محمد الجارحي يكتب: الحمد لله.. مصر أفضل بعد رابعة!

انقطعت عن الكتابة فترة طويلة، ولا أعرف لماذا أعود غير أن الصدأ تراكم وأخشى عجزا قد يصيبني أو مقربة الرحيل.

تفاصيل كثيرة أجلت الكتابة عنها ودونتها في الذاكرة حتى أعود إليها، منها ما ضاع ومات، ومنها ما لا أعرف متى يموت، خط الزمن أمامي يعج بتغريدات عن رابعة.

الحمد لله، مصر بعد رابعة صارت أفضل، الإرهاب توقف، والاقتصاد انتعش، والأمن عاد، وبقينا قد الدنيا.

الفقرة السابقة يعرف القاصي والداني أنها وهمٌ، وهم مثل الوهم الذي يبيعه اليوم الإعلام لجمهوره والنظام لشعبه وقيادات الإخوان لأعضاء جماعتهم، الكل يعرف أن مصر عادت للأسوأ، الدم في الشوارع، لم يتوقف، عندي مشكلة حقيقية مع الدم، الدم من أي فصيل، دم الإنسان وغير الإنسان، هو الخط الفاصل عندي في الحكم على البشر، على الحاكم والمحكوم، الدم نهايته دم.

رابعة اسمها مذبحة أو مجزرة، ليس لها مسميات أخرى، سواء أبقوا الميدان باسمه أو جعلوا له اسما آخر، أو صار من مات فيها مجرد أرقام في كشوف مشرحة.

كل الشهادات التي قرأتها وسمعتها من زملاء صحفيين ومصورين (ليسوا من الإخوان)، كلها تؤكد أن النظام ارتكب مجزرة لن يمحيها التاريخ.

أكتب وأعرف أن دراويش النظام الحاكم ودعاة الذبح سيهاجمون ما أكتب كما فعل الإخوان عندما كتبت عن غرف التعذيب الإخوانية في محيط الاتحادية.. رأيت بعيني يومها دما على أسوار القصر ووجوه المعذبين.. كتبت ولم أخش واليوم أكتب ولا أخشى.

عداد القتل لم يتوقف بعد رابعة، سلسال الدم على بعد مئات الأميال في سيناء وعشرات الأمتار من قصر الحاكم.. طال النائب العام وعساكر أبرياء وضباطا لا ذنب لهم.. هو إرهاب ليس له اسم آخر.

لا أعرف كيف سنخرج من المستنقع، كل ما أخشاه أن يتكرر مشهد الفيوم، مضى عليه أسبوع، مشهد مرعب، الصورة كاملة مفزعة، إرهابيون يغتالون طفلة، أصدقاء والدها يغتالون مشتبها بهم انتقاما، الإرهابيون يردون في اليوم التالي باغتيال أمين شرطة، يرد أصدقاؤه بعدها باغتيال خمسة.. سلسال من الدم والانتقام.

مشهد الفيوم سبقه مشهد شقة أكتوبر، كل حادث إرهابي يتلوه تصفية وكل تصفية يتلوها إرهاب جديد.. ولا يتوقف سلسال الدم والانتقام.

يرعبني مشهد آخر وهو وفاة المساجين، نظام مبارك كان أكثر رأفة بمحبوسيه السياسيين، كان يعالجهم، سجناء نظام اليوم يموتون من المرض ومن الحر ومن التعذيب.

ما يقهرني ويلجمني بحق بعد عامين، هم شباب يناير المحبوسون، وجعي فيهم كبير، نظام يحبس سناء سيف ويارا سلام وإسراء الطويل ودومة وعلاء وشوكان ونوبي وغيرهم من خيرة شباب الوطن، هو نظام لن يدوم وسيلاحقه العار هو وجلاديه.

تفاصيل أخرى باقية في الذاكرة، لكن نهايةً أقول.. رحمة الله على كل برئ استشهد، وحسبي الله في كل قاتل استبد وأرهب، أقولها للجميع.. انتصروا للإنسانية.. أوقفوا الدم وأفرجوا عن مصر، أعرف أنه طلب ساذج، لن يسمعه الإخوان ولن يعيه نظام السيسي.. لكن أبوس ايديكم ارحموا مصر لأنها لن ترحمكم!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back To Top