مترجم: ابتذال التاريخ

ترجمة: يوسف أبو عالية

في خضم مواجهة رد الفعل العنصري إزاء تدفق المهاجرين واللاجئين، هل تنسى ألمانيا ماضيها؟

في يونيو ظهرت على الإنترنت خريطةٌ تُبرز كل عناوين مراكز اللاجئين ومآويهم في ألمانيا وكانت تحت عنوان \”لا مكان للاجئين بالقرب مني\”، أزال جوجل تلك الخريطة ولكن بعد موجة من العنف كان من بينها إضرام النيران في مأوى خالٍ ببلدة (رايشرتسهوفن) بولاية (بافاريا) الألمانية، ومنذ عشرة أيام هتف النازيون الجدد في أحد قطارات الضواحي ببرلين \”يحيا هتلر Heil Hitler\”\” بينما كانوا يتبوّلون على طفلين يستقلان القطار بصحبة والدتهما، وفي نهاية الأسبوع الماضي ببلدة (هيدناو)، التي تقع على التلال جنوب شرق مدينة (دريدسن) ويقدر عدد سكانها بـ 16 ألف نسمة، اشتبكت الشرطة الألمانية مع مئات الرجال الذين كانوا يقذفون الحجارة والزجاجات حول مأوى للاجئين، وفي مدينة ميسين، التي يعود تاريخها إلى القرون الوسطى وتشتهر بصناعاتها الخزفية، هاجم مخربون من النازيين الجدد بناية سكنية كانت قد رممتها المدينة ليسكنها اللاجئون، وفي الأسبوع الماضي بإحدى الضواحي الغربية لبرلين، تحديدًا في بلدة (ناون) بولاية (براندنبورغ)، أحرق المخربون مركزا للاجئين بالكامل، ويوم الجمعة اشتعل مأوى للاجئين، ببلدة (هيبنهايم) بالقرب من فرانكفورت، مخلفًا ورائه خمسة مصابين، وفي (ويتِن)، وهي مدينة جامعية تقع في ولاية (شمال الراين-ويستفاليا)، احترق مسجدٌ مؤخرا ليكون حلقة جديدة في سلسلة من الهجمات التخريبية التي تستهدف المساجد، وفي العاشر من أغسطس نشر هاينريخ شميتز، وهو معلق صحفي بمجلة (ذا يوروبيان) الالكترونية وعضو بمبادرة (ديار بلا كراهية #HeimeOhneHass ) التي تدعم اللاجئين وطالبي اللجوء.. نشر (بيان استسلام) معلنا فيه تقاعده عن الكتابة السياسية بعد مواجهته سيلا من التهديدات ضده وضد عائلته.

تواجه أوروبا بأكملها أزمة لاجئين، ولكن فقط في ألمانيا، تلك الدولة التي تمتلك سياسات تعد الأكثر ترحيبا باللاجئين وطالبي اللجوء، مقارنة بباقي دول القارة، يمثل العنف اليميني تهديدا وجوديا للاجئين، وقد حثت موجة الهجمات واحتدام الكراهية على بحث وطني عن الذات، مثيرة تساؤلات، حول مفهوم الوطن والانتماء الوطني، لم تثر منذ التسعينيات إبان صحوة إعادة توحيد ألمانيا، ويضاعف بعض الألمان جهودهم لمساعدة عشرات الآلاف من اللائجين، الذين يتوافدون إلى البلاد، معتبرين وجوب التحرك بمثابة التزام أخلاقي، ولكن يستمر العنف المعادي للأجانب، ويرى البعضُ في طالبي اللجوء تهديدًا اجتماعيًا واقتصاديًا، وهنا يبرز جدالا داخليًا: هل نحن معادون للأجانب (fremdenfeindlich) أم ودودون إليهم (fremdenfreundlich)؟

