خدوا بالكو يا مصريين.. تتردد هذه العبارة كثيراً في خطابات عبد الفتاح السيسي للشعب المصري، والتي تعني باللغة العربية \”انتبهوا\”، ولا شك أن المرحلة التي تعيشها مصرنا الحبيبة تتطلب من الشعب المزيد من الإنتباه، فالواقع المصري الحالي مليء بالمخاطر والتهديدات التي يجب علينا أن ننتبه إليها، لكن السيد عبد الفتاح لا يريد من الشعب إلا أن ينتبه إلى تهديد واحد فقط، ألا وهو الإرهاب، وبغض النظر عن أن خطر الإرهاب المحدق بنا لم تتم صناعته بمنأى عن المؤسسات السيادية وعلى رأسها مؤسسة الرئاسة في سبعينيات القرن الماضي، فهذا ليس موضوع مقال اليوم.
يريد السيسي أن يضع الإرهاب نصب أعين الشعب ويصرف أنظاره عن باقي التهديدات المحيطة به، والتي يساهم هو نفسه في خلقها، فتوحش أجهزة الأمن وقتل المحتجزين داخل أقسام الشرطة، تهديد.. الملاحقة الأمنية لطلبة الجامعة، تهديد.. القضاء المسيس، تهديد.. رفع الدعم عن الكادحين مقابل ضآلة دخولهم، تهديد.. فرض الأزهر والكنيسة وصايتهم على إيمان الشعب، تهديد.. حكم الفرد الواحد الذي لا راد لأمره إلا هو، تهديد.. وعودك الكاذبة يا جناب معالي سيادة فخامة الرئيس، تهديد، وفي ظل كل هذه المخاطر والتهديدات التي تتربص بنا لا يسعني عزيزي القارئ إلا أن أردد مع السيسي قوله \”خدوا بالكو يا مصريين\”.
خدوا بالكو يا مصريين.. السيسي يوم 1 يوليو 2013 وعدكم أن لا تكون القوات المسلحة طرفاً في السياسة أو الحكم، ولا ترضى أن تخرج عن دورها المرسوم لها في الفكر الديمقراطي الأصيل النابع من إرادة الشعب.
خدوا بالكو يا مصريين، السيسي تعهد بأن تتم خارطة المستقبل بمشاركة كل التيارات الوطنية دون إقصاء، والآن لا ينجز فخامته شيئا سوى إقصاء الأصوات المخالفة لصوته.
خدوا بالكو يا مصريين، فالسيسي قال لن أترشح للرئاسة ولن أسمح للتاريخ بأن يكتب أن جيش مصر تحرك من أجل مصالح شخصية، واليوم يتربع هو على سدة الحكم.
خدوا بالكو يا مصريين، فخارطة الطريق التي تعهد السيسي بالإشراف على تنفيذها اشتملت على أربعة بنود لم يتم منها إلا اثنتين ولم يفعل منها إلا واحد، هو انتخابه رئيساً.
خدوا بالكو يا مصريين، فالدستور معطل لأنه لا يوجد لدينا برلمان يسن القوانين الملحقة به ويفّعل مواده.
خدوا بالكو يا مصريين، ميثاق الشرف الإعلامي البند الرابع من بنود خارطة الطريق لم يصدر، وسلم السيسي منابر الإعلام لحفنة من الكاذبين ليس لديهم مثقال ذرة من شرف ليعبثوا يإرادة الشعب النابع منها الفكر الديمقراطي الأصيل، كي يرسم به للقوات المسلحة دورا إضافيا على دورها في حماية الحدود، فيساق الناخبين إلى صناديق الانتخاب لا يرون أمامهم سبيلاً للخلاص سوى اختيار الجنرال رئيساً.
خدوا بالكو يا مصريين، الرهان الذي راهنتموه على السيسي ليحقق لكم الأمن ويخلصكم من الأرهاب أصبح رهان خاسر، فالعمليات الإرهابية طالت كل محافظات مصر، وأصبحت محافظة شمال سينا خارج سيطرة الدولة تماماً.
خدوا بالكو يا مصريين، السيسي لا يرى أن رجال الأعمال قد نهبوا خيرات البلد وأعجفوا ضرعها، بل يرى أن الحل الوحيد لتحسين الوضع الاقتصادي الراهن هو زيادة أعباء العيش على البسطاء برفع الدعم عنهم.
خدوا بالكو يا مصريين، السيسي بعد أن وعدكم بمليون وحدة سكنية، توقف المشروع لتغيير طبيعته من الإسكان الاجتماعي إلى الإسكان المتوسط، ليضاف إلى صحيفة أعمال المؤسسة العسكرية وهم جديد بعد وهم جهاز علاج فيرس \”سي\” الذي علق عليه ملايين المرضى آمالهم في الشفاء من هذا المرض اللعين.
خدوا بالكو يا مصريين، القضاء يصدر قراراته وفقا لتوجيهات مكتبه.
خدوا بالكو يا مصريين، جهاز الشرطة الذي امتعض سيادته من طلب تطهيره معللاً بأن لفظ \”التطهير\” يضر بالحالة النفسية لأفراده، مازال يقتل أبناءكم بدم بارد.
خدوا بالكو يا مصريين، فالخطابات الشيفونية التي يدغدغ بها مشاعركم، ليست إلا مسكنات يحقن بها وعيكم كي يأمن غضبتكم من فشل إدارته.
خدوا بالكو يا مصريين، فهذا الرجل يراوغ كما يتنفس.