قصة قصيرة ساخرة
كان قلبه حاسس أن إشتراكهما في فيلم واحد سوف تنجم عنه كارثة، سوف تسقط على دماغه هو بالذات من دون خلق الله! جاءته مروة ذات ليلة وأخبرته وهي تنظر لعينيه وكأنها تريد أن تغوص إلى أعماقه لتعرف رد فعله الحقيقي، قبل أن يزيفه لسانه أو عقله، جاءني فيلم بطولة يجنن ويهبل، بس عارف مين المرشحة للدور قصادي؟ لم يبد عليه الاهتمام، ولم يفكر أن يسألها، لكنها تبرعت بالإجابة، شيرين صبري.
سمع الاسم، لكنه لم ينطق، فقد إنتابته حالة سعال بعد أن انحشرت في حلقة قطعة تفاح كان يقضمها بسلاسة قبل سماعة الاسم، حمد ربنا لأن فترة السعال قد منحته عدة ثوان يبتلع فيها صدمة المفاجأة!
ظهر عليها بعض الغضب وقالت له فجأة: يعني ماردتش، فقال لها وكأنه يتمنى أن يخلصه الله من هذا الموقف على خير.. عايزاني أقول إيه؟ مبروك على الفيلم، لكن رده لم يريحها، فقالت متحفزة، طب وشيرين صبري؟
مالها شيرين؟ وازدادت حدة حديثها.. مش عارف مالها شيرين؟! مش دي حبيبة القلب بتاعة زمان.. مش دي اللي كنت بتقعد عندها كل ليلة.. مش دي…، وأراد أن يوقف سيل الاتهامات: يا ستي ملعون أبوها خلاص بقى.. دي أيام وراحت لحالها، ولم ينته الموقف عند هذا الحد، هاجمته بحده قائله: إنت حا تستعبط! أيام وراحت لحالها إزاي؟ ده إنت لسه كاتب عنها مقالة نارية الأسبوع اللي فات! قال إيه.. نجمة الإحساس والمشاعر! وصلة من المدح والحسوكة.. اقطع ذراعي إن ما كانت قاعدة على حجرك وإنت بتكتب.
وتساءل بينه وبين نفسه: \”بنت الذينا عرفت إزاي\”؟ أما النسوان دول بلاوي مسيحة حقيقي، إيه الحاسة الغريبة اللي بتخليهم يشموا الخيانة من على بعد ميت كيلو!
وتذكر تلك الليلة التي كان عائدا فيها من سهرة أصدقاء، ورن جرس تليفونه المحمول، وعندما أجاب، جاءه صوتها، الذي يحمل قدرا هائلا من الأنوثة، التي تطلقها \”شيرين صبري\” على عباد الله، عندما تكون لديها الرغبة، في السيطرة والاقتناص.. بعد كلمتين عتاب.. طلبت منه أن يمر عليها، ولم يفكر مرتين قبل أن يوافق، وفي الحقيقة هو لم يوافق، لكن وجد سيارته تتحرك رغما عنه إلى شقتها.. تلك الشقة التي شهدت أجمل أيام الغرام والحب، وقضى فيها أيام ماتتحسبش من عمره.. مع شيرين الحياة لها شكل تاني، وطعم تاني.. إنها امرأة إستثنائية لا تقاوم.. قد تكون مشاعرها كاذبة، ولا تقبل عليك إلا إذا كانت تريد أن تسخرك وتستغلك لتحقيق مصلحة ما، لكن النعيم الذي تمنحه يغفر لها كل شىء.. كان فيلمها الجديد قد بدء عرضه منذ عدة أيام، وأدركت بذكائها الذي لا يخذلها مطلقا أن الفيلم يحتاج إلى \”زقة\” إعلامية، يمكن أن يكون لهما تأثيرعلى الجماهير، خصوصا وأن عادل رفعت ليس أي صحفي، فهو كاتب كبير وله برنامج تليفزيوني يحقق نسبة مشاهدة مرتفعه جدا، وفوق كل هذا فهو رئيس تحرير لجريدة يومية تتمتع بشعبية لدى القراء، ثم والأهم من ذلك فإن له قدرة على تحريض الآخرين على السير في نفس الخط ونفس الإتجاه!
