محمد حسين يكتب: ثلاثية عيد الهلع المصري

إذا كان ما نراه بمصر هو فيلم رعب، فإننا الآن في نهاية الجزء الثاني من سلسلة تمتد على 3 أفلام.. يوم 25 يناير يصلح لأن يكون نهاية رومانسية للسلسلة كلها، حيث تتداعى الدراما إلى نقطة بداية الأحداث ويتكرر كل شيء بمنطق أنه لا شيء يمكنه تكرار نفسه في زمان أو مكان مختلف، لكنها نهاية سيراها الجمهور رخيصة وغير عادلة، أيا كانت توجهاته.

فلنراجع فيلم الرعب هذا من أوله.

قواعد للنجاة في أفلام الرعب

أفلام الرعب التجارية الأميركية تعتمد على قالب موحد للإثارة: في الثلث الأول نشهد نشوء الوحش، في الثلث الثاني نتابع جدل الشخصيات الرئيسية حول ماهية الوحش، ثم في الثلث الأخير يتجسد الوحش متشجعا بغباء الشخصيات، ومن هنا تأتي نهايته.. لا تهم وسيلة القضاء عليه، فهذه هي مهمة الشخصيات إذا أرادت الاستمرار، لكن دعونا نتذكر أننا في سلسلة أفلام، وليس فيلما واحدا.

الجزء الأول | الفشخة: نهاية طاغية

نصف الحكايات تبدأ بوصول غريب إلى المدينة، نحن إذن في النصف الآخر الذي لم يحدث فيه شيء طوال 59 سنة، الوحش هنا هو الثابت ولم ينشأ، وتجسده هو عبارة عن كتلة رخوة من الاستقرار اللانهائي. حدث البداية الغريب هو أن هناك من يريدون الخلاص منه، ثم يحدث كل شيء بسرعة كما يليق بالأفلام الشعبية، يسقط الوحش فجأة ليقضي بقية حياته في إنكار اللحظة، لكن الشخصيات الرئيسية سعيدة وكذلك الجمهور الذي انصرف راضيا.. ربما لا تكون نهاية جيدة أو مقنعة فنيا، بعض الأفلام لا تكون معقدة كالواقع.

الجزء الثاني | الفشخة: حفل الدماء

البداية المنطقية لأي امتداد لسلسلة أفلام ناجحة: إنه لا يزال حيا! حسنا، يبدأ الفيلم بحوادث دموية غامضة، المشاهدون يعرفون ما يحدث لأنه سبق لهم رؤية هذا عشرات المرات من قبل، لكن الشخصيات لا تعرف، وينقضي الثلث الأول بمجموعة ضحايا مجهولين، في الثلث الثاني تبدأ الشخصيات بسخافة في مناقشة أمر الفيل الموجود معها بالغرفة الضيقة، بينما يتم اختيار الضحايا على أساس أخلاقي، فيبدأ الوحش بهؤلاء الذين يحملون آثاما أخلاقية واضحة للجمهور، بينما يستمر الجدل بين الشخصيات.. هل هي خدعة؟ بالتأكيد لا يوجد وحش، نحن نعرف كيف يبدو الوحش عندما يأتي.

من المفترض أن يتجسد الوحش في الثلث الأخير، ثم يتحد الجميع ضده يوم 25 يناير، ليسقط الوحش من جديد، ويظهر فيلم جديد بنفس البداية، وهكذا.. لكن السلسلة لن تحتمل نهايتين سيئتين.

الجزء الثالث | الفشخة: الحب في زمن الصدأ

لمن فاتتهم نهاية الجزء السابق، فالوحش لم يسقط، وهذا هو ما أنقذ السلسلة من الضياع، لقد تربع الوحش على قمة السلطة والنفوذ والجاه والسلطان، اكتملت مكامن القوة لديه ولم تعد هناك قواعد للنجاة منه، أصبح هو قاعدة مجنونة مستقلة بذاتها، فابتعدت عنه الشخصيات، وانتهى الفيلم على طريق أفلام الرعب اليابانية.

يبدأ الجزء الثالث بعد مرور فترة من الزمن، حيث استثمر الوحش جنونه في تحويل نفسه إلى آلة قتل مثالية، لم يعد خاضعا حتى لقواعد الكائنات الحية، واستبدل خلاياه وأعضائه بأجزاء معدنية فتاكة. في سبيل هذا دمر كل العالم من حوله، وبالتأكيد هناك مجموعة من الأشخاص لا يعجبهم هذا، وإلا لن يكون هناك فيلم من الأساس، لكنهم يلاحظون أن الصدأ يغزو أجزاءه، إنه ليس منيعا تجاه الزمن كما كان يبدو، يقررون تركه للهواء والرطوبة حتى يتفتت، يستغلون الوقت في التخطيط لبناء عالم بدون وحش، ولتفادي عودته بشكل نهائي، الأفعال البسيطة مثل الحب والتمسك بالحياة، تصبح مقاومة بحد ذاتها.

وعندما تحين اللحظة، عندما يتمكن الصدأ من الوحش، سيكون حجرا من طفل صغير قادرا على تحويله إلى تراب، من هذا التراب قد ينشأ عالم جديد، إذا كنا لا نريد الانغماس في أفلام الرعب مرة أخرى.

الأجزاء التالية لن تحتاج إلى نهايات رخيصة.

………………..

* \”عيد الهلع المصري\” أصبح مرادفا لمتلازمة نفسية لدى السلطة وأنصارها ترتبط بتاريخ 25 يناير، التعبير نفسه أصبح منتشرا لدرجة أني غير قادر على تحديد صاحبه الذي تعود إليه التسمية، وبالتالي إرجاع الملكية الفكرية إليه.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back To Top