مالك مصطفى يكتب: كريستال ميث.. الرعب (1)

سمعت للمرة الأولى عن الأفيدرين عام 2003, من صديق عائد للتو من أمريكا, أخبرني أنه محارب شرس للصداع, وأنه يمنحك درجة تركيز عالية.

في تلك الفترة, كنت أكره النوم, مهووسا بأن أظل مستيقظا, لأيام طويلة, دائما ما تمتلئ جيوبي, بفيتامين سي, وأدوية الصداع, والتي تحتوي على جرعات عالية من الكافيين.

كنت طفلا يعاني من تشتت الانتباه, وأستمر ذلك معي إلى اليوم, لا أستطيع التركيز في فكرة, لأكثر من 45 ثانية, وبعدها أتوه تماما في تفاصيل أخرى, لا علاقة لها بالموضوع الأصلي.

أخبرني ذلك الصديق, أن الإفيدرين, هو الحل لمشاكل الانتباه لدي, لكن لابد أن أبحث عن الاسم المصري له.

قمت بالبحث عنه أون لاين, اكتشفت أنه من عائلة تدعى الإميفيتامين, أخذت في القراءة عن تاريخه وبدايته, عرفت وقتها أنه صنع من قبل علماء ألمان, في أواخر القرن التاسع عشر, وأنه بعد ذلك وفي نفس التوقيت, أستطاع عالم ياباني, وآخر ألماني من أشتقاق مركب أكثر خطورة من الإميفيتامين, ويدعى الميثافيتامين.

تناسيت تماما, الافيدرين, والأفيتامينات, وقمت بالبحث أكثر عن استخدام الميثافيتامين وتأثيره.

تم استخدام ذلك المركب بكثافة في الحرب العالمية الثانية, من قبل كل الدول المتصارعة, سواء دول المحور أو التحالف.. يوزع على الجنود, على هيئة حبوب, تعطيهم ثقة عالية بالنفس, تحارب الألم, الخدر, اضطرابات النوم, وتعطيهم قدرة فائقة على الاستيقاظ لأيام طويلة, وتزيدهم ضراوة وعنفا.

ذلك ما يريده أي قائد عسكري بالتأكيد, جنود لا يخشون شيئا, متيقظين طوال الوقت, يستطيعون أن يظلوا بالأيام بدون طعام, وعند احتدام المعركة, سيسلخون أعدائهم أحياء.

وهذا ما حدث بالضبط.. كان الجميع يحلم, بالجندي الخارق.

حلم به النازي, ووزعه على جنوده, الذين كانوا في حاجة له بشدة, تخيل جندي, يقوم بإلقاء بشر آخرين في محارق, وأفران الغاز, فقط لأنهم غجر, أو يهود, سود, أو معاقين ذهنيا.. تغتصب أمامه, نساء, ويقوم بالمشاركة في الاغتصاب, الذي يمكن أن يستمر لأكثر من يوم, فالميث يعطي في بدايات تعاطيه, قدرة جنسية هائلة, ما تلبث أن تتلاشي بعد قليل, وتتحول إلى مجرد متعة التعذيب, وهو ما حدث أثناء الحرب أيضا.

احتاج هتلر وقواده جنودا يطيعون, وينفذون أكثر الأوامر قسوة, ووحشية, وكان الميثافيتامين, هو الحل السحري لذلك.

في اليابان, تم استخدامه بضراوة, خصوصا على الطيارين الانتحاريين المعرفين باسم الكاميكازي, وعلى عمال المصانع, لمضاعفة ساعات عملهم, ولكي يكفيهم مخزون الطعام الذي يصرف لهم.

بعد انتهاء الحرب الثانية, تسرب مخزون الجيش الياباني إلى العامة, الذين كانوا في حاجة ماسة إلى مخدر, ينسيهم الهزيمة الثقيلة التي أصابتهم, والاحتلال الأمريكي, الذي فرض عليهم إحساسا بالعار لم يستطيعوا التخلص منه, إلا بذلك المخدر, الذي أعطاهم ثقة عاليه بالنفس, بالقوة, وقلل احتياجهم للطعام.

كان الميث مخدر مسموح به في اليابان,أطلقوا عليه اسم الشابو, وصرفوه بشكل دوري للجنود, وعمال المصانع حتى العام 1949, حيث انتبه العلماء, إلى خطره النفسي والصحي, مع ازدياد نسبة الجريمة, ودرجة عنفها, ودمويتها.

مع الحظر, الذي تطور مع الوقت, إلى سجن للمتعاطين, أتجه اليابانيون إلى طبخ المادة, في معامل منزلية, أدوية الصداع المحتوية على الافيتامين موجودة, ومشتقات الكلور سهل التحصل عليها.

كانت الأخطار كبيرة جدا, لكن العائد مجزي جدا.

قامت اليابان بحرب على تلك المعامل المنزلية, والتي خضعت لسلطة العصابات اليابانية.. انتهت تلك الحرب, بفرار المصنعين إلى دول شرق أسيا, وقاموا بالتصنيع هناك, ومن ثم إعادة التصدير مرة أخرى لليابان.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back To Top