مالك مصطفى يكتب: تساؤلات مشروعة عن مصير مصطفى الماصوني.. ودور عائلته.. #ماصوني_فين

منذ حوالي عشر شهور، وتحديدا قبل عيد الفطر 2015، سألني صديق عن ماصوني، وأنه مختفٍ منذ فترة طويلة، ولا أحد يعرف طريقه حتى أهله.
بمعرفتي بماصوني، وتقلباته المزاجية العنيفة، واكتئابه الحاد، توقعت أن يكون قد قرر أن ينعزل ويسافر إلى سيناء أو سيوة، أو مكان بعيد عن البشر.
لكن بمتابعة الحديث مع الصديق، شعرت بالقلق، خاصة من ملابسات اختفائه، فقط هبط للاتيان بطعام في الثانية فجرا، وما كان في جيبه من مال، لا يكفي لأي سفر، واختفى تماما من بعدها.
نشطنا في البحث عنه، والكتابة، لكن هاتفا من أخته، طلبت منا عدم الاستمرار في البحث، لأن هناك أحد الأشخاص في جهاز أمني، قام بطمئنتهم لوجوده.
لم أكن أود التوقف، لكن احتراما (للعائلة) قررنا، أن نصمت، وندعهم يحاولون بطرقهم الخاصة.
مضى اكثر من شهر، بدون أي نتيجة، تحدثنا مرة ثانية مع الأخت، وأقنعناها أن لابد من الضغط، ولابد من الحديث إلى الإعلام، وعمل توكيل لمحام، كي يسعى في البحث بشكل قانوني، وتم ذلك بالفعل، وقام الأب بالظهور في برنامج محمود سعد، والبكاء على فلذة كبده، وانقلبت الدنيا رأسا على عقب، بسبب ذلك الظهور.
توالت الاتصالات مع الإعلام سواء محلي أو دولي، لكن (العائلة) قررت أن تصمت، كي تمهل الداخلية فترة للرد، وأنهم لا يريدون تحويل الموضوع إلى سياسة، وغضبوا مني بسبب مقالات كتبتها عن ماصوني، وطلبوا مني عن طريق الأخت، ألا أربط بين ماصوني والثورة، وأنهم لا يريدون -في أي حديث- ذلك الربط.
(كنت قد تحدثت في تلك المقالات، عن رؤيتي لماصوني قبل إصابتي مباشرة، وتندري عليه، بسبب البذلة التي كان يرتديها في وسط الاشتباكات).
بعد ذلك، طلبوا منا جميعا أن نصمت، ولا نتحدث مجددا عن ماصوني، إلى أن يرد بيان الداخلية، لأن هناك أشخاص\”في جهة أمنية\” طمئنوهم، وطلبوا منهم، أن يصمت الجميع، حتى يقوموا باخراج الفتى.
نعم.. تكرر ذلك مرتين.
\”سدينا حنكنا ببلغة\” احتراما للـ(العائلة) وسط غضب ضخم منهم، وتساؤلات متفرقة من أصدقاء من جيل التسعينيات، عن لِمّ احترام (عائلة) كان بينها وبين ابنها ذلك الجبل من الغضب والمرار؟!
لكن قررنا أن نحترم، سواء بإرادتنا، أو مجبرين، لأن في النهاية، نحن لا صفة قانونية لنا، وماصوني لم يقم بعمل أي توكيل لأي محامٍ، فإن قرر الأهل التوقف عن البحث، فلا فائدة ترجى، لأننا لن نستطيع زيارته \”إن كان مسجونا\”، أو التواصل معه، ولن نستطيع التحقق من الجثة، إن كان ميتا، ولا نستطيع التحدث عنه إعلاميا، في حال رفض (العائلة) لذلك، لأن بالطبع كلمة واحدة منهم، ستهد كل ما نبنيه.
مضغنا البلغة، وصمتنا، احتراما للـ(العائلة).
مضت شهور، وبعضنا يبحث بدون أن يصل لشيء، والبعض الآخر انشغل في المصائب التي تتوالى علينا، إلى أن هاتفني صديق، يخبرني، أن هناك صورة لجثة وجدت في النيل، ووصلوا إليها في أحد الأقسام، وهناك بعض الشك بأنها جثته، وأن المشكلة الوحيدة أن (العائلة) تنكر تماما أنه ماصوني، ولا تريد أن تطابق البصمات، أو تحليل الحمض النووي.
حاولنا كثيرا، توسلنا، تضرعنا، لكن بلا مجيب.
أعرف أن هناك مشاكل ضخمة بين ماصوني وعائلته، وأن العلاقات سيئة جدا، من فترة طويلة جدا، وأن هناك ماضيا سيئا، لكن بالتسليم بكل ما سبق، كنت أطمئن نفسي، أن أي إنسان طبيعي، فقد فردا من عائلته، وهناك جثة أمامه، سيقوم على الأقل بقطع الشك باليقين، مع الأخذ في الاعتبار ما يلي:
١- هناك شك بنسبة كبيرة، أن ملابس الجثة هي ملابس ماصوني.
