مارك أمجد يكتب: مصائر المتنصرين بين جهنم والجحيم.. (الحلقة الثانية)

عندما يستشهد دكتور لمادة التاريخ بكلية الآداب في كتابه بالإنجيل بخصوص مسألة تتعلق بالآثار، فهذا وحده دليل على أن هذا الكلام محض هراء.

إن كان فعلاً هذا الدكتور المسلم يصدق الإنجيل كدليل، لماذا سيظل على اعتناقه لدينه؟!

لكن المتنصرين أغفلوا هذا السؤال المنطقي، وراحوا يتشفعون بمثل هذه الحجج في إثبات أن المسيحية هي الدين الحق، وهو ما كانوا يفعلونه أيضاً من قبل حينما كانوا مسلمين، فتراهم يربطون بين آيات القرآن وصحراء العرب ومجرات الكون وشعيرات الحشرات!

لنواصل تفنيد دوافعهم:

– محمد أمر برجم الزانية وقطع يد السارق.. إله الإسلام متعطش دوماً للدماء:

بحق عيسى ومحمد وموسى وبوذا، ألم يقرأ هؤلاء، قبل أن يعبروا، التوراة؟ ألم يقرأوا عن إله مختل يستيقظ في الصباح، فيقرر أن يبيد البشرية بأكملها بطوفان، فـ \”حزن الرب أنه عمل الإنسان في الأرض وتأسف في قلبه\”؟

\”فتنسم الرب رائحة الرضا، وقال الرب في قلبه لا أعود ألعن الأرض أيضاً من أجل الإنسان، لأن تصور قلب الإنسان شرير منذ حداثته ولا أعود أيضاً أميت كل حي كما فعلت\”.
و\”قال (الله) للمرأة تكثيراً أكثر أتعاب حبلك\”.
\”فامطر الرب على سدوم وعمورة كبريتاً وناراً من عند الرب من السماء. وقلب تلك المدن وكل الدائرة وجميع سكان المدن ونبات الأرض\”.
\”لأن الرب كان قد أغلق كل رحم لبيت أبيمالك بسبب سارة\”.
\”فقال (الله) خذ ابنك وحيدك الذي تحبه اسحق واذهب إلى أرض المريا واصعده هناك محرقة\”.
\”فامد يدي واضرب مصر بكل عجائبي\”.
\”هكذا يقول الرب إني نحو نصف الليل اخرج في وسط مصر فيموت كل بكر في أرض مصر\”.
\”فخلص الرب في ذلك اليوم اسرائيل من يد المصريين ونظر اسرائيل المصريين أمواتاً على شاطئ البحر\”.
\”الرب رجل حرب\”.
\”مركبات فرعون وجيشه ألقاها في البحر\”.
\”وعينا بعين وسنا بسن ويدا بيد ورجلا برجل وكيا بكي وجرح بجرح\”.
\”ما جئت لألقي سلاماً بل سيفاً\”.
\”ومن ليس له فليبيع ثوبه ويشتر سيفاً\”.
\”أما أعدائي أولئك الذين لم يريدوا أن أملك عليهم فأتوا بهم واذبحوهم قدامي\”.

**********
عيسى القرآن شخصية أسطورية مرقعة بالخرافات.. هكذا يرى المتنصرون بعكس يسوع الإنجيل!

لكن ما هو النموذج الذي قدمه الكتاب المقدس للمسيح وما صفاته! الحقيقة أن الكتاب المقدس لم يأت أبداً على ذكر تفاصيل تجعل لحياة يسوع أي ملمح أدبي، بمعنى أن الشخصية التي تم تقديمها، والتي لم تكن تفعل شيئاً سوى الأكل وصنع المعجزات والعطف على بعض النسوة، هي أقرب جداً لأبطال كالرجل الوطواط والرجل العنكبوت! بل إن هناك من الأدباء من استطاعوا أن يضعوا تصوراً أفضل بكثير لشخصية يسوع، مثل الروائي اليوناني نيكوس كازانتزاكيس في روايتيه \”الإغواء الأخير للمسيح\” و\”المسيح يصلب مرة أخرى\”. كما أن جبران خليل جبران قدم محاكاة أدبية تفوقت كثيراً على مُثل وأقوال المسيح في أيقونته \”النبي\”.
بالعكس، فالإشكالية أو الشرك الذي لا يقدر المسيحيون على الخروج من بين أنيابه، هو محاولتهم الشديدة وتركيزهم أن يصيروا في حيواتهم  مثل المسيح، لكن كيف؟ بأن يديروا الوجه الآخر لمن يلطمهم؟ بألا يسمع أحد في الشوارع صوتهم كما قال الكتاب عن نبيهم؟ هل هذه بربكم تفاصيل كافية للتشبه بشخصية تاريخية، أياً كانت من؟! فالمسيحية لم تقدم لنا سوى يسوع الذي أقام الموتى، وهو نفسه قام من الموت ومشى على الماء وحولها لخمر، وأخيراً ارتفع عن تلاميذه للسماء.

