ماجدة خير الله تكتب: حسن الرداد.. احذر أمامك مزلقان!

لم أجد تفسيرًا لإنزعاج الرقابة من كلمة \”إلبس\” التى كان يبدأ بها عنوان فيلم \”حسن الرداد\” و\”إيمى سمير غانم\”، فجملة \”إلبس عشان خارجين\” نسمعها كثيرًا فى بيوتنا، عندما تُحفز الأم أطفالها ليهموا بارتداء ملابسهم للخروج، ولم نكن نعلم أنها كلمة \”أبيحة\”، وتُحرض على الفسق والفجور قبل أن تلفت الرقابة اليقظة، إنتباهنا إلى خطورتها، فقامت بحذفها حرصًا على الآداب العامة! وحتى نظل أنقياء وأوفياء!

والغريب أن نفس الرقابة، وفى نفس الفترة الزمنية، تسمح بكلمات أكثر وضوحًا فى الأباحة ولا تحتمل التأويل، ولا يمكن أن تقول لنفسك: لا مش معقول هم قالوا كده! أكيد أنا سمعت غلط!

وقد تناثرت بعض الكلمات الطائشة فى أفلام العيد، دون أن تلحظها الرقابة، واتشطرت على عنوان فيلم \”إلبس عشان خارجين\”، وهو عنوان سخيف فى جميع الأحوال، سواء اكتمل أم نقص كلمة، وهو يؤكد أن عقلية موظفى الرقابة لم يطرأ عليها أى تغيير ولا تطور من أيام \”حزمنى يا..\”، و\”ولا فى النية ابقى..\”! حيث حذفت من الاسم الأول كلمة \”يا بابا\”، ومن الاسم التانى \”فلبينية\”، بالذمة فيه سخافة وتفاهة أكتر من كده؟

ومع ذلك ورغم كل ذلك، فإن فيلم \”عشان خارجين\”، الذى كتب له الفكرة والسيناريو شيكو وماجد هشام وكتب له الحوار فادى أبو السعود وأخرجه خالد الحلفاوى هو أكثر الأفلام الستة المعروضة فى العيد طرافة، واتساقًا مع نفسه، والأهم من ذلك أنه لا يخدع جمهوره ولا يعده بالكثير، فهو لا يحمل أفكارًا طموحة، وخيالا علميا وبتاع، ولكن كل توقعاتك وأنت تقف أمام شباك التذاكر أن تشاهد فيلمًا مستواه شبه ما سبق وقدمه الرداد وإيمى فى فيلمهما السابق \”زنقة الستات\”، والحقيقة أنه لا يزيد كثيرا عنه، وهذا ليس سيئًا فى حد ذاته، فالحفاظ على المستوى أفضل كثيرا من التراجع الذى أصاب بعض أبطال الكوميديا، وأطاح بهم وبأفلامهم إلو ذيل القائمة، وفى الحقيقة أن فكرة اشتراك عدة أشخاص فى كتابة سيناريو عمل فنى، فكرة ليست \”نميسة\” على الإطلاق، وتؤدى إلى تشابه بعض المواقف فى عدة أفلام تظهر فى نفس الوقت، دليلا على أن تلك السيناريوهات تذهب فى النهاية إلى شخص يمكن أن نطلق عليه \”المجبراتى\” أو \”المصلحاتى\”، ليعبث كما يشاء، بحجة أنه يضع إيفيهات أو تفاصيل للشخصيات، وهذا ما نتج عنه تكرار مشهد ظهور دنيا سمير غانم فى \”لف ودوران\”، ومع مشهد ظهور إيمى سمير غانم فى فيلم \”عشان خارجين\”، حيث يبدأ ظهور الأولى بجزء من وجهها تضع فيه ماكياجا صاخبا للعين، ثم تستدير ليظهر النصف الآخر من وجهها بمكياج خفيف مختلف، وترسل الصورتين لصديقة كانت تأخذ رأيها فى نوع الماكياج الذى تضعه فى مناسبة ما.. حلو الكلام؟

أما شقيقتها \”إيمى\”، فهى فى ظهورها الأول بالفيلم تقف أمام المرآة وقد قسمت وجهها إلى قسمين، الأول يحمل تسريحة
\”كيرلى\” وماكياجا صاخبا، والجزء الآخر يحمل تسريحة سنبلة \”ضفيرة\” وماكياجا ناعما، وتأخذ رأي والدها \”بيومى فؤاد\”، أي من الشكلين يناسب لقاءها الأول بالعريس المرتقب حسن الرداد؟

هذا التشابه الذى يصل إلى حد التطابق، يؤكد أن دماغا واحدة هى التى أنتجت المشهدين!

