تحذير +28:
في 1995، وضمن سلسلة قصص \”ملف المستقبل\” التي كانت أحد أعمدة ثقافة الشباب في هذا الوقت، صدرت خماسية جلوريال التي اعتبرها الجمهور المتحمس بأنها كانت أفضل حلقات السلسة وأكثرها إثارة، والمتطرفون منهم، اعتبروها نهاية حقيقية للسلسلة التي استمرت بعدها في 84 عددا حتى 2011. لقد مر على الخماسية 20 عاما الآن، ولقد طفحت مجاري كثيرة تحت الجسور، وأنا لا أجيد حرفة النستالجيا التي أصبحت رخيصة، ولا أعرف سببا يجعلني أكتب هذا \”السبوف\” الآن، ولكل قارئ أن يفهمه بطريقته حتى لو كانت سيئة.. الحقيقة أنني أشجعكم أن تفهموه بطريقة سيئة.
اقتربت مركبة فضائية صغيرة من السفينة الأم للأسطول الإمبراطوري لكوكب جلوريال.. على متن المركبة جلس كوماد قائد القوات الجلوريالية ينتظر السماح لمركبته بالهبوط، وهو يقوم بتسجيل مذكراته عن الأحداث الأخيرة.
\”كان كل شيء يسير بشكل رائع، لقد احتللنا كوكب الأرض بالكامل خلال ساعات قليلة، قمنا أولا بتدمير أقمارهم الاصطناعية، ثم اشتبكنا مع قواتهم الفضائية وسحقناها تماما، بعد هذا قضينا على قواتهم الأرضية وقواعدهم العسكرية ومراكز السيطرة والحكم.. كان انتصارا كاملا، لولا ما حدث لنا في تلك المنطقة التي يسمونها مصر\”.
أوقف كوماد التسجيل لكي يمسح دمعة فرت من عينه وهربت إلى وجنته، وفكر أنه لا يصح أن يرى الجنود قائدهم باكيا، وهو يسجل هذه المذكرات من أجل تقاعده بعد إنهاء الخدمة.. استنشق عميقا وتنهد لكي يتمالك نفسه، ثم استكمل التسجيل.
\”أوه.. يا إلهي.. لقد أفسد هؤلاء المصريون مخططنا بالكامل.. فوجئت مقاتلاتنا بتشويش قطع عنها الاتصالات، ثم سقط أسطولنا السادس (صوت بكاء).. سقط أسطولنا السادس والثلاثين في أيديهم.. أصبحنا مشلولين.. ثم عرفنا أن قائد الأسطول وقع في أيديهم.. المسكين وضعوه أسيرا في أحد سجونهم، ثم قالوا إنه مات بهبوط حاد في الدورة الدموية.. حاولنا أن نضرب عاصمتهم بقنبلة هيدروجينية، لكن أحد طلبة الإعدادي لديهم نجح في استغلالها لتوليد الكهرباء.. أرسلنا روبوت، لكي يقوم بدراستهم، لكن المارة شكوا في أمره، وقام أحدهم بتعطيله بأن وضعه في حلة مملوءة بالماء.. أكاد لا أصدق ما حدث.. الأمر يبدو كالكابوس\”
توقف كوماد للحظة مع هبوط مركبته داخل السفينة الأم، ثم سجل آخر جملة:
\”والآن.. عليّ مواجهة غضب الإمبراطور\”.
………………………..
تصاعدت نيران الحقد الأخضر في بلعوم الإمبراطور، وهو يستمع لتقرير كوماد الذي يؤكد فيه سيطرتهم بالكامل على كوكب الأرض، لكن الدهشة اجتاحته بسبب الجملة الأخيرة.
\”لكن هناك بعض المناطق العشوائية التي يجب أن نقضي عليها، ولهذا احتاج إلى تفويض بمحاربة المصريين سيدي الإمبراطور\”.
هز الإمبراطور رأسه موافقا، رغم رغبته في خنق قائد قواته، لكن قرر تأجيل هذا.
لك هذا يا كوماد.. عجيب أمر هؤلاء المصريون.. لكن لديّ خطة أفضل.. هؤلاء القوم يحبون الفرجة.. فلنقدم لهم قناة تليفزيونية بلغتهم.
نعم إنها فكرة رائعة.. ولنجعلها بتمويل من أحد رجال الأعمال التابعين لنا، حتى لا تبدو تابعة للاحتلال.. ستكون كأنها قناة عامة تروّج للوسطية الجلوريالية الجميلة.. برامج مسابقات وطبخ يقدمها نجوم كوكب جلوريال، ثم نقنعهم بعدم جدوى المقاومة.
هل سيمكنك تنفيذ هذه المهمة كوماد؟
سأسلمك عاصمتهم طاهرة متوضئة خلال 6 أشهر.
لا.. شهرين كفاية.
أمر جلالة الإمبراطور العظيم.. المجد لجلوريال.
………………………..