لقد كانت القيادة الألمانية لأزمة اللاجئين متأخرة، إذ جاءت بعد صيف ساخن طويل تضمن هجمات نفذها النازيون الجدد ومناظرات حول ردود الأفعال الألمانية إزاء عنف المتطرفين، وفي الخامس من أغسطس أشعلت انجا راسشكه، وهي مذيعة بقناة \”إيه آر دي\” التلفزيونية، عاصفة إعلامية عندما استحضرت التاريخ من خلال تصريحها بأن كل من يصفون اللاجئين بأنهم \”قذرون\” إنما يستخدمون مصطلحات نازية، ودعت في نداء حماسي على الهواء، شاهده 5 مليون شخصا على الفيسبوك، إلى ما أسمته \”انتفاضة الشهماء\” لوضع نهاية لخطاب الكراهية العنصري المنتشر على الإنترنت، وبدلا من انتقاء جماعات النازيين الجدد أو مؤيدي حركة \”بيغيدا PEGIDA\”، وهي منظمة معادية للإسلام ولها أتباع كثيرون في المناطق التابعة سابقا لألمانيا الشرقية، اتهمت راسشكه الألمان العاديين بالفشل في التحدث بدون خوف لمواجهة \”خُطب الكراهية\” المنشورة على الإنترنت واتهمت أيضا المسؤولين الألمانيين بكون ردود أفعالهم \”قاصرة تماما\”، وأضافت: \”إذا كنت لا تعتقد أن كل اللائجين بمثابة طفيليات يجب مطاردتها أو إحراقها أو تسميمها بالغاز، فعليك أن تعلن ذلك بوضوح\”، وتراوحت ردود فعل الرأي العام إزاء تصريحاتها بين المديح والدعم والتقدير الكبير وبين الاستنكارات الغاضبة لـ \”كراهية الذات لدى الألمان\” والتي أبداها المتعاطفون مع حركة بيغيدا واليمينيون والمتسكعون على هاشتاجات تويتر، مثل هاشتاج #dresden45 الذي يشير إلى المدينة الألمانية التي احترقت بالقنابل لتظل رمزا للمظلومية الألمانية والازدواجية المصاحبة لها.

كنت في برلين خلال أغسطس أشاهدُ عاصفة الجدل التي أحاطت صرخة راسشكه الشجاعة وأتساءل لماذا لعبت بوترٍ حساس في الثقافة الألمانية، أشد حساسية من الهجمات الفعلية التي وصفتها، لقد قالت ضمنيا إن المسؤولية الأخلاقية عن تكوين ثقافة ذات ذوق ولطف لا تقع على كاهل متطرفي اليمين، وإنما على كاهل عامة الألمان، ولا شك أن النازيين الجدد يمثلون أقلية، فقد قدرت أعدادهم في تقدير رسمي صدر عام 2012 بنحو 22.150 متطرفا يمينيا في بلد يبغ عدد سكانه نحو 80 مليون نسمة.

إن العنصرية العلنية تعد أمرا نادرا في المجتمع الألماني المعاصر، ولكن المخاوف التي تستحوذ على الحس العام إزاء مسألة \”الأجانب\” ليست نادرة، في الأسبوع الماضي قامت مجموعة من اللغويين بجامعة دويسبورغ-إيسن، التي تقع في قلب المنطقة الصناعية بالبلاد، باتخاذ خطوة استثنائية من خلال اصدارهم بيانا صحفيا ينتقد الإعلام الألماني بسبب نشر لغة ومجاز، مثل (سيل اللاجئين المنهمر) و(تدفقات اللاجئين) و(مجاوزة الحمولة القصوى)، يصوران اللاجئين وطالبي اللجوء فعليا وكأنهم قطيع من الخَطِرِين المُجرَّدِينَ من إنسانيتِهم، وأشار أصحابُ البيانِ الصحفيّ إلى أن المصطلحاتِ المستخدمة في الخطاب العام، مثل (معارضو اللجوء Asylgegner) و(ناقدو اللجوء Asylkritiker) لوصف النازيين الجدد وتكررَ وصف التجمعات العنيفة بأنها (احتجاجات) و(تظاهرات).. إنما تضفي [هذه المصطلحات] الشرعية على المتطرفين اليمينيين جاعلة منهم مجرد مجموعة من العوام أصحاب المصالح الذين يشاركون في العملية الديموقراطية مثلهم مثل الجميع، وفي الآونة الأخيرة حددت صحيفة تاجشبيغل الألمانية طريقة في التعبير تظهر باستمرار في المناقشات الدائرة حول مسألة اللاجئين وطالبي اللجوء وتبدأ بـ \”أنا لست نازيا، ولكن..\”.

