ماجد الجلاد يكتب: فتاة الزقازيق والأورجازم العقائدي

ملصقات تغزو الشوارع وعربات المترو وأعمدة الإنارة، تحمل عبارات فجة وعنيفة ووقحة فى كثير من الأحيان، تحمل أيضا ما تيسر من الجنة، والكثير من جهنم المكدسة بجثث النساء.
عبارات تغزو المدارس ومرافق الدولة ممهورة بتوقيع الشيوخ والسلف المقدسين تحقر من شأن المرأة وتكرس النظرة الجنسية تجاهها، فتصنع حالة من التحرش والتحريض العقائدى وصلت إلى أن يفتي أحدهم بأن وجه المرأة كفرجها!
شاشات، منابر، أشرطة كاسيت وكتب على الأرصفة بنبرة وهابية جعلت الشارع المصرى جحيما على أى أنثى، أصبحت الحياة اليومية للفتيات والنساء تستوجب الكفاح والنضال من أجل الوصول لحد أدنى من الانتهاك والتحرش الفردى والجماعى.
عندما شاهدت قوافل الهمج والغوغاء تحاصر فتاة الزقازيق، تذكرت ما قالته صديقة لى ذات مرة: إن الشعور بالأنوثة فى مصر أصبح مغامرة!
فتاة الزقازيق مجرد فتاة تجرأت وشعرت بأنوثتها وارتدت فستان، ويا لها من جريمة تستوجب العقاب الجماعى. إذ كيف لفتاة أن تتصرف كفتاة فى أرض الزومبى الذين أنجبهم المجتمع بتواطؤ من الدولة.
منذ عدة أيام فنانة معتزلة استضافت فى برنامجها الدينى داعية شاب ممن يقدمون أنفسهم كمجددين ليخبرنا صراحة: \”لو الشباب شافوا واحدة لابسة قصير وماتحرشوش، يبقوا مش رجالة\”

نفس هذه المعتزلة استضافت فى مداخلة تليفونية مؤسسة حملة \”البسى فستانك واستردى أنوثتك\” لتخبرها أن تأكل ما يعجبها وتلبس ما يعجب الناس!
نحن أمام حالة مدبرة من صناعة الغوغاء فى الإعلام الوهابى والمنابر والمناهج الدراسية، أنتجت فرقة التحرش الشعبى التى تنشط فى الأعياد والتجمعات وتتأهب للانقضاض على أى فتاة. وفرقة أخرى لا تقل حقارة تبرر لهم هذا الإجرام.
نحن نعيش فى مجتمع يأجج الكبت الجنسى ويدافع عن المتحرش ويحارب الحب والعلاقات الطبيعية بين الجنسين، مجتمع يضيق الخناق على العشاق والأحبة فى الشوارع والمنازل والمتنزهات. مجتمع مزيف ومنافق خلق ممرات سرية لإفراغ رغباته المكبوتة بالتحرش والتلصص والخيالات المريضة.
نحن فى وطن يمكنك فيه التبول والتغوط بكل أريحية فى الشارع، يمكنك أن تبصق وتسب وتلعن وتبنى أهرامات القمامة شامخة وسوف يغض البصر ويرسم ابتسامة بلهاء، لكنه ينتفض لو رأى عناق بين حبيبين أو قبلة مخطوفة على الكورنيش، مجتمع يشعر بالإهانة لو قررت إحداهن خلع الحجاب فيحاربها ويتهمها بالفجور ويعتدى عليها بالقول والفعل، مجتمع مريض بالحكم على الآخرين.
والسؤال: أليس من الأحرى أن يحاكم المتحرش والمبرراتى وفقهاء الجنس أمام دوائر الإرهاب؟
أعنى، ما نوع الإرهاب الذى يفعله مواطن بالتعبير عن رأيه فى مظاهرة أو وقفة احتجاجية تجعله يسجن 10 سنوات، فى حين أن رسائل التحريض والعنصرية المسموعة والمرئية تُبث بطول الوطن وعرضه دون مساءلة، حتى أصبحت لدينا مواسم ومناسبات تمنحنا فيها الدولة إجازة رسمية للتحرش الجماعى!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back To Top