محمد حسن يكتب: أحلام مبتسرة

كما فعلت في مثل هذا اليوم منذ 5 أعوام، سأستيقظ من نومي في الصباح واتصل بالعمل لأخبرهم أنني لن أستطيع الحضور اليوم، مازال لدي متسع من الوقت لمعرفة ما إذا كان شئ قد وقع مبكرا، فعقارب الساعة تشير إلى التاسعة صباحا والمسيرة التي قررت الانضمام إليها في شارع جامعة الدول ستنطلق في الواحدة ظهرا، سأعد قهوتي وأجلس أمام حاسوبي أتابع الصفحات الداعية للحراك، دقت الثانية عشر، لكن شيئاً لم يحدث، عليُّ أن أستعد للنزول، سأرتدي ثيابا سميكة وأتلفح بكوفيتي السوداء وأملأ جيوب معطفي بالبصل عملا بنصائح ثوار تونس، في طريقي إلى حي المهندسين، سأتصل بصديقي الذي يعمل بالقرب من جامع مصطفى محمود ليخبرني بالوضع هناك، لا استطيع سماع صوته جيدا، فالجموع التي يتواجد بينها تنشد: بلادي بلادي لكي حبي وفؤادي، كما لم أسمعها من قبل، بالكاد سأفهم منه أن المسيرة تحركت وموقعها الآن كورنيش العجوزة في طريقها إلى كوبري الجلاء، سأطلب من سائق التاكسي أن يغير وجهته من المهندسين إلى كوبري الجلاء، سأنزل من التاكسي على بعد أمتار من المسيرة التي ستقسمها قوات الأمن فوق الكوبري إلى قسمين، الأول في طريقه إلى ميدان التحرير والثاني محتجز فوق الكوبري ممنوع من العبور، سأنزل لأناطح الجاموس في الطرقات، سأنزل لأحطم آلة القمع والاستبداد، سأنزل من أجل الذين يعذبون في أقسام الشرطة، من أجل الجوعى والمحرومين والمشردين على أرصفة المدينة، من أجل المهملين في القرى والنجوع النائية، سأنزل ليسود العدل ربوعنا الخربة، سأنزل لأبصق على وجه الطاغية، وبعد أن أسقط النظام، سأرتب مع الرفقاء تنظيما ثوريا لتوفير العيش والحرية والعدالة الاجتماعية لشعبنا الذي لم يجد من يحنو عليه، وعندما أستيقظ من هذا الحلم متذكرا أننا أصبحنا في سنة 2016، ومازال النظام ذاته قابعا فوق صدورنا، وأن رأسه التي قطعت منذ 5 أعوام نبتت غيرها ألف رأس، وأن لا تنظيما قائما سوى تلك التنظيمات الدينية التي تسقى من عين الفتنة، وأن الرفاق لم يتبق منهم سوى حفنة تشاركني الحسرة في حوانيت المدينة، سألزم بيتي وأتلحف القهر وأضاجع اليأس.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back To Top