وأثارت التطورات على أرض الواقع مخاوف الرأي العام، إذ تتوقع ألمانيا 800 ألف من طالبي اللجوء هذا العام، وهو رقم يمثل نحو 40 % من مجمل الأرقام التي يتوقعها الاتحاد الأوروبي، ويوجه بعض الألمان، الذين يعربون عن قلقهم من تصاعد موجة العنف هذا الصيف، أصابع الإتهام نحو الحكومة بسبب سوء إدارتها للأزمة، إذ لم تبدأ المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل في القيام بعملها وشجب ذروة العنف في ألمانيا إلا منذ أسبوعين فقط، وأثار صمتُها الذي دام لشهور حفيظة بعض النقاد الذين لجأوا إلى صفحات الرأي ووسائل التواصل الاجتماعي، موظّفين هاشتاجات (ميركل لا تزال صامتة #Merkelschweigt) و(قولي شيئا يا ميركل #Merkelsagwas)، للمطالبة بالمزيد من التحرك من قبل صاحبة المنصب الأعلى في البلاد، بل وذكرت مؤسسة (إن بي آر) الإعلامية أن ثمة كلمة جديدة صكت في اللغة الألمانية وهي (أن يتمركل Merkeln) والتي تصف فعل التباطؤ الشديد والانتظار الخجول قبل التعليق على الملأ، فهل كانت المستشارة وغيرها من السياسيين الذين التزموا الصمت طويلا ينتظرون ليروا أين كان سيستقر المزاج العام؟

وخلال مراقبتي للأحداث في ألمانيا هذا العام صدمتني قصة أخرى شديدة التعقيد وغير مكتملة بشكل كافي لتظهر في العناوين، وهي: ظهور ثقافة النسيان، فليس من الصعب إيجاد دليل على تغير الأجيال -الذي يحمل في طياته تمزقا في الذاكرة المشتركة للشعب-، إذ أن الألمان الصغار الذين ولدوا بعد الحرب الباردة، التي لم تعد مرحلة مركزية في التاريخ، قد كبروا، لقد استمعتُ إلى طلاب جامعيين يناقشون محاكمة أوسكار غرونينج، الحارس الشخصي النازي السابق الذي يبلغ من العمر 94 عاما ومعتقل منذ يوليو الماضي على خلفية دوره كمحاسب في معسكر أوشفيتز،  وقال طالب بكلية الهندسة بجامعة برلين التقنية \”ليس لدي أدنى فكرة عن سبب اتهامهم له، كان مجرد بيروقراطي لا قيمة له، ولم يقتل أحدًا\”، وقال طلاب آخرون في تناغم: \”نعم، ولا يبدو أيضا أنه ينكر أي شيء، فهذا أمر غير معقول\”

ورأيتُ في المتحف التاريخي الألماني، وهو مؤسسة واجهت اتهاماتها الخاصة بالتحريفية التاريخية على مر السنين، مجموعة من الطلاب يتعرضون لموضوع \”معاناة الألمان خلال الحرب\” الذي كان محظورا التعرض له في السابق، وفي النصب التذكاري للقتلى اليهود في أوروبا، بجوار بوابة براندنبورغ بوسط برلين، الذي تصل أعداد ألواحه الخرسانية -التي تستدعي في الذهن شواهد القبور- إلى 2711 لوحا، رأيت مراهقا يحتسي من زجاجات البيرة ورأيت شابة تتشمس مقتعدة الخرسانة الرمادية وكأنها كرسي على الشاطئ، لا يعكس الموقع، الذي صممه المعماري الأمريكي بيتر آيزنمان كرمز قوي لمواجهة ألمانيا لماضيها النازي، الذاكرة الجماعية لأمة ما بقدر ما يعكس التنافر المعرفي لديها، وحين سمع صديقي مارتن جيندر، المؤرخ البرليني، قصتي هذه هز رأسه وشكى قائلا: \”زملائي يطلقون عليه شاطئ الهولوكوست\”.