حكاية فيلم \”عشان خارجين\”، تعتمد على تشابك الأحداث، ووضع الأبطال فى مواقف صعبة ينتج عنها مواقف أكثر صعوبة، وارتباكا، وهى أفلام تحتاج إلى مهارة فى الكتابة، بحيث تكون تلك المواقف منطقية حتى لو كان الغرض منها الإضحاك فقط، ولأن كتاب السيناريو لم يكن لديهم طول نفس، يكفى لخلق أحداث من الحكاية الأصلية، فقد لجأوا إلى حيلة لا بأس بها ولكنها لم تحقق النتيجة المرجوة، لأن فكرة \”البارودى\” أو السخرية من أفلام قديمة، تحتاج أن يكون المتلقى على علم بتلك الأفلام، وقد لاحظت أن جمهور الفيلم ومعظمه من المراهقين -أقل من عشرين سنة- لم يستوعب أن التصرفات المضحكة التى يقدمها حسن الرداد على سخرية من فيلم \”قبضة الهلالى\” ليوسف منصور نجم الكاراتيه فى بعض أفلام الثمانينيات، ونفس الحال بالنسبة للمشهد الذى قدمته إيمى تقليدا لمشهد رقص ليلى علوى فى نفس الفيلم!

الضحك يتكون من شفرة أو كود يفهمه ويتفاعل معه المتلقى، فإذا لم يفهم الشفرة ولا الإيفيه، يبقى مش حايضحك، لكن المهم فى الموضوع إن أنا ضحكت!

حسن الرداد بيركب بهذا الفيلم قطار قشاش خلعوا قضبانه، وأخشى أن يجرفه النجاح التجارى للفيلم بتقديم المزيد من تلك النوعية التى لا تقوم على أعمدة متينة، وأرجو أن يلاحظ أن كريم عبد العزيز يقف فى مرحلة خطرة يبحث عن صيغة مختلفة يظهر بها لجمهوره، لأن النمط الواحد الذى كان يقدمه قد استنفذ أغراضه، والكوميديا لها أوجه كثيرة وأنماط متنوعة ومتعددة.

طبعا أنت ملاحظ أني لم أتحدث عن فكرة الفيلم، وهى على أي حال فكرة لطيفة، تبدأ بشاب مستهتر يفرض عليه رئيسه أن يتزوج من ابنته، وفى لقائه الأول معها، يدرك أنها بعيدة تماما عن أحلامه، ولا يستلطف أي منهما الآخر، ولكنهما يتعرضان لموقف غريب، عندما يضع شخص ما حقيبة أمامهما ويختفى، ويفاجآن أنها حقيبة مليئة برزم من الأوراق المالية، فيقرران اقتسام الملبغ، ولكن الفتاة تتبرع بنصيبها وقيمته نصف مليون جنيه إلى جمعية لرعاية الحيوان، وتجبر الفتى أن يتبرع هو الآخر بنصيبه لإحدى الجمعيات الخيرية، ولكنهما بعد ذلك يفاجآن بأصحاب النقود يطالبون باستعادة المبلغ الذى وصل إليهما عن طريق الخطأ، أو تنفيذ مهمة اختطاف طفل!

وتبدأ سلسلة من المواقف والطرائف والمطاردات التى تنتج عنها كوميديا، ولابد طبعا أن تقودهما الأحداث إلى حفل للأطفال يسمح لهما بالتنكر والغناء والرقص، ولا مانع من الاختبار من العصابة فى غرفة يحرسها أسد!

مش مهم المنطق، فنحن فى فيلم كوميدى كل شىء فيه مباح، المهم أن تنفجر الضحكات، وكانت قليلة!

إيمى سمير غانم تتمتع بروح مرحة وقدرة على الانطلاق والإضحكاك وتحبها الكاميرا رغم زيادة وزنها، وحسن الرداد يمنح الدور ما يحتاجه وما يفيض عن هذا الاحتياج من قدرات حركية وتمثيلية ولديه قبول وكاريزما، رغم أنه يحتاج فعلا للاهتمام بلياقته لأن لديه استعدادًا للإمتلاء، والمشكلة أنه يستطيع أن يؤدى أدورًا متنوعة ومختلفة، ولكن نجاحه فى تلك النوعية قد تؤدى به إلى التوقف وعدم التطور، وهى نوعية، النجاح فيها خادع، بالإضافة لكونه لا يستمر طويلا!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back To Top