ماجد أمين محمود يكتب: السبيل إلى التغيير وما الذي يؤخره؟

ما الذي يؤخر التغيير؟ ما الذي يؤخر الذي قامت من أجله ثورة بموجاتها

المتعددة وقدمت في سبيله تضحيات لا تحصى؟

أولاً: دعونا نفرز الكتلة الوحيدة القادرة على إحداث تغيير جذري.

فلنستثني أولاً الأقلية المستفيدة أعظم استفادة من الأوضاع الحالية التي تكرس لهم ممارسة تسلطهم على الأغلبية، والتي يعمل المجتمع (أو حتى لا يعمل) فقط من أجل مصالحهم الضيقة.

غير تلك الأقلية يوجد معسكران شعبيان.

المعسكر الأول هو صاحب الأمل، الذي يؤمن بأن هناك خطأ ما مؤدي إلى كل هذه الأوضاع، وأنه إذا لم يكن قد ارتكب خطأ، ولم نتوصل إلى ما نسعى إليه، فإن هذا سيؤدي إلى يأس كامل.

أما المعسكر الثاني، فإنه يؤمن بأن حتى في حال وجود خطأ، فإن هذا الخطأ يعتبر قانون، فالقانون لديهم هو أي فعل يقوم به القائمون بالسلطة، فمسألة صحة القوانين وعدلها مسألة ثانوية بجانب ثبات القوانين واسقرارها، و من خلال هذه القوانين والقواعد يحلمون بالحل الفردي والتقدم بالرتب الاجتماعية، وفي حال تعرضت تلك القواعد والأنظمة التي كفلت لهم (مكانتهم) للمساءلة، فإن هذا يعرضهم ومكانتهم للمساءلة أيضا، مما يشكل لهم تهديدا.

أما المعسكر الأول (صاحب الأمل)، فإنه يرى في التقدم بالرتب الاجتماعية عملية حقيرة منحطة، كما أنها طبيعية، كمثل أن يطعن شخص ما في السن كلما تقدم به العمر!

ولهذا المعسكر (صاحب الأمل) سمتان أساسيتان:

أولا: رفضه الاندماج مع النظام، مما يكفل لهم مكانة غير مرتبطة بقواعد النظام.

ثانياً: أنهم على وعي أن النظام الحالي ليس هو الوحيد الممكن.

ولذلك هم يقفون خارج كل تنظيم مبني على مبدأ تفويض السلطة، فهم منصرفين عن النظام الذي يريد أن يحكم عن طريق تفويض ضمني يسمح لهم بممارسة  السياسة باسمهم، لكن دونهم.

حين نتكلم عن المعسكر الرافض لمبدأ تفويض السلطة، فإننا بذلك نضع خطا فاصلا بين القوى الراغبة في إحداث تغيير جذري، والقوى السياسية الإسلامية التي تفوض شيوخها وتنتمي بطبيعتها إلى المعسكر الثاني الذي كان يرى في الخطأ قانونا.

هكذا وبعد أن افرزنا الكتلة الوحيدة الراغبة والقادرة على إحداث تغيير شامل وتعتبر نفسها مسئولة شخصيا عن هذا التغيير، علينا الآن أن نستعرض سبل هذا التغيير.

أولاً: التغيير عن طريق إئتلاف أحزاب ثورية تنتزع نصرا انتخابيا وتحقق

برنامجا يفضي إلى توسيع الحريات والديمقراطية.

لكن هل هذا ممكن في ظل نظام انتخاب قائم على التلاعب والتحكم بالرأي العام؟

ثانيا: التغيير عن طريق الإضراب العام، وهنا يبرز دور النقابات لا الأحزاب التي عليها أن تعي أن مطالبها المتعلقة بالأجور وغيره (وإن كانت ضرورية) لا تهدد النظام في مبدئه.

لكن هل الإضراب العام حل فعال؟ هل فعلا يكفي أن تكتف الطبقة العاملة يدها حتى ينهار النظام كما كان يقال؟

على سبيل المثال:

المنشأت والإدارات الحكومية ذات الستة ملايين موظف، يمكن تيسيرها من قبل عدد أقل بكثير جدا من هذا الرقم، وهنا تفقد القوة العاملة قوتها الفعلية التي تستطيع من خلالها المساومة على حقوقها، ولا اعرف إذا كانت هذه استراتيجية متعمدة دأبت عليها الأنظمة لتفقد الشعب أسلحته؟! وإن كنت لا اعتقد هذا.

كما أن في حال الإضراب القومي، قد تلجأ الدولة إلى تشغيل المنشأت بواسطة الجيش، ويبدو أنه يتم إعداده لهذه المهمة.

لم نعد نسأل عن مشروعية التغيير، فهذا أمر منتهي، إنما عن عوامل تعطله، ولا شك أن تحولا جذريا آخذ في الحدوث، مهما زدات عوامل تأخيره، فهي عوامل معطلة لا مجهضة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back To Top