محمد حسين يكتب: لماذا علينا أن ندعم رئيسنا المحبوب في تعديل أفضل دستور بالعالم؟

على عينك يا تاجر؛ يدخل مرشحو الجهات الأمنية لانتخابات البرلمان وأعينهم على تعديل دستور النوايا الحسنة من أجل تقليص صلاحيات البرلمان ومنحها للرئيس. لقد استنفذت النكتة قدرها وضحكنا، ثم علينا تذكر أنه لا تعديل للدستور بدون استفتاء شعبي.

صحيح: كلمة \”الشعب\” ومشتقاتها لم تعد جميلة وملهبة للخيال كما كانت قبل 30 يونيو! أصبحت الكلمة تحيلنا إلى ذكرى يوم التفويض المفتوح. لكن كان هذا منذ عامين، وخلال هذه الفترة طفحت الكثير من المجاري تحت الجسور، وعندما تتدحرج الكرة مرة أخرى في ملعب هذا الشعب، فإن هذا قد يعني قدرا ما من انفتاح المجال العام خلال لعبة الاستفتاء.

لنكن صرحاء، في ظروفنا الحالية لا يمكن أن يصبح الاستفتاء أكثر من لعبة.. لقد شاهدنا مقدار الجنون الذي وصلت له الدولة، لن يكون التزوير بالنسبة لها حلا مستبعدا أو أخيرا، بل هو خيار قائم بشكل مستمر، وشرعي أيضا إذا ما اقتضت الأمور.

رغم هذا هناك فرصة لأن نقف فوق الكرة قليلا ونربك بعض الحسابات. حسب ما يسعى له المتحكمون في قائمة بسكو مصر، فإن الأمور ستجري بسلاسة، من الموافقة على المئات من قوانين الرئيس، إلى اقتراح تعديلات الدستور ثم الحصول على موافقة الأغلبية وطرحها بالاستفتاء.. ليبدأ الرقص أمام اللجان.

خلال هذه الفترة، يمكنا أيضا السعي من أجل تعديل الدستور*، إذا ما كان الجنرال المحبوب يسعى للاستحواذ على المزيد من الصلاحيات، فيمكن لنا المطالبة بزيادة مخصصات التعليم والصحة، إنها المادة التي لم يتم تفعيلها من الأساس بالدستور شبه المعطل حاليا، ولا أحد يمتلك الزريعة لمعارضتها إلا بزريعة شراء المزيد من حاملات الطائرات.

يعتمد الجنرال على قاعدة اجتماعية من موظفي جهازه الإداري وأرباب المعاشات والنساء.. إليك مجموعة تعديلات دستورية رائعة لتلك الفئات: محاربة التمييز بين موظفي الدولة والقطاع العام الذي يؤسس له قانون الخدمة المدنية، السعي لإلغاء الخلل في حقوق النساء بسوق العمل، تعميم الحد الأقصى للأجور على كل مؤسسات الدولة، وإجبار الدولة على رد أموال صناديق المعاشات خلال فترة واضحة.

البرلمان المرتقب سيكون ساحة توازنات أمنية، لكن رمانة الميزان ستكون تحالفات عشائرية وعائلية ذات أسس جغرافية، ولأجل هؤلاء يمكن الضغط على مفاتيح اللامركزية في سياسات الإسكان على سبيل المثال. الأشهر القليلة بعد الانتخابات ستكشف أنه لا موارد لدى الدولة يمكن أن يعتمد عليها نواب العشائر والعائلات لاستمالة القوى التي ساندتهم، سيعتمدون لفترة على التوزيع من مواردهم الخاصة، ثم سيكون عليهم المزايدة على الدولة، واللامركزية ستكون العنوان هنا.

لنكن صرحاء، هذه المطالبات مستحيلة وخيالية تماما عند محاولة تطبيقها داخل إطار الدولة الحالي، لكن من قال إننا نسعى لإصلاحها عبر الدستور؟ أثبتت التجربة أن الدولة المصرية تفضل فرض الفوضى عن محاولة الإصلاح من خارجها، ولا قيمة للقانون أو الدستور هنا. نفس هذا الخيال سيساعدنا في وضع تصور واقعي للدولة البديلة التي نريدها، سواء الآن أو بعد 100 سنة، والمزايدات على الطريقة الناصرية حتى لو كانت بنكهة ثورية ستزيد الوضع سوءً، ما ستُطالب به اليوم سيكون عهدا عليك في الغد، تخيل وكأنك تحكم!

سوف يساعد هذا في حل أزمة القوى الساعية للتغيير في الفجوة بين التنظير العام والتخطيط الاستراتيجي، وربما إعداد شبكات تواصل وحشد جديدة، وبالتأكيد سيعمق تناقضات دولتنا الحبيبة انتظارا لجولة الحقيقة بعد استنفاذ كامل تبريراتها للاستمرار على جثة المجتمع.

الأمر سيكون أشبه بإلقاء الحجر على سطح البركة الراكدة، بحيث يحدث أكبر عدد من دوائر التغيير المتتالية على سطحها، بدون أن يسقط مباشرة في قاعها المتعفن، ولنا أسوة في هؤلاء الذين أحسنوا الظن برغبة الدولة في الإصلاح.. تذكر الورك الديموقراطي! (بصوت حسين رياض في فيلم \”الناصر صلاح الدين\”).

* للأمانة؛ استغلال معركة تعديل الدستور في صياغة دستور آخر للمستقبل، هي فكرة تعود بالأصل لأحد الرفاق بحزب مصر القوية، وله تعود حقوق الملكية الفكرية، وأعتقد أن المقال مجرد صياغة لفكرته.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back To Top