ماجدة خير الله تكتب: "أولاد رزق".. يضرب منظومة النجم الأوحد ويقفز للمرتبة الثانية في أسبوع العيد

 

إذا كنت ممن ينزعجون من كلمة أبيحة تطيش كده ولا كده خلال عمل فني، فأحسن لك ما تتفرجش، ولا تخرج من بيتك، لأنك لن تستطيع أن تسيطر على لغة الشارع، التي سوف تصل إلى مسامعك شئت أم أبيت، سواء كان قائلها من ابناء العشوائيات وراكبي التوكتوك، أو من سكان الكومباوندات والمنتجعات.

صارح نفسك بالحقيقة، إن لغتنا العربية، التي كان يقول عنها د. طه حسين عميد الأدب العربي، يُسر لاعٌسر، قد طرأت عليها متغيرات كثيرة وصادمه خلال العشر سنوات الأخيرة، وأن ما كنت تعتبره كلمة خادشة للحياء في زمن ما، أصبحت الآن ضمن نسيج الحوار اليومي العادي التلقائي بين أي اتنين بيتكلموا في أي موضوع، ولذلك فلابد وأن تنتابك الدهشة عندما تعلم أن الرقابة على المصنفات الفنية، اتمطعت وحذفت كلمة \”مفشوخ\” من حوار فيلم \”أولاد رزق\”!

الحكايه ليست دعوة للاستسلام للأباحة، لكن بلاش تييجي في الهايفة وتتصدر، وتعتقد أن حذف كلمه قيلت في سياق منطقي، في فيلم سينمائي، سوف تعدل المايلة، وعشان ترتاح وتبطل تلعب دور الغيور على الفضيلة، اسأل نفسك وأنت تشاهد عملا فنيا: من قائل الكلمة اللي مش عجباك؟ وماهو السياق الذي قيلت فيه هذه الكلمة؟

يعني لما يبقى الكلام بين أربعة من الأشقاء يسكنون في حارة شعبية، ويتكسبون رزقهم من خلال عمليات سرقة مسلحة، ويتعاملون مع تجار مخدرات لا يتفاهمون إلا بالرصاص، يبقى ماتتوقعش أن تستمع إلى حوار راقي وعقلاني، وإلا يبقى فيه حاجة غلط فيك أو في الفيلم!

وإذا كنت بتدخل الأفلام عشان تحصي عدد الشتائم، كما كان جيل الستينيات يدخل فيلم \”أبي فوق الشجرة\” ليحصي عدد القبلات، يبقى أنت البعيد هايف، وسوف تفوتك متعة متابعة أحد أنجح افلام العيد.

أما الذين كانوا يراهنون على أن الجمهور لن يقبل على فيلم \”أولاد رزق\”، نظرا لموقفهم الأخلاقي من مشكلة أحمد عز وزينة، فلاشك أنهم فوجئوا، بأن الفيلم  يحقق يوميا مليون جنيه وكسور، ويأتي ترتيبه الثاني في أسبوع العيد، وإن كنت أتوقع أن يقفز إلى المكانه الأولى، والتفسير أن المشاهد لا يرى على الشاشة أحمد عز، لكنه يتابع رضا رزق الشقيق الأكبر، الذي تولى رعاية أخوته، وعمل على حمايتهم حتى لو عرض نفسه للمخاطر، وهو حسب ما رسمه كاتب السيناريو صلاح الجهيني، شديد الذكاء والقدرة على رسم الخطط الجهنمية، التي تسمح لعصابته الصغيرة المكونة منه ومن بقية أشقائه بتحقيق مكاسب دون إراقه دماء، حتى إنه يرفض تماما أن يطلق الرصاص على محمد لطفي، الذي كان يمكن أن يدمره هو واشقائه في لحظة!

الجمهور لا يهمه أن يتفرج على ممثل بيأدي العمرة كل يوم، أو في راسه زبيبة، بينما يقدم عملا فنيا رديئا، فتقواه أو فجوره أمر يخصه، وجزاؤه عند الله، ثم والأهم من ذلك أن فيلم \”ولاد رزق\” لا يقدم أحمد عز بمفرده، لكن يشاركه البطولة مجموعة من الموهوبين بحق، لعبوا أدوارهم بدرجة عالية جدا من الحرفية والتميز، منهم أحمد الفيشاوي وأحمد داوود ومحمد ممدوح وسيد رجب وكريم قاسم وعمرو يوسف \”يحتاج للعناية بحجمه\”! بالإضافه إلى نسرين إمام..إننا أمام مباراة في التمثيل.

يعتبر الفيلم العودة الحقيقية لطارق العريان لعالمه السينمائي، بعد أن أسقطنا من الذاكرة \”أسوار القمر\”.

يلعب السيناريست مع المتفرج الذكي لعبة التوقعات، فكلما خطر على باله طريقا للخروج من المأزق، فوجىء بإنقلابات وشقلبظات في الأحداث، عندما تضعها جانب بعضها البعض، تكتشف أنها منطقية جدا، ثم أنه – أي السيناريست – يضرب كل ما تعود عليه المشاهد في العلاقة بين ضابط الشرطة والخارج على القانون، فهناك في الحياة الفاسد، وهناك الأكثر فسادا، لأنه يشكل خطرا حقيقياعلى المجتمع.

فيلم \”أولاد رزق\” يضرب منظومة النجم الأوحد، ويتميز من بين عناصره الفنية كاميرا مازن المتجول وموسيقى هشام نزيه.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back To Top