محمد رؤوف غنيم يكتب: المؤتمر الاقتصادي خلص.. ياللا نموت بعض

كم المبالغة والتطرف في التفاؤل والتشاؤم على هامش المؤتمر الاقتصادي مش طبيعي، والإصرار على إعلان النتيجة سواء بنجاحه أو بفشله من دلوقتي, واخد ابعاد كوميدية.

إنما المصيبة والكارثة، واللي مايضحكش خالص، هو كم التراشق والتلاسن والتهكم والسباب والاتهامات المتبادلة بين نخبة المتفائلين اللي نصبوا نفسهم رعاة وحماة الوطن، والايجابيين الوحيدين، اللي شايفين إن المؤتمر حقق نجاحا مبهرا لا مثيل له في تاريخ المؤتمرات, ونخبة المتشائمين اللي نصبوا أنفسهم أصحاب الحقيقة والمفهومية والعقل الوحيدين ، اللي مقتنعين إن المؤتمر سراب ووهم وما حصلش أصلا، وكل اللي شفناه وسمعناه فوتوشوب على فلوس بنك الحظ.

ودول بيشتموا في أهل دول, ودول بيتوعدوا لأولاد دول.. أنتوا خونة وعملاء، وأنتوا حرامية وفاسدين.. أنتوا جهلاء وكسالى.. أنتوا انتهازيين وأمنجية.

دائرتان متكاملتان من السباب تبدأ عند جد الجد, وتنتهي عند الأولاد وأولاد الأولاد.. تثبت كلتاهما أن ما من أمل في هؤلاء أو هؤلاء, ولا يجب إلا سحقهم جميعا, أو على أقل تقدير تهجيرهم بسرعة أو إخراسهم إلى الأبد!

جنون رسمي، وكأننا شعبان عايشين في دولتين في حالة حرب.. مش شعب واحد عايش في بلد واحدة، بتاريخ واحد، وبمستقبل وقدر واحد.

ودول مين اللي عاملين كدة؟ الشعب البسيط؟ الجهلا؟ الغلابة؟

لأ.. دول النخبة.. المتعلمين المثقفين.. النخبة اللي مفروض إنها حتبني البلد.. النخبة اللي مالية التايملاين على فيسبوك وتويتر بنظرياتها العظيمة وبكلامها المنطقي اللي مسنود بالأدلة والبراهين.

 

والحقيقة هو إن الفصيلين غلطانين طبعا، وبدون أدنى شك, لأن المؤتمر ده ولا حينقذ مصر ولا حيغرقها، وإنما النخبة دي هي اللي في إيديها مستقبل البلد دي، وهي اللي حاتقرر البلد دي حتقوم ولا ﻷ.. بس هما مش حيقرروا ده بانحيازاتهم وبتوجاهتهم.. سواء كمتفائلين أو كمتشائمين, ولا بكلامهم المنطقي ونظرياتهم العظيمة لإثبات عظمة المؤتمر أو هزليته, وإنما سيقررونه بحاجة واحدة فقط, وهي أسلوب إدارة الاختلاف فيما بينهم, وبطريقة المناقشة والتحاور في نظرياتهم.

هي دي الحقيقة المرة اللي النخبة بتاعتنا مصممة تتجاهلها، أو يمكن مش قادرة تستوعبها، وهي إن طول ما إحنا مش عارفين نتفق على مساحة الاختلاف المسموح بها في بلد واحدة, وعلى القاسم المشترك اللي لازم نبني عليه اختلافاتنا دي, ونحقق من خلاله توافقنا، وطول ما الشعب اللي النخبة عمالة تفتت فيه بأطيافه وفصائله المختلفة ماتعلمش ازاي يختلف, وطول ما اختلافاته مخلياه يقعد يشتم ويتهم في بعضه.. طول ما البلد حالها عمره ما حيتعدل, ومش حيقومه لا مؤتمر ولا عشرين مؤتمر, ومستقبل ولادنا حيفضل تحت رحمة الإرهابيين والحرامية والانتهازيين والمستبدين, والمؤامرات الداخلية والخارجية.

وبناءا عليه, وبما أن المؤتمر انتهى خلاص, وبما أننا مش حنعرف نتفق إذا كان المؤتمر نجح ولا فشل, وبما أن الصراع بين المتفائلين والمتشائمين مش باين له آخر.. اقترح أننا كلنا نتسلح ونبتدي نموت في بعض, وآخر واحد يفضل عايش هو اللي يقرر إذا كان المؤتمر الاقتصادي ده كان أحسن مؤتمر في العالم والكون والتاريخ, ولا مؤتمر ابن ستين كلب.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back To Top