أما الجانب الإنساني من شخصيته، والذي يعترف علماء اللاهوت بوجوده، فلم يذكر كتّاب الأناجيل الأربعة عنه شيئاً، كحياته الاجتماعية، وهل بالفعل وقع في حب المجدلية، وعلاقته بأمه وهو ذاهب ليقضي على حياته، وكيف مرت بهذا الشكل من البساطة والخبل؟! وعلاقته بيهوذا الذي سيسلمه للرومان كي يصلبوه.. كل هذه الأمور تم تهميشها، بل محوها تماماً، ولم يتبق لنا سوى رجل لا يختلف عن كابتن أميركا في شيء! فأين هو إذاً النموذج الإنساني الغزير بالتفاصيل الذي يتحدث عنه المتنصرون؟!

**********
– ونقول لجهنم هل امتلأت؟ فتقول هل من مزيد؟

ربما لم يلحظ المتنصرون أن لجهنم نفس الأهمية والمكانة في المسيحية، ولكن مع مفردة مختلفة، وهي الجحيم، ولعل اختلاف اللفظ لم يؤثر على ماهية المكان وتفاصيله.. \”اذهبوا عني يا ملاعين إلى النار الأبدية المعدة لإبليس وملائكته\”.. (انظر كيف يخاطب إله المحبة خليقته؟).
\”وحينئذ بعد هذه المحاكمة يمضي هؤلاء إلى عذاب أبدي\”.
\”يارب إن دينونتك لمرهوبة: إذ تحشر الناس وتقف الملائكة وتفتح الستار وتتكشف الأعمال وتفحص الأفكار\”. أية إدانة تكون إدانتي أنا المضبوط بالخطايا، من يطفئ لهيب النار عني، من يضيء ظلمتي\”.
\”وكل من لم يوجد مكتوباً في سفر الحياة طُرح في بحيرة النار\”.
\”فكما يجمع الزوان ويحرق بالنار هكذا يكون في انقضاء هذا العالم\”.
\”يرسل ابن الإنسان ملائكته فيجمعون من ملكوته جميع المعاثر وفاعلي الإثم ويطرحونهم في أتون النار. هناك يكون البكاء وصرير الأسنان\”.

*********

لن أضيع وقتاً وحروفاً كي اضع الآيات التي يتم الاستشهاد بها إذا أراد أحدهم تأكيد إهانة الإسلام للمرأة، فكلكم سواء مسلمين أو أقباط تحفظونها، وأتذكر أني كنت أعرفها وأنا لم أدخل المرحلة الإعدادية بعد!

لكن هذا البعد الخاص بعلاقة المرأة مع المسيحية لا يناسب أبدا أن يكون مصدر عنجهية أي مؤمن مسيحي، وهو يتحدث عن هذه القضية! فالإنجيل، بدءا من الإله التوراتي وحتى زمن يسوع، ليس سوى واحد من أكثر الكتب الذكورية في أرفف مكتبتنا؛ يبدأ الأمر بقصة الخليقة، فيوجد الله حواء لتكون \”معينا\”، مرورا بالذروة، حينما تخالف الأوامر فتُعاقب \”تكثيرا أكثر أتعاب حبلك، بالوجع تلدين أولادا، وإلى رجلك يكون اشتياقك وهو يسود عليك\”.

بيد أنها ليست أكثر حظا في العهد الجديد:

\”لتصمت نساؤكم في الكنائس لأنه ليس مأذونا لهنّ أن يتكلمن بل يخضعن كما يقول الناموس أيضا. ولكن إن كنّ يردن أن يتعلمن شيئا فليسألن رجالهن في البيت لأنه قبيح بالنساء أن تتكلم في كنيسة\”.

\”لأن الرجل لم يخلق من أجل المرأة بل المرأة من أجل الرجل\”.

\”وأمّا رأس المرأة فهو الرجل\”.

\”كذلكنّ أيتها النساء كنّ خاضعات لرجالكنّ\”.

\”ولا تكن زينتكنّ الزينة الخارجية من ضفر الشّعر والتحلّي بالذهب ولبس الثياب\”.

\”كذلك أيها الرجال كونوا ساكنين بحسب الفطنة مع الإناء النسائي كالأضعف\”.

*********

ربما تكونوا مللتم، لكنها الطريقة الأنسب في رأيي لتوضيح الأمور، إذ تعمدت أن أورد من الإنجيل نفسه كل ما يعري ادعاءات المتنصرين، لكن هل انتهينا؟

أبداً.. فإذا كانت حججهم قد اتضح لنا أنها غير مقنعة بالمرة، فهم حتماً يخبئون في جعبتهم قصصاً آخرى أكثر إثارة.. سنتعرف على تفاصيلها في الحلقة القادمة.. حصولهم على تأشيرات سفر للولايات المتحدة وغيرها من البلدان الأجنبية.. إحاطتهم بهالة من القداسة، وتحولهم من مجرد مؤمنين، لمرشدين ووعاظ، بل محاكمين لسلوك غيرهم من الأقباط! متطرفون كانوا يوماً مع فريق، واليوم اختلف موقعهم واحتفظوا بسلوكهم.. من أين نسجوا قصصهم المفرطة في الدراما بحبكات مكتملة؟! هل فعلاً تخصص الكنيسة معسكرات وآليات لعملية التبشير كما يزعم البعض؟

أسئلة كثيرة مطروحة.. لكن يسعني القول بأن الأسباب الحقيقية أبعد ما تكون عن استبدال جهنم بجحيم، وأن المغامرة تستحق من المتنصر أن يقف بضعة أشهر على حافة الهاوية، مقابل فردوس لم يذكره الإنجيل.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back To Top