يقول علماء الأعصاب إن محترف الفرجة على التليفزيون يحتاج إلى أربعة أعشار من الثانية لكي يدرك أن برنامج \”أرابس جوت تالانت\” قد بدأ على MBC1، ثم يحتاج إلى عُشرين من الثانية لكي يتخذ قرار تغيير القناة وتصويب الريموت على القناة الجديدة، ثم عُشر آخر لكي يصل إلى القناة قبل بدء البرنامج.
لكن هؤلاء العلماء كانوا سيصابون بصدمة بالغة عندما يرون نور وهو يقوم بهذه المهمة في 3 أعشار فقط من الثانية عندما يجيء موعد برنامجه المفضل \”أم الكون\” على قناة \”جلوريال اليوم بالعربية\”.
في الماضي، كان نور يحمل رتبة مقدم في المخابرات العلمية المصرية(*)، ثم استقال بعد فشله في إيقاف طالب ثانوي عبقري في المنوفية، قرر تدمير العالم باختراع طلبة آخرين في كفر الشيخ. بعد الغزو قرر أن يقود عمليات المقاومة ضد الجلوريين، لكنه الآن في فترة راحة بالمقر السري لقيادة المقاومة، وكل ما يرغب به هو مشاهدة مذيعته المفضلة \”أجلوريا\”.
كان الجميع يسخرون من صوتها الجلوريالي الأجش، لكن هذا تحديدا هو ما كان يثيره بها، خصوصا عندما تقول: \”يا أرضييييين\” بطريقتها المميزة.. نعم هو يحارب الاحتلال الجلوريالي، وهو مستعد لبذل حياته في سبيل هذا، لكن هناك ما يشده للنساء الجلوريات، خصوصا تلك المذيعة.
دخلت زوجته سلوى ولم تستطع منع الغيرة من التسلل لصوتها:
ها قد بدأنا.. والآن ستقضي الليل كله في مشاهدة هذا التوك شو السخيف.. إنها قناة الأعداء الذين تذكرنا طوال الوقت بأنهم يتآمرون ضدنا.
تحسس نور الريموت، وهو يتساءل بداخله عن وجود زر يستطيع به محو زوجته الآن.
أريد معرفة أخبار الدنيا، كما أن هذه المذيعة لها طريقة إعلامية غير عادية.
اقتربت سلوى من الشاشة، وهي تتفحص المذيعة باهتمام.
بالفعل بها شيء غير عادي.. هذه المرأة ليست جلوريالية.. في الحقيقة إنها مشيرة زوجة صاحبك رمزي.
انتفض نور من مكانه، تمتم بشيء في سره (**)، واقترب من الشاشة هو الآخر.
اللعنة.. آسف.. أقصد يا إلهي.. هي بالفعل مشيرة.. كيف أمكنك معرفة هذا؟
هذه أمور تلاحظها النساء.. لا يمكن لمشيرة أن تخفي ذوقها السيء ولا شعرها المتقصف حتى لو صبغته باللون الأخضر.. كما أنها استلفت هذه القلادة منذ عامين ولم تردها.. وأنا لا أنسى قلاداتي.. أبدا.
سلوى يا عزيزتي.. لقد أوحيتي لي بفكرة رائعة.. فلنجمع الفريق الآن.. لدينا عملية كبيرة.
انصرفت سلوى لكي تجمع أعضاء الفريق، ولم تجد وقتا كافيا للتعليق على اللمعة في عيون نور، وهي اللمعة التي تعني أنه توصل لحل لغز ما.. لكن في أعمق أعماقه، كان نور يفكر في أن مشيرة ليست سيئة جدا كما كان يظن، ربما تحتاج أن تفقد بعض الوزن في هيئتها الأرضية، لكنها رائعة في شخصية المذيعة الجلوريالية، ستكون رائعة أيضا في شخصية الممرضة الشرسة، أو المديرة الصارمة، لقد أوحت له بالكثير من الأفكار، معظمها قذرة، وهو مجرد رجل يحمل أعباء الكوكب على كاهله، لكن لا وقت لهذا الآن، فعليه أن يخطط للمعركة التي ستحدد مصير الأرض.
ومصير البشرية كلها.
سوف تبدأ المقاومة.
سوف تكون هناك دماء.
وسوف تنقطع الكهرباء.
………………………..
تم الجزء الأول ويليه الجزء الثاني: المشاورة
ترى ما الذي يخطط له نور؟ لماذا خلعت مشيرة الحجاب؟ لماذا تخلى الامبراطور أغرو عن ملابسه الداخلية؟ أين تقع عاصمة الكونغو الديموقراطية؟ ما هو سر شباب هيفاء وهبي الدائم؟ وكيف يمكنك تحضير التشيز كيك مثل سيلانترو بميزانية اقتصادية؟
………………………..
(*) في بداية الغزو، قامت القوات الجلوريالية باغتيال القائد الأعلى للمخابرات العلمية، لكن نور ورفاقه يؤمنون بأنه لم يمت، وأنه لا يزال على قيد الحياة ويختبئ في مكان آمن منتظرا انجلاء الاحتلال البغيض، وأن تمثيلية موته كانت بهدف خداع المحتلين.
(**) أحا