(٢٠٠) كلمة مع ماجدة خير الله:
حمل الفنان الراحل فريد شوقى لقب ملك الترسو، فى المرحلة الأولى من حياته، حيث كانت أفلامه تخاطب جمهور الدرجة الثالثة، ذلك الجمهور الذى يحب أن يشاهد نجمه المفضل وهو يضرب عشر رجال ويوقعهم بقبضة يده، وينفض يده وكأنه كان يقتل ذبابا، ويبتسم للشاشة وهو يحلف بحياة أمه إنه حاينتقم من كل من يتجرأ ويتعرض له أو لأى من أفراد عائلته.
ولكن ملك الترسو كان ينتصر للحق، ويقف فى وجه الأشرار، ويفوز بحب بطلة الفيلم، حتى لو كانت من طبقة أعلى من الطبقة الشعبية التى ينتمى لها، وهو من غنت له صباح وهى فى عز مجدها \”حسونة ما تحن عليا\”، ولكن ميزة فريد شوقى التى جعلته يستحق بعد ذلك أن يحمل لقب الملك، هى أنه كان من الذكاء والموهبة أن أستغل شعبيته ليقدم ألوانًا شتى من الأدوار، ويتنقل بين شخصية البطل الشعبى للأدوار البوليسية والرومانسية، والكوميدية أيضًا، فقد كان مغرمًا بمسرح نجيب الريحانى، واستهواه أن يقدم عدة مسرحيات سبق للريحانى أن قدمها، مثل \”ثلاتين يوم فى السجن\” و\”الدلوعة\” و\”العائلة الكريمة\”.
لكن علينا أن نلحظ أن جمهور الدرجة الثالثة فى الخمسينيات كان أكثر إنضباطًا وأقل همجية، عن جمهور الدرجة التالتة أيام أحمد زكى مثلا، الذى كان يستهويه أن يقدم بين الحين والآخر شخصيه البطل الشعبى مثل \”الهروب\” مثلا، ولكنه أيضا كان يحتفظ بقيم نبيلة، حتى لو حاصرته الظروف ونالت منه وتعرض للظلم ثم تمكن من أعدائه، ومع ذلك لم ينحصر اهتمام أحمد زكى على تقديم الشخصيات الشعبية التى قد تداعب خيال نوعية من الجمهور، ولكنه ربما يكون أكثر نجوم جيله قدرة على تقديم كل الأدوار بنفس الإجادة والحرفة والألق.
أما محمد رمضان الذى اقتحم عالم الفن وفى ذهنه أن يكون خليفة لأحمد زكى، لمجرد أنه يشبهه فى لون البشرة، فهو يحترف تقديم شخصية واحدة، لم يستطع أن يفلت منها، وهى شخصية البلطجى ساكن العشوائيات، الذى يتحدث وفى يده سيف أو مدفع رشاش.. أحيانا يتعرض للظلم، ولكن طريقته فى الرد تكون أكثر فجاجة وغلظة مما تعرض له.
مسلسل \”الأسطورة\” يحقق نسبة مشاهدة مرتفعة بين سكان العشوائيات والأحياء الشعبية، وهذا فى حد ذاته ليس عيبا يعيب الممثل أو العمل، ولا يقلل من شأن جمهوره، فكل فئة من البشر تختار من الفنون ما يمثلها، وما يروق لها، ولا يحق لأحد أن يزايد على ما يعجب الناس، ولكن ما يحق لنا أن نذكره، هو أن مسلسل \”الأسطورة\” على المستوى الفنى لا يقدم جديدا، وإنما هو تنويعه على ما سبق لمحمد رمضان أن قدمه فى السينما وفى التليفزيون، وأن استمراره فى تقديم تلك النوعية، يؤكد على عدم قدرته على تقديم غيرها، وهو ما سوف يعجل بنهايته الفنية، إذا لم يفكر كثيرا قبل أن يقدم عمله القادم.