(٢٠٠) كلمة مع ماجدة خير الله:
كنت أنتوى أن أكتب مقالي هذا عن مسلسل آخر، ولكن متابعة حلقة اليوم من مسلسل \”أفراح القبة\” غيّر جدولى.
فى الحقيقة، هذا المسلسل غير مسبوق فعلا، بهذا الكم من الشخصيات الغريبة التى لم تجتمع فى عمل فنى من قبل، وهنا يجب أن يجيب أحد عن هذا السؤال الملح، الذى يقفز فى أذهام من يتابعون المسلسل، عمن يكون كاتب السيناريو الذى صاغ تلك الشخصيات، وتلك الأحداث المتشابكة، واستخدم أسلوب سرد لم نشاهده فى عمل تليفزيونى سابق؟
طبعا سمعت أن محمد أمين راضى هو كاتب الخمس عشرة حلقة الأولى، بمعنى أنه هو واضع بذرة الشخصيات، وهو من نحت ملامحها الداخلية والخارجية بعناية، وصاغ الحوار الصادم على ألسن معظم الشخصيات، وطبعا بعيدا عن الحق الأدبي، وأن ما يحدث من عدم ذكر اسمه، هو اعتداء واضح على حق المؤلف، ولا يكفي تبرير أنه هو من طلب رفع اسمه من على التترات، فأى اختلاف أو حتى خناقة بين السيناريست والمخرج، أو شركة الانتاج، لا يعطى لأيهما الحق فى رفع اسم المبدع الذى خلق -من العدم- شخصيات سوف تبقى فى الذاكرة طويلا، وخاصة أن لا وجود لها فى رواية نجيب محفوظ!
هذا ما يخص اسم كاتب سيناريو الحلقات التى نشاهدها، وقد عرفناه، ولكن السؤال الأصعب؛ من هو مؤلف المسرحيه التى يعرضها المسلسل؟!
عذرًا.. اعرف أنه عباس كرم \”محمد الشرنوبى\”، ولكن عباس كيف له أن يعرف كل تلك التفاصيل التى قدمها فى المسرحيه؟!
وإذا قلنا إنه كان طول عمره يعيش فى كواليس المسرح؟ وقد يكون تنامى إلو مسامعه بعض الحكايات هنا وهناك، ولكن كيف له أن يعرف تفاصيل ما حدث فى منزل تلك العائلة الملعونة غريبة الطباع والأطوار، التى تنتمى لها حبيبته وزوجته تحية \”منى كى\”، وخاصة أن تحية نفسها لم تكن طرفا فى كثير من الأحداث الشائكة والدامية التى تعرضت لها شقيقتيها وأمها، وانتهت بتلك المأساة، التى دفعت زوج سنية \”أحمد السعدنى\”، للهرب من السجن لينتقم من حماته سوسن بدر وابنتها وعشيقته الغادرة دينا الشربينى، ويحرق منزلهما ويقف ليتابعهما والنار تأكلهما، ثم يغلق باب الشقة بالمفتاح، ليمنع أى محاولة لإنقاذهما، ويرحل فى هدوء!
فى الحقيقة، هذا مشهد لم يحدث فى أى عمل فنى عربى أو أجنبى، وقد رفعت قيمته نظرة سوسن بدر المتحدية، وكأنها لا تهاب الموت، رغم كل سوءات شخصيتها وتشوهها الجسدى والنفسى، ولكن إذا حاولت تفسير تلك النظرة، وهذا الموقف، والصلابة فى مواجهة الموت فى أبشع صوره، فربما تكون الإجابة أنها تعلم أنها لم تكن تستحق نهاية أفضل من تلك، فقد دمرت حياة بناتها الثلاث، وجعلت منهن دمى رخيصة تلعب بمقاديرهن كيفما شاءت.
أما ابنتها دينا الشربينى، فهى الوحش الصغير الذى تضخم ليبتلع كل شىء. ويظل السؤال فى حاجة إلى إجابة: كيف عرف عباس كرم تلك الأحداث التى تضمنتها مسرحيته؟!
على فكرة، الإجابة مهما كانت، فلن تقلل من روعة العمل.