ماجدة خير الله تكتب: النكت العنصرية وابتزاز النجوم السود أفسد بهجة حفل الأوسكار!

 

أشك أن أجواءا مثل تلك، التي عشناها على الفيس بوك \”المصري\” لمتابعة  حفل الأوسكار، قد حدث مثلها في أمريكا، فهناك كل واحد قد جلس وسط أصدقائه أو أفراد أسرته، يتابع القنوات الرسمية التي أذاعت الحفل رقم 88 في هدوء وشبة استقرار، أما نحن أبناء المحروسة الذين حرمنا من مشاهدة الحفل زي بقية خلق الله، لأن أثرياء عالمنا العربي الذين يمتلكون قنوات تليفزونية ويصرفون أموالا باهظة على برامج سخيفة لمحمد سعد ومحمد صبحى، لا يجدون في نقل حفل الأوسكار على الهواء أي قيمة أو فائدة، ولا يستوعبون حتى كم المكاسب المادية والأدبية التي يمكن أن تعود عليهم من  جراء نقل الحفل الذي يتابعة مئات الملايين في العالم العربى، اقول نحن في المحروسة واقصد بنحن فئة عشاق السينما، لم ندخر جهدا واتصرفنا، فأكيد أنت تعرف أو لا تعرف مدى جبروت المواطن المصري، الذي سبق وأن خرم الأوزون، يبقى مش حيعرف يجيب لينكات طازجة لمتابعة حفل الأوسكار؟

وكان للحفل  طعم مختلف لكل من تابعة هنا على الفيس بوك مع  مجموعة من الأصدقاء لا يجمعهم إلا عشق فن السينما، بشغف يقترب من الهوس، بعضهم لا يعرف الآخر مطلقا إلا في العالم الافتراضى، ومع ذلك تبادلنا اللينكات وسهرنا خمس ساعات أحداثها ساخنة، وتوقعات صدق بعضهات وخاب البعض الآخر، وتعليقات  مصرية صميمة تأرجحت بين الجدية والسخرية، واهتمام يفوق اهتمامنا بنتائج البرلمان المسخرة الذي لا يمثلنا مطلقا، أشك أن أجواء مثل هذه قد حدثت أو تحدث في مكان آخر على وجه الأرض، ولكنه الإنسان المصري الذي يستطيع أن ينتزع حقة في الاستمتاع بالحياة بطريقته الخاصة!

وسواء كنت ممن يؤمنون بحق ليوناردو دي كابريو في الحصول على الأوسكار عن دوره في فيلم THE REVENANT   أو كنت من الفريق الذي يؤمن أن ثلاثة من المرشحين الخمسة لجائزة  أفضل ممثل كان أي منهم أجدر منه بالجائزة، إلا أن أمنية أو رغبة ملحة اتفقنا عليها دون أن نتفق بأنه  في حال حصوله عليها، سوف نستريح جميعا من هذا الإلحاح والقلق الذي يحدث في كل مرة يكون اسمه بين المرشحين، وكأنه  العازب الوحيد في عائلة عايزة تفرح بيه وتجوزه وخلاص، وقد حدث فعلا وحصل أخيرا ليوناردو على الأوسكار!

حفل الأوسكار هذا العام، تستطيع بكل ثقة أن تقول إنه الأثقل دما من عشر سنوات أو يزيد، وكان الممثل الأسمر كريس روك مقدم الحفل هو مصدر ثقل الدم، والإفراط في الإفيهات العنصرية السخيفة الممجوجة، الخاصة بتجاهل ترشيح النجوم السود لأي من الجوائز هذا العام، مما دفع بعضهم للتهديد بمقاطعة حفل الأوسكار، فيما يشبه الابتزاز، وربما هذا ما دفع أكاديمية علوم وفنون السينما إلى الاستعانة بأكبر عدد من السود للمشاركة في تقديم فقرات الحفل!