في الشهور الأخيرة دق جيندر وشبكته من الأكاديميين والناشطين ناقوس الخطر إزاء ثقافة النسيان، خاصة بين الأجيال الأصغر سنا، وذلك من خلال تهميش الهولوكوست في الذاكرة الجماعية والميل إلى مساواة الحرمان الذي ذاقه الألمان خلال الحرب بالأزمة التي تعرض لها اليهود وباقي ضحايا النازية، وكذلك النظرة المباهية بالانتصار على الماضي التي تتعامل مع سقوط حائط برلين على أنه النهاية السعيدة للماضي الألماني.

في نوفمبر الماضي، عندما كان أهل برلين يحتفلون بمرور ربع قرن على سقوط الحائط وسط ضجة كبيرة مقيمين الحفلات في الشوارع مع المسؤولين ومستمتعين بمشهد تركيب 8000 بالونة تضيء مكان الحدود القديمة، انضم صديقي مارتن جيندر إلى حلقة من الجماعات اليهودية التي أقامت ذكرى مختلفة حدثت يوم 9 نوفمبر أيضا لكنها تاهت من ذاكرة الناس، الذكرى كانت مذبحة \”ليلة الكريستال\” التي حرض عليها النازيون عام 1938 ضد يهود ألمانيا، وكتب مارتن على الإنترنت معبرا عن أسفه إزاء فشل المدينة في استيعاب الروايتين -المشرقة والمظلمة من التاريخ الألماني- في ذاكرة الناس في 9 نوفمبر، واحتج قائلا بأن سقوط حائط برلين أصبح يعني \”التحرر من التاريخ\”، ونهاية غزو الحلفاء والانقسام وأعباء الماضي النازي، ووفقا لدراسة أجرتها مؤسسة برتلسمان ستيفتونغ عام 2015 بمناسبة ذكرى مرور نصف قرن على بدء العلاقات الدبلوماسية بين ألمانيا وإسرائيل، فإن 58 % من المشاركين الألمان قالوا أن الماضي قد عفّى عليه الزمن.

ومن المقرر في التاسع من نوفمبر هذا العام أن ينعقد مؤتمر (فولينج وولز لاب) العالمي الذي يستضيف المهنيين ورجال الأعمال والأكاديميين الشباب المتميزين من كافة المجالات في العاصمة الألمانية، ومن شأن هذا المؤتمر، الذي ترعاه شركة الاستشارات الإدارية العالمية (إيه تي كيرني) وشركة (فيستو) المتخصصة بالتشغيل والتحكم بالآلات الصناعية، أن يقلب التاريخ رأسًا على عقب مستخدما اليوم التاسع من نوفمبر كمرتعٍ تسويقي، وتوضح إحدى النشرات الإعلامية لهذا الحدث: \”في المؤتمر سيقدم عشرون عالِمًا من أعلى درجة ومن جميع أنحاء العالم أبحاثهم الرائدة الحالية خلال 15 دقيقة مجيبين عن سؤال: (ما الحوائط الجديدة التي ستسقط؟)\”، لقد غادرتُ برلين في أغسطس الماضي وأنا أتسائل عن مصير ثقافة التذكر التي كانت تشتهر بها ألمانيا وعما إذا كانت ذاكرة الألمان تسقط بالتقادم!

قليل من الشخصيات العامة ربطوا أزمة اللاجئين الراهنة بثقافة النسيان هذه، وقد حذر -في الأعوام الأخيرة- جيم أوزديمير وسيفن كريستيان كيندلر، سياسيو حزب الخضر الألماني، من أن الذاكرة الجمعية الضعيفة للهولوكوست تهدد السياسة في الوقت الحاضر وخاصة ما يتعلق منها بالأقليات، وتعتمد حالة التعددية الألمانية بشكل كبير على الماضي، لكن التاريخ بالنسبة للمواطنين الشباب، الذين يمثلون تعددية سكانية أكبر من تلك التي يمثلها الكهول، أصبح شأنا نظريا أكثر من كونه ذي تطبيقٍ عملي، وأما الصلات العاطفية به فهي آخذة في التلاشي، وفي ولايات ألمانية عديدة يتعامل مسؤولو التعليم مع التركيبة السكانية المتغيرة، إذ تمثل التعددية تحديا لكيفية تدريس التاريخ الألماني وترتيبه خارج حجرات الدراسة، وألقى استطلاع نشر عام 2010 بصحيفة (دي تسايت) الضوء على الازدواجية التركية-الألمانية في التعامل مع الهولوكوست والمعرفة المحدودة عن الماضي النازي.