في تلك الليلة استقبلته شيرين بفستان، في الحقيقة لم يكن فستانا، لكنه للدقة كان مجرد غلالة رقيقة، تجمع بين اللون الأسود والذهبي، على جتتها المرمر الملساء عملوا شغل يجنن، أطار صواب عادل رفعت! ولم تكتف شيرين بأسلحة الدمار الشامل، لكنها لعبت دور القطة.. هذا الدور الذي تجيده، وتتقنه وتؤديه بحرفنة، حيث تكور نفسها تماما، وتتسحب إلى صدره، فيجدها على حين غرة، قد سكنت داخلة.. باختصار وجدها في حضنة تذوب ذوبانا.. قضى معها ثلاث ساعات كاملة، كانت كافية لإعادة آدم للجنة، وخرج من بيتها مع بداية صباح اليوم التالي، وحاول جاهدا أن يتذكر عدد الكلمات التي قالتها، أو التي نطق بها هو، لكنه اكتشف أنهما لم يتحدثا على الإطلاق، ولم يدر بينهما أي نوع من الحوار!
إنها من الذكاء بحيث لا تطلب، لكنه شعر أنه لابد وأن يقدم لها هدية إمتنان على تلك الليلة الرائعة التي سمحت له بقضائها معها، وفي مساء الليلة التالية ذهب عادل لدار السينما وتابع فيلمها، وراح \”ناتع\” صفحة كاملة في الجريدة التي يرأس تحريرها، ولم يكتف عادل بذلك، بل أرسل إليها محررا شاطر يجري معها حوارا، نشره على صفحة مع عدة صور مثيرة ساهمت في زيادة الإقبال على فيلم شيرين، التي اكتفت بشكره في رسالة على الموبايل، ولم يعد يسمع صوتها مرة أخرى وإن كان يتمنى أن يكون لها فيلما تحتاج إلى دعمه إعلاميا حتى تحتاج إليه مرة أخرى!
أما \”مروة\” فهي حبيبته المجنونة.. إنها المرأة العاصفة التي تخلق المشاكل أينما حلت.. غيورة شرسة.. متهورة منفلته، ثرثارة، مزعجة، لكنها ممتعة في الفراش! والأهم من ذلك أنها مضمونة، وقد وقع عادل في المحظور.. فيلم سوف تشارك فيه حبيبته السابقة التي لا يمل الحنين إليها، وحبيبته الحالية التي يسعى للاحتفاظ بها! وهو يعلم علم اليقين أن الفيلم الذي سوف يضمهما سوف يتحول إلى كارثة، وأن كل منهما سوف تستخدم كل أسلحتها وإمكاناتها لتدمير الأخرى والوقوف فوق جثتها، ويعلم أيضا أن كل منهما سوف تبذل قصارى جهدها لكي تجنده لحسابها، فماذا يفعل؟
وكيف يسيطر على جنون\” مروة\” أو على خبث وذكاء شيرين، لكنه عندما فكر في الأمر، وجد أنه المستفيد الأول من تطاحن المرأتين، فكل منهما سوف تقدم له أفضل ما لديها، وقد كان، فقد قضى ثلاثة أشهر من المتعة اللذيذة.. يتنقل بين أحضان هذه وتلك، وعندما تحدد تاريخ عرض الفيلم.. حمل حقيبته وسافر إلى اليابان في رحلة طالت عدة أسابيع.. كان يتابع فيها عن بعد تفاصيل الحرب الشعواء التي إندلعت بين النجمتين، وكانت ساحة القتال هي صفحات الجرائد الفنية والبرامج الفضائية، ولما كانت الظروف تحتم عليه العودة إلى مصر، قرر أن يعود إلى إحدى المستشفيات التي يمتلكها أحد أصدقائه، ويدعي المرض حتى تنتهي تلك الحرب على خير، فربما تقضي واحدة منهما على الأخرى، فتكون هي التي سوف يفوز بها في النهايه!