في علم النفس هناك حالة مشابهة تحدث عندما تتعرض فئة ما للاضطهاد وللتجاهل والنكران لفترة طويلة  من الوقت، فإنها تمارس نفس العنصرية والرغبة في إزاحة الطرف الذي كان يوما ما يضطهدها، ولا استبعد أنه خلال أقل من خمسين عاما سوف يعاني المواطن الأمريكي الأبيض من اضطهاد مقيت من السود في أمريكا الذين اصبحوا يشكلون تكتلات اقتصادية ضخمة، تمارس ضغوطا واضحة في كل الاتجاهات!

وقد خلا الحفل من أي فقرات مبهرة أو مبهجة، غير أن الفرجة علىى أزياء نجمات هوليوود ومجوهراتهم كانت بديلا وتعويضا للبهجة الغائبة، واعتقد أن الأكثر أناقة وجمالا كانت تشارليز ثيرون، بطلة فيلم \”ماد ماكس\”، وكان فستان كيت وينسليت الأسود لا يقل جمالا ولا أناقة، فالاسود يليق بها.

أما الجوائز فجاء نصفها مفاجأة، والنصف الآخر متوقعا، وكانت البداية توحي بأن فيلم \”ماد ماكس\” للمخرج جورج ميللر سوف يكون الجواد الرابح في سباق الأوسكار، واستطاع فعلا أن ينتزع 6 جوائز، منها  المونتاج، ومونتاج الصوت، والمكساج والأزياء والماكياج والـPRODUCTION DESINE ، أما جائزة أفضل مؤثرات بصرية فذهبت لفيلم EX MACHINA

وكانت أول مفاجأة غير متوقعة حصول النجمة الشابة \”اليشيا فيكاندر\” على أوسكار أفضل ممثلة مساعدة عن دورها في فيلم \”الفتاة الدانمركية\”، ولم تكن مفاجأة أن يحصل مارك ريلانس على جائزة  أفضل ممثل مساعد عن آدائه الرائع في فيلم \”جسر الجواسيس\” لستيفن سبيلبرج، وكانت أول جائزة يحصل عليها فيلم \”العائد\” هي جائزة  التصوير  التي حصل عليها إيمانويل لوبيسكي، وكان قد حصل العام الماضي على جائزة  أفضل تصوير عن فيلم \”بيردمان\”، وذهبت جائزة  أفضل ممثلة -كما كان متوقعا- للنجمة الشابة \”بري لارسون\”عن دورها في فيلم الغرفة ROOM.

وذهبت جائزة  أفضل مخرج للمكسيكي اليخاندرو كونداليز انتريتو للعام الثاني على التوالي عن فيلم \”العائد\”.

المدهش أن جائزة  أفضل فيلم كانت لفيلم \”سوبت لايت\”، والدهشة هنا ليس معناها أنه لا يتسحق، بل العكس، فإنه يستحقها تماما، وقد تنبأت بذلك عندما شاهدته للمرة الأولى في مهرجان تورنتو في سبتمبر الماضى، لكن الدهشة تأتي من أنه لم يحصل على جائزة  الإخراج كما هي العادة، فجائزة  أفضل فيلم تكون للفيلم الذي يحصل مخرجه على الأوسكار أيضا، ولكن \”سبوت لايت\” حصل على أوسكار أفضل سيناريو أوريجينال، وطبعا كان يستحقها، نظرا لقيمة القضية التي يطرحها وأسلوب معالجتها وتقديمها بأسلوب مشوق وغير مفتعل، والفيلم قد فضح الانتهاكات الجسدية التي مارسها مجموعة من قساوسة الكنيسة الكاثوليكية في مئات الأطفال على مدار ثلاثين عاما، وذهبت جائزة  أفضل موسيقى تصويرية للموسيقار الإيطالي العظيم إينيو موريكون عن فيلم \”المكروهين الثمانية\” للمخرج كونتين ترانتينو، وحصل الفيلم المجري \”ابن شاؤول \” على جائزة  أفضل فيلم غير ناطق بالإنجليزيه،  وهي جائزة  منطقية وكانت متوقعة بشدة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back To Top