟ أهازا إلهوك؟ هازا إلهوك! أوغروب عن وجججهي!\”. وانفعل كثيرا، فانطلقت العامية من فمه حزينة باكية: \”يا عم هنا المسلمين والمسيحيين مش طاقين بعض، جايبلي فيل وبتعبده؟\”.
لكن لسبب ما يضطهد الأرثوذكس الكاثوليك، ويشترك كلاهما في اضطهاد الإنجيليين، وربما اشترك كل المصريين في اضطهاد البهائيين.
يعترف النجار المسيحي الطيب بأنه مضطهد، كذلك لا يود أن يزيد عدد المضطهدين ولو شارك هو في اضطهادهم، يبدو أنه لا يؤمن بالمنافسة الشريفة.
على كل حال القائمة أطول من أن يتم ذكرها هنا، أو في أي مكان، وربما تفيض قائمة من يضطهدهم المصريون عن الزمان نفسه. آه.. سأضيف مجموعة إلى القائمة، من يبالغون.
لكن على الأغلب ستجد نفسك تضهد واحدا من هؤلاء: الصلع.. السمان.. أهل الفيوم.. عساكر الحراسات.. الماشين بشباشب تلطم الأسفلت.. أعضاء المحفل الماسوني المصري.. شمَّامي الكلة.. سائقي الميكروباص، ومن ينفثون رائحة الإنفلونزا في المترو.
في النهاية، الجميع مضطهدون بشكل أو بآخر، ومقدار الاضطهاد يتوقف على مقدار قوة أحد الطرفين، والجميع يتبادلون موقعي المضطهد والمضطهد.. كل واحد يحاول أن يعلو فوق الآخر ولو لدقائق قليلة.