لقد طفقت أقلية إعلامية صغيرة تجهر بمعارضتها لثقافة النسيان في ضوء الأحداث الأخيرة، وفي يوم 31 أغسطس أطلق آلان بوزنر، الصحفي الألماني البريطاني والمدون الناجح بمدونة (ستارك ماينونجن)، دعوة للقراء بتذكر أن ملايين الألمان كانوا، منذ زمن ليس بالبعيد، يتضورون جوعى بملابس متسخة وبلا مأوى، وفي أعقاب الحرب العالمية الثانية فر الألمان من بلدات بأكملها ببولندا وإقليم السوديت التشيكي والمجر ورومانيا ويوغوسلافيا والمناطق الشرقية سابقا في ألمانيا وبروسيا الشرقية وسيليزيا وأجزاء من براندنبورغ وبوميرانيا، وقدرت أعداد اللاجئين الألمان في المناطق الأربعة المحتلة من قِبل الرايخ النازي المنهزم -حسب أول إحصاء سكاني بعد الحرب- بنحو 9.6 مليون لاجئ، وفي العقود اللاحقة ترك مئات آلاف الألمان ألمانيا الشرقية -الشيوعية وقتئذ- باحثين عن الحريات في ألمانيا الغربية، وفي كل حالة من تلك الحالات تم استيعاب اللاجئين ودُمجوا في المجتمع الألماني دون أي صراع.

وفي يوليو الماضي خلال المرافعات الأخيرة بقضية \”غرونينغ\” قدم الادعاء حجتهم من أجل وضع النازي السابق -النادم حاليا- وراء القضبان وهو في خريف عمره (94 عامًا)، وأوضحوا أن اتهام غرونينغ تكمن أهميته في كونه بمثابة التزام نحو التعددية في القرن الواحد والعشرين، كان هذا بمثابة تنصل من ألمانيا التي كانت تتسيدها ثقافة واحدة فقط، وثمة جذور تاريخة بعيدة، تعود إلى الفيلسوف الألماني يوهان جوتليب فيتشه في القرن التاسع عشر، لفكرة وجوب أن يكون للأمة الألمانية كلها ثقافة واحدة، فعند فيتشه، الذي شكلته تجربة الاحتلال الفرنسي والكتابة من قبل نشأة الدولة الألمانية، كانت الأمة بمثابة مفهوم ثقافي، أكثر من كونه سياسي، يستند إلى لغة مشتركة وأنماط معيشية متشابهة بين الشعب.

ويُفهم التاريخ الألماني أحيانا على أنه رحلة بحث طويلة عن الوحدة الوطنية، وكان الرايخ الثالث [النازي] بمثابة إتمام فاسد لهذا الحلم، ومن السهل، حتى عند الألمان أنفسهم، أن ينسوا أن التاريخ الألماني لا يمكن اختزاله في النازية وحدها، وإنما هو أيضا قصص اليهود والمسلمين والسود والسينتي (الغجر) والرومانيين ومختلف المهاجرين والعمال الوافدين وذريتهم، ومحاربة ثقافة النسيان تتمثل في الدفاع عن اللاجئين وطالبي اللجوء، والماضي، في ألمانيا، ليس بلدا غريبا، وإنما هو إدراك بأن التاريخ لن يكرر نفسه أبدًا.

رابط المقال الأصلي:

Foreign Policy | The Banality of History

By: Daniela Blei  — a historian and editor of scholarly books in San Francisco.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back To Top