٢- لم يمكن التأكد من الوجه بسبب الانتفاخ الناتج عن الغرق والتعذيب.. (هناك آثار تعذيب واضحة على الوجه، ونظرة هلع ضخمة في العين، وملامح الوجه).
٣- هناك تشابه كبير بين شعر الرأس والوجه في الجثة وماصوني.
نعرف بالطبع أن كل ما سبق، ليس أدلة مادية، لكن التصرف الطبيعي، لأي عائلة، فقدت أحد أفرادها، أن تقطع الشك باليقين، خاصة أن معظم أصدقائه، يضغطون عليهم ليفعلوا ذلك.
بعد ذلك، قام عدد من الأصدقاء، بالتحايل كي يصلغوا إلى بصمات ماصوني، واستطاعوا فعلا بطريقة ما، أن يتحصلوا على نسخة، وتوقعنا أننا لم نعد نحتاج (العائلة) كي نقارن البصمات، لكن ولعبثية القضية كلها، اختفت بصمات الجثة، وأخبرونا أنه لم تكن هناك بصمات من البداية!
هنا توقفنا تماما، وأصبحت رياضتنا المفضلة، هي طرق رؤوسنا على حائط \”العائلة\”، كي يقوموا بعمل تحليل الحمض النوي، فلم يعد هناك أي أمل كي نطمئن، سواه، لكن أيضا لم يوافقوا.
اخبرونا نفس القصص، أن هناك ابن عم أخت معتقل ما، رأى شخصا ما يشبه ماصوني في سجن ما، وهنا قريب لشخص ما، يعمل في أمن الدولة مازال يؤكد على وجود ماصوني، وهناك وعود من وحيد قرن وردي اللون، بخروج قريب لماصوني!
غضب البعض، وقرر فضح الموضوع، خاصة أن هناك شكوكا، بتعاون عدد من المحسوبين علينا، مع (العائلة) وعدم البحث بجدية، وأن المحامية خائفة من إلغاء التوكيل، ولذلك تقوم بطاعة (العائلة) تماما، وما الى ذلك، من تفاصيل حقيقة لم تكن تهمني كثيرا، لكنها جعلت الباقين يستشيطوا غضبا، خاصة مع تخاذل، وادعاءات من قبل أشخاص تُرَص فقط على الشبكات الاجتماعية، بدون حركة حقيقية، وإعطاء العذر بعد الآخر \”للعائلة\”، وأيضا ذلك لم يكن يهمني شخصيا، لأني لم أكن أتوقع منهم الكثير، وأيضا، لأنهم في النهاية لا سلطة في أيديهم، وكل القرارات بيد (العائلة).
البعض اقترح منذ شهر أبريل الماضي، أن نعلن ذلك على الملأ، لكني تخوفت من ردة فعل (العائلة)، وأن الأمل الوحيد في التعرف على الجثة، للأسف الشديد بيدهم، وكل ما يهمني هو قطع الشك باليقين، وعولت على الوقت، وأعطيت بيني وبين نفسي مهلة، لبعد عيد الفطر، حتى أتحدث عن الموضوع من جديد، وأخرج كل ما عندي، لكن أحد الأشخاص، قرر أن يسرع العملية قليلا، وسرب موضوع الجثة، وتوالت الأحداث من اتهامات متبادلة، وبعض من يدافعون عن (العائلة)، ويرسل إليهم طاقات إيجابية وحب وحنينة، والبعض الآخر، يهاجهم لإخفائهم معلومة مثل تلك، إلى أن ردت أخته، وكتبت تدوينة على الفيس بوك، تنكر أن تكون صورة الجثة لأخيها.

لن أدخل في مزايدات عن حب (العائلة) لماصوني، كل من كان قريبا من ماصوني، يعرف العلاقات جيدا، ولن أدفع بتلك الدفوع، التي تقول إن (العائلة) مهددة، وهناك ضغوط قوية تمارس عليها، كل ذلك حقيقي لن يفيد ماصوني، ولن يفيد أحدا، وغير مهتم، بمن على صواب، أو بمن مخطئ.
كل ما أريده هو قطع الشك باليقين، وعمل تحليل الحمض النووي، للتأكد من علاقة الجثة بماصوني.. مجرد عينة من الأب، تر يّحنا، ونتمنى أن لا تكون جثته، ونتمنى أن يكون على قيد الحياة، سواء في سجن، أو معتقل، على الأقل، سيعطونا أمل مبني على شيء مادي، أن ماصوني مازال هنا، ولم يغادرنا.
لا نريد من عائلته شيئا، سوى ذلك التحليل، هل هذا بصعب؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back To Top